الرهاب الاجتماعي والخجل منذ الصغر
2013-04-21 06:04:20 | إسلام ويب
السؤال:
أشكر لكم ما تقدمونه من جهود لخدمة الناس.
سوف أشرح حالتي، وأرجو أن ﻻ يكون الجواب بإحالة إلى طبيب مختص؛ لأني لن أذكر له أكثر مما ذكرت هنا، وكلي ثقة أن أحصل على ما يفيدني من هذا الموقع الرائع.
أنا شاب أعاني من بعض الرهاب الاجتماعي والخجل منذ الصغر، فأنا تعودت منذ الصغر أن ﻻ أختلط بالناس كثيرًا، لدي اختلاط، لكنه قليل ﻻ يتعدى حدود الدراسة، كبر معي هذا الرهاب حتى الآن، وإن كان ليس بتلك الشدة.
من أسباب ذلك: سوء تقدير المواقف والكلام؛ نتيجة قلة الخبرة في العلاقات الاجتماعية، فأقع في مواقف ﻻ أحسد عليها، وألاقي التأنيب، فأكون محل استهزاء وسخرية البعض، وكذلك ضعف جسدي الذي يوهن من شخصيتي أمام الناس، وهذا وإن كان يقع لأكثر الناس، لكن لفرط حساسيتي تأثرت وكان أن التجأت إلى الانطواء، ثم إني عشت فترة طويلة في عزلة تكاد تكون كلية، مما سبب لي اكتئابًا، فأصبحت متقلب المزاج جدًا، فأحيانًا أكون نشيطًا، وهذا نادر، وغالبًا ما أكون صامتًا ﻻ أود أن أتكلم بكلمة، ولذلك: ﻻ أحب الاختلاط وتكوين العلاقات؛ لأني أظن أني لست بمستعد لها، وأحيانًا أشعر بأني دون الناس جميعا، وقد تعسرت بعض الأمور لدي مما جعل حالتي النفسية سيئة جدًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن شرحك واضح جدًّا لحالتك، فأنت فعلاً تعاني من رهاب اجتماعي، وربما يكون الخجل الفطري الذي لديك، وكذلك أعتقد أن لديك درجة من الحياء، هذه الثلاثة تجمعت وجعلتك تعيش هذا الوضع النفسي السلبي - وكما ذكرت وتفضلت - سمات شخصيتك منذ البداية تحمل صفات الحساسية، وهذا جعلك تكون أكثر انزواء؛ لأنك فرضت رقابة صارمة على تصرفاتك، وخوفك من الاستهزاء والسخرية من جانب الآخرين، وهذا أعتقد أن فيه شيء من سوء التأويل، هو الذي جعلك تعيش هذا الوضع النفسي الذي تعيشه الآن.
أيها الفاضل الكريم: هنالك وسائل لتغيير هذا الوضع، أهمها: أن تبدأ بتصحيح مفاهيمك أولاً، لا أعتقد أن هناك أحدًا يستهزئ بك أو يسخر منك، هذا مفهوم خاطئ - أيها الفاضل الكريم - وحتى إن بدر مثل هذا التصرف السلبي من جانب أحد، هذا الإنسان لا بد أن يكون فيه الكثير من النواقص – مع احترامنا لجميع الناس – ومثل هؤلاء لا يُلتفت لهم، ولا يتخذهم الإنسان أخلة أو أصدقاء.
فتصحيح هذا المفهوم مهم جدًّا، ومن الضروري أيضًا أن تؤكد لنفسك – وهذا أيضًا تصحيح مفهوم – هو أنك لست مراقبًا من قبل الآخرين، هذا كلام ليس صحيحًا أبدًا.
الأمر الآخر: أن تعرف أن الله تعالى قد استودع فيك طاقات موجودة، لكنها قد تكون مختبئة، طاقات للتفاعل الاجتماعي، طاقات لاكتساب المعرفة، طاقات لأن تنظر للحياة نظرة إيجابية، فحاول أن تتدبر أمرك وتُخرج هذه الطاقات، وخذ القدوة القرآنية أمامك {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فيجب أن تستفيد من طاقاتك المستودعة في نفسك.
أيها الفاضل الكريم: ضع برامج يومية، برامج لإدارة الوقت، وهذه البرامج يجب أن تشمل أمورًا محددة، اكتب في هذه البرامج (ماذا سوف تقوم به في الصباح؟ بعد ذلك في الضحى، في الظهر، العصر، المساء) يجب أن تكون هنالك رزمة من الأنشطة العملية وكذلك الترفيهية، وأن تخصص وقتًا للرياضة، ووقتًا للعبادة ووقتًا للتواصل الاجتماعي.
الأمور يجب أن تكون محددة ومنضبطة، الشخص الحساس دائمًا قد يلجأ للتراخي؛ لأنه ليس لديه آليات الضبط على نفسه، وآليات الضبط والرقابة الحقيقية والإنجاز لا تأتي إلا من خلال حسن إدارة الوقت، أن ألزم نفسي بأشياء معينة ولا أنقاد لمشاعري السلبية، إنما أنقاد لإنجازاتي وأفعالي، وهذا سوف يُبدد المشاعر السلبية ويجعلها مشاعر إيجابية جدًّا.
العلاج الدوائي نحن أيضًا نراه جزئية مهمة لعلاج مثل هذه الحالات، فكيمياء الدماغ قد يحدث فيها تغيرات تؤدي إلى الاكتئاب والقلق والمخاوف والوسواس، وهذه تُصحح من خلال العلاجات الدوائية، وبفضل من الله تعالى الآن لدينا أدوية ممتازة جدًّا ومتوفرة.
فإن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي فسوف يتخير لك الدواء الجيد والصحيح، وإن لم تستطع أعتقد أن عقار (باروكستين) والذي يسمى تجاريًا باسم (باكسل) في أمريكا سيكون دواء جيدًا لك.
الجرعة هي: أن تبدأ بعشرة مليجرام، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرين مليجرامًا – وهذه استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد.