منعزلة عن الآخرين وأتحسس من نظرتهم بأني مريضة نفسيا!
2013-06-23 05:43:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أعاني من الرهاب الاجتماعي، والعزلة وعدم التواصل مع الآخرين والاكتئاب، وظل هذا المرض النفسي معي منذ خمس عشرة سنة، وكنت أتمنى موتي، فلا أجيد التحدث مع الآخرين حتى أني منعزلة عن إخوتي وأهلي، فدائماً أبقى صامتة في جميع المناسبات.
الآن لدي رغبة في تغيير حياتي، أصبحت أفكر جيداً أني لا يمكنني العيش هكذا طيلة حياتي، لكن كيف سأتغير وأتقبل رأيهم عني؟ أنا أتحسس من نظراتهم بأني مريضة نفسياً، وهذا ما يزيد من تعقيد المشكلة، وما وصلت لهذه الحالة إلا لعدة أسباب جعلتني منعزلة عنهم، ومعقدة وأتحسس من أي كلمة عني، فشخصيتي حساسة.
أرجو منكم نصحي للخروج من هذه الحالة، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
من أهم الأشياء التي يجب أن يعلمها الإنسان ويُدركها إدراكًا تامًا، أن الإنسان بحكم تكوينه لديه مصادر قوة ومصادر ضعف، هذا موجود لدى جميع البشر، لا أحد يستطيع أن يدعي أنه مكتمل أو أنه يحمل سمات استثنائية، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه كله فشل ويفتقد الفعالية، وليس له أي سمات إيجابية.
المشكلة تأتي فيما نسميه بتقدير الذات، بعض الناس لديهم مبالغات في تقدير ذواتهم، هنالك من يحكم حكمًا سلبيًا مطلقًا على ذاته، وهنالك من يحكم حكمًا إيجابيًا مطلقًا على ذاته، وكلاهما مخطئ.
الذي يتضح لي أن مفهومك حول ذاتك سلبي جدًّا، وتواصل وتكرار الضربات السلبية الفكرية على الإنسان تجعله يحس بالاكتئاب، وعلماء النفس خاصة الذين ينتمون إلى المدرسة المعرفية، اتفقوا تمامًا أن الاكتئاب كثيرًا ما يكون من صنعنا، وذلك لأن أفكارنا سلبية مشوهة ومستحوذة مسيطرة علينا، نقبلها كما هي، لا نناقشها ولا نرفضها، نستسلم لها.
فيجب أن تنتبهي لهذا المنهج العلمي، وهو تفسير صحيح ورصين، ويعجبني كثيرًا، وكل من يلتفت لهذه الحقيقة –أي حقيقة أننا أحيانًا نقيم أنفسنا سلبيًا– يستطيع أن يتحسن كثيرًا، وذلك من خلال إعادة تقييم ذاته بصورة منصفة، يعرف إيجابياتها ومصادر قوتها، ومصادر ضعفها، ولا يتعامل مع هذا الضعف بشيء من الكارثية أو كأنه مصيبة، لا، الضعف يُعالج من خلال الرويّة والاستبصار وإصلاح الذات، فأنت سبب انعزالك ناتج من تقديرك السلبي لنفسك، أرجو أن تتدبري وتتفكري وتتأملي في ذاتك بصورة أكثر شفافية ومصداقية، وتكوني منصفة مع ذاتك، لا تحقري نفسك أبدًا، الحق عز وجل كرم الإنسان، وما دام الله تعالى قد كرمنا فيجب أن نكرم أنفسنا بأن نعترف بمقدراتنا، وأن نغير ذواتنا من خلال الطاقات التي استودعها الله تعالى فينا، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
بعد أن تقيمي ذاتك وتفهميها فهمًا صحيحًا، اسعي لتطويرها، وتطويرها يكون من خلال: حسن إدارة الوقت، لأن الذي يُدير وقته يُدير حياته، وأن لا تحكمي على نفسك بمشاعرها السلبية، إنما تحكمي على نفسك من خلال أفعال وأعمال إيجابية في حياتك.
من يتهمك بأنك مريضة نفسية هذا مخطئ، ويجب ألا تقبلي الأحكام التي يُلصقها بعض الناس بآخرين، لأنه ليس لهم حق في هذه الأحكام، وكل من يصدر منه حكم سلبي على شخص آخر أعتقد أن به نقصا في ذاته.
أثبتي ذاتك من خلال الرصانة في كل شيء، في المعرفة والعلم، في التواصل الاجتماعي، في بر الوالدين، الحرص على أمور الدين، أنت يمكن أن تكسري حلقة الانعزال هذه من خلال الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، والمشاركة في الأعمال الخيرية والأنشطة الثقافية، هذا يمثل دافعًا حيويًا ممتازًا جدًّا بالنسبة لك، فاحرصي على هذا، وأعتقد أن في ذلك خيرا كثيرا لك.
حساسية الشخصية يتم التخلص منها من خلال:
أولاً: يجب أن نحسن الظن بالناس.
ثانيًا: يجب أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد.
ثالثًا: يجب أن نفرغ عن أنفسنا من خلال التعبير عن ذواتنا، ولا نترك الأشياء الصغيرة تحتقن داخلنا، التعبير عن النفس في حدود الذوق والأدب دائمًا أمر جميل وفيه تحفيز ومكافأة داخلية عظيمة جدًّا للإنسان.
هذا هو الذي أنصحك به، وإذا كان هناك جانب اكتئابي مطبق بالنسبة لك، فليس هناك ما يمنع أن تقابلي طبيبًا نفسيًا، يمكن أن يعطيك أحد محسنات المزاج مثل عقار (بروزاك) الذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين)، دواء جيد وسليم وفاعل وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية أبدًا، وجرعته هي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عن تناوله.
باركَ الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.