لا أريد الزواج بغيره رغم رفض أبي له
2013-05-06 12:06:15 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 21 سنة، من فلسطينيي الـ 48، عشت في بيت فيه توافق بين الأب والأم, أبي يعمل مدرسا، وأمي ممرضة، وأنا البنت البكر، مشكلتي هي أنني لست قريبة من أمي, صحيح أن أبي يحبني ويدللني كثيرا، ولكن هناك أمور أحببت أن أحكيها لأمي، ولكني لم أستطع.
كان هناك شاب يأخذ معنا كورسا بعد إنهاء المرحلة الثانوية للقبول إلى الجامعات(خاص بدولة إسرائيل) لم أكن أنظر إليه حتى من الخجل، وبعد أن حصل على إيميلي تطور الأمر, لقد كان الكل ينتقدني لشدة خجلي في الأمور العامة في الحياة، لذا لا أدري كيف أحببت هذا الشاب وقبلت التكلم معه، وهو يكبرني بـ 4 سنوات، بعد فترة طلب هاتف أبي ليطلبني ولم أوافق؛ لأنني كنت أعرف أن أبي لن يزوجني في سن الـ 18، وبعد مرور 4 سنين على هذه العلاقة وبعد أن دخلت الجامعة، وهو لم يدخلها رغم محاولته، لظروف أهله المادية، فهو كان المعيل، وهو حاليا مدير لمحطة بنزين, قررنا أن نتوب وألا نتكلم مع بعضنا حتى يوافق أبي, في اليوم التالي (أي قبل سنة من اليوم) استجمعت كل قواي حتى أتكلم مع أبي أنني على علاقة مع شاب ونريد بعضنا بالحلال, صعق أبي وتوقعت أن يضربني، ولكن من شدة العصبية ومن شدة حبه لي سكت لدقيقة ثم تكلم, قال لي: أولا الشاب ليس من بلدنا (بعيد عنا 5 دقائق) ثانيا: ليس متعلما -رغم أنه مثقف- ثالثا: حالته المادية سيئة، رابعا: أهله ليسوا بمستوانا من ناحية العلم ومن الناحية المالية، ومن ناحية نظرة المجتمع لهم ولنا, وقال لي: إن فكرت جيدا في هذا الموضوع سأعرف أنه على حق، وهذه المحادثة كان الشاب على علم بها؛ لأنها مصيرية، وبعدها لم نعد نتكلم، أمي أيضا لم أكلمها في الموضوع، فقد كلمها أبي وقد كانت ترفض الشاب أكثر من أبي؛ لأنها تريد (حماة) على مستواها، لا أتذكر أنها ضمتني يوما، ولا أتذكر أنها خففت عني، ولكن أذكر أنها حملتني في بطنها تسعة أشهر.
منذ سنة وحتى الآن تكلمت حوالي 5 مرات في فترات متقاربة مع أبي حتى أقنعه، ولكنه دائما يرد بالرفض ويقول لي: (على جثتي! تريدين أن تفضحيني ويقول الناس أني أريد أن أناسب هؤلاء؟ انسيه) وحتى الآن لا أريد نسيانه، علما أنني لا أتكلم معه، وأسرق أخباره من ناس قريبين منه، وعرفت أنه لم يخطب حتى الآن، علما بأن أخاه الأصغر خطب فتاة قبل شهرين, وفوجئت قبل ثلاثة أشهر أنه اتصل بأمي، وطلب منها أن تسمح له فشرب فنجان قهوة حتى يطلب يدي، فرفضت، وقبل أسبوعين بعث لي رسالة يقول فيها إنه اشتاق إلي، وسألني إذا حصل شيء جديد مع أبي، فقلت له ما جرى, لقد خجلت أن أسأله هل سينتظرني أكثر، وهذا كان آخر كلام بيننا.
أنا حقا لا أستطيع نسيان رجل تكلمت معه وانكشفت عليه، ليس بالمعنى الجسدي، ولكنه كان يعرف كل شيء عني، لا أستطيع نسيانه لأجل كبرياء أبي وخجله من المجتمع، فأنا لست خردة, قلت لأبي: إنني عاهدت نفسي أن أبقى بلا زواج، حتى لو تزوج هذا الشاب، وافق وقال لي: إن كنت تريدين هذا فأنا موافق، ولكنك ستعيشين تحت عذابي وعدم رحمتي، رغم أنه في قرارة نفسه يظن أنني سأنسى هذا الشاب وسأوافق على طلبه بالزواج من آخر, والله لم أترك أحدا إلا وسألته عن أخلاق الشاب، كلهم قالوا إنه محترم ومطيع لوالديه ويصلي الصلوات.
