الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ bouchra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك: فإنه مما لا شك فيه أن هذه المعاصي التي وقعت فيها ليست من المعاصي الهينة، خاصة وأنك مارستها منذ فترة طويلة وأنت كنت في سنٍّ صغيرة، ووالدك – سامحه الله – كان له دورًا كبيرًا في هذا الأمر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يغفر له وأن يتوب عليه، ولقد عاقبك الله تبارك وتعالى عن هذه المعصية بهذه المشاكل كالوحدة والعصبية والانعزال، وكذلك أيضًا كثير من الآلام، وأوجاع القلب، والاكتئاب، والقنوط، والانطواء والعزلة، كل هذه عبارة عن صور من صور شؤم المعصية التي وقعت فيها، ولأن رحمة الله تبارك وتعالى قد أدركتك، وفتح الله تبارك وتعالى باب التوبة أمامك، ونبّهك وأيقظك من غفلتك حتى رجعت إليه، وحتى أحسست بالندم الشديد على هذه المعصية، واحتقارك لنفسك، وكيف أنك تجرأت على الله تبارك وتعالى ولم تستحي منه، حتى ترتب على هذا الشعور الرائع أن توقفت نهائيًا عن هذه المعصية.
وأحب أن أبشرك بأن هذه كلها من علامات قبول التوبة، لأن التوبة لها أركان، من أهمها:
أولا: التوقف عن الذنب فورًا.
ثانيًا: الندم على فعله.
ثالثًا: عقد العزم على ألا يعود الإنسان إلى الذنب مطلقًا.
رابعًا: أن يكون قد ترك الذنب حياء من الله وابتغاء مرضاة الله، لأن مجرد ترك الذنب ليس توبة، وإنما هو توقف عن المعصية، إلا أنه ليس توبة، والفرق بين التوقف عن المعصية والتوبة أن التوبة تَجُبُّ ما قبلها – أي تمحو ما كان قبلها – بل وقد تصل إلى درجة أن يحوّل الله سيئات العبد كلها إلى حسنات.
أما مجرد التوقف فإنه توقف عن ممارسة المعصية، أما الإثم والذنب فإنه يظل كما هو، ولذلك أنت قد تبت إلى الله تبارك وتعالى، وأرى أن شروط التوبة متوفرة في كلامك، إلا أني أتمنى أيضًا من ذلك بالإكثار من التوبة يوميًا كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقد كان يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من مائة مرة، رغم أنه قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما لا يخفى عليك.
لذلك عليك أولاً بتأكيد هذه التوبة بالإكثار من الاستغفار والتوبة، كذلك الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بنية أن يغفر الله ذنبك، كذلك المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة خاصة آية الكرسي، كذلك أيضًا المحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمحافظة على أذكار النوم، وأن تنامي على طهارة، وأن تكوني في معظم النهار متوضئة أيضًا، وأن تُكثري من قراءة القرآن، وأن تجعلي لك وردًا منه يوميًا ولو بمقدار حزبين أو حزب من القرآن أو أكثر أو أقل، المهم أن تملئي فراغك بكثير من الأعمال الصالحة حتى تزيد حسناتك زيادة كبيرة عن سيئاتك، فتكونين أهلاً لمغفرة الله تبارك وتعالى والجنة، وإن الحسنات يُذهبن السيئات.
وأما سؤالك عن استغلال شهر رمضان، فإننا كما تعلمين نرسل لك هذه الاستشارة الآن في منتصف الشهر نظرًا لظروف خارجة عن إرادتنا، وما عليك - بارك الله فيك - إلا حفظ جوارحك وأنت صائمة، لأن الصوم ليس مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، وإنما هو الإمساك عن كل المحرمات: كالغيبة، والنميمة، والزور، والكذب، والبهتان، والنظرة الحرام، وسماع المحرم، فهذه كلها هي أهم ما ينبغي على الصائم أن يحرص عليه.
كذلك الإكثار من الصدقات إذا كانت هناك فرصة متاحة، والإكثار من ذكر الله تعالى، والإلحاح على الله تبارك وتعالى في الدعاء أن يغفر الله لك ذنبك، وأن يستر الله عيبك، وأن يتجاوز الله عن سيئاتك، وأن يحفظك فيما بقي من عمرك، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
أتمنى أيضًا أن تطلبي الدعاء من والدتك لك بالثبات والتوفيق وزيادة الإيمان وحسن الظن بالله تعالى، لأن دعوة الوالد لولده لا تُرد، سواء كان هذا الولد ذكرًا أو أنثى، فحافظي على توبتك، واجتهدي فيها في أن تقويها، وحاولي البحث عن صحبة صالحة تقضين معها معظم أوقات فراغك، لأن العزلة والانطواء أمور تسبب أمراضًا نفسية أكبر منها، أما التواصل والاختلاط بالناس في الخير فإنه يرفع معنويات الإنسان، ويخفف أيضًا من حدة الهموم النفسية التي يتعرض لها يوميًا، وبذلك يكون في حالة اتزان ووسطية، فعليك بالبحث أيضًا عن صحبة صالحة، تقضين معها معظم أوقات فراغك، حتى ولو كان عبر الهاتف أو حتى بالنت، شريطة أن يكون الكلام مع أخوات صالحات، وليس مع أي طرف أو أي جنس آخر.
وانظري هذه الاستشارات المرتبطة: (
247066 -
268833 -
281877 -
273195)، وهذه أيضا حول تقوية الإيمان: (
244768 –
237831 -
229490 -
16751 -
278495).
أسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يتقبل منا ومنك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.