أعراض القلق والتوتر تدل على وجود قلق مخاوف وسواسي بسيط
2013-07-03 01:16:44 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود بداية أن أشكركم على الجهود التي تبذلونها لخدمة المرضى، وأدعو الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.
مشكلتي تتلخص أنه قبل شهر ونصف، قمت بعملية زراعة سن من معدن التيتانيوم في فكي، وقد وصف لي الدكتور حينها دواء (فلاجيل) و(أموكسلين) كي يمنع البكتيريا الهوائية واللاهوائية، إلا أنه لم يصف لي دواء للمعدة، وقد تناولت الدوائين لمدة أربعة أيام، ونظراً لأني كنت أعمل حمية وقتها، فقد أدت إلى مفعول ملين واضطراب في المعدة ودوخة وتغيير في طعم الفم، وعندما بحثت في النت وجدت أن هذه الأعراض من الفلاجيل، لذا توقفت عن تناوله بعد أربعة أيام، وفي اليوم الخامس صرتُ أعاني من إسهال وألم في البطن، عزز ذلك أني صرتُ أقرأ عن الحساسية من التتانيوم، وقرأت بعضاً من تجارب الناس الذين زرعوا سنا من هذا المعدن، وكيف أنه سبب لهم بعض الاضطرابات في الهرمونات، وأن أحدهم كاد يفقد عقله لولا أنه قام بإزالة هذا المعدن من فكه.
وبعد أن جاءني ألم في البطن وإسهال أصبت بحالة هستيرية غريبة، وددت حينها إيذاء نفسي كي أتخلص منها، إلا أني حملتُ قدمي وتوجهت للمستشفى ووصفوا لي إبر وحبوب بسكوبان، ولتخفيف التوتر والاضطراب وصفوا لي إبر نيوروبيون.
تحسنت حالتي النفسية والجسدية كثيراً بعد هذه الحالة، إلا أنه ظلت لدي أعراض لأكثر من ثلاثة أسابيع لم تتحسن، وهي: عدم الاتزان في المشي، حيث صرت أميل إلى السقوط أو كأنني أمشي على إسفنج، وكانت الرؤية عندي كحال من بدل عدسات نظارته.
ذهبت بعدها إلى أخصائي أنف وأذن وحنجرة، وشرحتُ له مشكلتي وقام بالكشف على حلقي ووجد التهاباً بسيطاً فقام بإعطائي إبرتين cefaxone ونيوروبيون ودواء بيتاسيرك، وقد تحسنت بنسبة خمسين في المائة، ثم عدت للدكتور وكتبهما لي مرة أخرى، إلا أني بحثت في النت ووجدت أن هذه الأدوية يجب أن تؤخذ على مدى ثلاثة أيام متواصلة على الأقل، لذا قمت بأخذ الجرعة الثالثة بنفسي بدون علم الدكتور ظناً مني أنها ستعالج المشكلة تماماً، إلا أني أصبت بخوف شديد عندما أخذتهما بنفسي، وصرتُ أترقب عواقبهما في بطني، لذا صرتُ بعدها أتوهم أن بطني أصابه شيء ما، فصارت تأتيني لوعة واضطراب وتوتر وقلق، سرعان ما تختفي عندما أشرب سفن آب وآكل جيداً.
الاضطراب والقلق والتوتر زاد عندما قمت بعمل تقويم لأسناني السفلية، والتي سببت لي جروحاً في خدي الداخلي مما يجعل الدم ينزل إلى بطني ويسبب لي إسهالاً آخر -كما أعتقد- حتى صرت مكتئباً؛ مما جعلني لا أتحمل هذه الحالة، على الرغم بأني أخذت أقنع نفسي بأني بصحة جيدة ولو أني بي شيء ما لحدث فعلاً، لذا توجهت إلى طبيب نفسي، وعندما شرحتُ له الأعراض التي أعاني منها، وصف لي دواء فيفارين وقال: بأني أعاني من وسواس قهري، والغريب في الأمر أني تحسنت كثيراً بعد هذا التشخيص، بحيث لم أشرب الدواء نهائياً، خاصة أني خفت كثيراً منه ومن أعراضه الجانبية التي تسبب الاضطراب والتوتر، كما أن العلاج به طويل جداً يصل إلى سنة كاملة.