عذرا على الإطالة، ولكني حتى بعد صلاة الاستخارة أشعر بشيء يجذبني نحوه، إني أحبه بجنون, فما السبيل لإقناع أبي؟ وهل آثم إذا بقيت من دون زواج؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا التواصل وحسن العرض لهذه المشكلة، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ولا نرضى لك أن تظلي بلا زواج، لأن المرأة لا تكتمل أنوثتها إلا بهذه الأمومة وبالزواج الذي شرعه الله تبارك وتعالى، فللنساء خُلق الرجال، وللرجال خُلقن النساء، والإنسان يستكمل نصف دينه بهذا الزواج الذي يعفّ به نفسه ويكثّر به الذرية التي يفرح بها رسولنا -عليه صلاة الله وسلامه– الذي يفاخر ويُكاثر بنا الأمم يوم القيامة.
أعجبتني عبارة قولك عن الأم أنها حملتك تسعة أشهر، وهذا ينبغي أن يكون بابًا للاعتراف بفضلها والاقتراب منها وحسن التواصل معها، ونؤكد لك أنها تحبك، فأنت خرجت من بطنها، وأنت جزء منها، ولكن لا بد أن تُزيلي هذا الحاجز الوهمي، ونحن على قناعة أن الفتاة في هذه المرحلة العمرية تقترب من والدها أكثر، ولكن ذلك لا يعني أن تقصر في حق الأم، فإذا كان هناك ولد ذكر في هذه السن فإنه يميل إلى الأم، والأنثى تميل إلى أبيها، وهذا جزء من طبيعة المرحلة العمرية التي كنت تمرين من خلالها.
لا شك أن هذه العلاقة مع هذا الشاب لم تكن لها قاعدة شرعية ولم تكن لها مظلة شرعية، ولذلك هي من الخطورة بمكان، لأن البدايات الصحيحة تُوصل إلى نتائج صحيحة، وعلى كل حال فإنا ندعو الشاب وندعوك إلى تفهم هذا الذي حدث من إشكالات، وندعو الشاب إلى أن يُكرر المحاولات، ويتوجه إلى رب الأرض والسموات، ويأتي بالدعاة وأصحاب الوجهات حتى يساعدوه في إقناع الوالد، ونحن طبعًا على قناعة أن النجاح في الرجل في صلاته وفي دينه وفي تحمله للمسؤولية، وفي نجاحه في التواصل بين الناس، فإذا أشاد الناس بالشاب وأجمعوا على ذلك فهذا دليل على أن فيه خيرا كثيرا.
وحقيقة كم تمنينا لو أن مثل هذا السؤال طُرح علينا قبل أن تبادري، فإن الطريقة التي عرضت بها الأمر على الوالد طريقة تدعوه إلى أن ينفر وإلى أن يرفض، لأن ذلك عنصر مفاجئة، ولأن العلاقة أيضًا بدأت في الخفاء، وهذا فيه مساس لكرامة الأسرة وبكرامة الوالد، ويجعله يرفض، لأنه آخر من يعلم، مع قُربه الشديد منك، ولذلك هذه المسألة لها أثر كبيرًا جدًّا فيما يترتب بعدها، وأرجو أن تهتمي أيضًا بما يقوله الوالد وما تقوله الوالدة، وتحاولي إقناعهم، وعليك بحسن البر لهم، ونتمنى أن تجدي من الخالات والعمات والعاقلات والفاضلات من يستطيع أن يتكلم بلسانك أو تتكلم بلسانك، لأن الكلام في هذه المسائل إذا أُوُكل إلى أمثال هؤلاء فإنهم يُحسنون عرض المسألة، ويحسنون نقاش الوالد والوالدة في هذه الأمور.
على كل حال: نحن نتمنى أن تتوقف هذه العلاقة، وأرجو ألا تضيعي الفرصة إذا جاء صاحب دين وصاحب خلق ترضاه الأسرة، واعلمي أن مسألة الإعجاب التي كانت ومسألة الحب الذي تمدد في الخفاء وتمدد في إطار غير شرعي لا يؤسف عليه كثيرًا، لكون المسألة كانت مخالفات شرعية لآداب هذه الشريعة، ورغم قناعتنا بمرارة ما يحصل وبصعوبة الموقف عليك وعليه، إلا أن الاستمرار في علاقة يرفضها الوالد وترفضها الوالدة هو الأصعب، وهو الأخطر على مستقبل هذه الأسرة الوليدة.
عمومًا نحن ندعوك إلى النظر للموضوع بكافة جوانبه، ثم بعد ذلك أرجو أن يُشارك العقلاء والفضلاء في المسألة، وعليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يهيأ لك هذا الرجل، وأن يعينك على إقناع أسرتك إذا كان فيه خير، هو ولي ذلك والقادر عليه.