فهل أنا أعاني من نقص في هرمون ما؟ حيث أني أتحسن كثيراً بعد الأكل وشرب المواد التي تحتوي على جرعات عالية من السكر، أو أن الوسواس الذي بي أثر على القولون العصبي لدي وصار عندي إسهال واضطراب وقلق؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رحلتك العلاجية التي بدأت بعملية زراعة السن من معدن (التيتانيوم) وما أعقبها بعد ذلك من تطورات طبية، وأهمها كان التأثير السلبي لعقار (فلاجيل) وما حدث لك من أعراض جانبية معروفة جدًّا لهذا الدواء، بالرغم من أنه دواء فعّال وسليم جدًّا، وخلاصة ما وصلتُ إليه واستخلصته من رسالتك أنك إنسان -ما شاء الله- مدقق، وتحسب الأمور حسابًا دقيقًا، خاصة ما يتعلق بصحتك الجسدية، وأعتقد أن لديك درجة من المخاوف ودرجة بسيطة جدًّا من الوساوس.
أيهَا الفاضل الكريم: لا أريدك أبدًا أن تعتبر نفسك مريضًا، فأنت لست مريضًا أبدًا، نحن في زمان كثرت فيه الأمراض وكثرت فيه التأويلات وما يُكتب هنا وهنالك، هنالك ما هو صحيح، وهنالك ما هو مغلوط، وهذا جعلنا نعيش في وضع يفتقد الاستقرار فيما يخص المعلومات الطبية والنفسية؛ مما أدخل الناس في كثير من القلق والمخاوف المرضية.
أنا أؤكد لك حقيقةً هامة جدًّا، وهي: أن كل الذي بك هو نوع من قلق المخاوف الوسواسي البسيط، وهو مبرر؛ لأن الإنسان يخاف على نفسه بطبعه، والإنسان إذا كان حسّاسًا أو له تجارب طبية سلبية فيما مضى، أو سمع عن تجارب طبية لم تكن مآلاتها جيدة، هذا قد يولّد لديه أفكارًا معرفية داخلية تؤدي إلى التوتر والقلق وشيء من الوساوس.
سؤالك: هل أنا أعاني من نقص في هرمون ما؟ لا أعتقد أنك تعاني من نقص في أي هرمون ما، هنالك بعض النظريات التي أثيرت حول الأعراض النفسية، وما هو منشأها؟ هنالك النظرية البيولوجية التي تقول: إنه ربما يوجد نوع من الاضطراب البسيط فيما يُعرف بالموصلات العصبية، وهي مواد كيميائية موجودة في الدماغ، من أهمها مادة (نورأدرينالين) وكذلك مادة (سيروتونين) ومادة (دوبامين).
النظرية التي وضعت هي نظرية افتراضية، لم يُثبت بصورة قاطعة دقتها، لكن هنالك مؤشرات مقنعة جدًّا أن اضطراب هذه المواد الدماغية، وهذا الاضطراب لا يعرف كينونته أو كيفيته، هنالك من يقول أنه عدم توازن، أو ضعف في الإفراز، المهم الذي تم التوصل إليه أن هنالك أدوية تعمل على تنظيم هذه المواد، ومنها عقار (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين) اتضح أنها مفيدة جدًّا في قلق الوساوس وكذلك المخاوف.
قطعًا موضوع الموصلات العصبية لا يمكن قياسها أثناء الحياة، كل المؤشرات التي توصل إليها العلماء كانت من خلال نوع من التصوير الدماغي الدقيق جدًّا، أعطى مؤشرات ثانوية وليست مؤشرات مباشرة على نقص هذه المواد، كما أن إفرازاتها الثانوية تم قياسها في مختبرات دقيقة ومتقدمة جدًّا، اتضح أن الإفرازات الثانوية بها نقص أو خلل، فلا تشغل نفسك بهذا الموضوع.
أنا سعيد جدًّا أنك -الحمد لله تعالى- تحسنت أحوالك، وأؤكد لك أن الفافرين دواء سليم وسليم جدًّا، وأقول لك: إن أعراض الجهاز الهضمي التي أتتك لعب فيها القلق والتوتر دورًا، نعم الـ (فلاجيل) قد يُسبب بعض الآثار الجانبية السلبية، لكن ليس بهذه الدرجة التي عانيت منها، فأرجو أن تكون مطمئنًا، أعراضك -إن شاء الله تعالى– بسيطة، حاول أن تصرف انتباهك عنها، أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب أن يكون الإنسان منظمًا لوقته، منظمًا لغذائه، حريصًا على عباداته، يصل رحمه، ينفع نفسه وغيره، يتميز في مهنته، ويبحث دائمًا أن يتحصل على المعرفة من مصادرها الصحيحة.
النوم المبكر هو أحد شروط الحياة الصحية، والحياة الصحية أيضًا تتطلب أن يقوم الإنسان بفحص دوري لدى طبيبه، هذه الفحوصات قد تكون مرة واحدة كل أربعة أشهر مثلاً، هذه بالنسبة للفحوصات الجسدية، وفحص الإنسان تكون مرة واحدة كل ستة أشهر مثلاً، هذا نظام جيد وهو معمول به في كثير من الدول الغربية.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.