ورثت العصبية والتوتر بسبب الخلافات بين أمي وأبي، كيف أتخلص من ذلك؟

2013-10-30 01:12:52 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أتمنى منكم مساعدتي، قصتي طويلة جدا وسأختصرها لكم.

تربيت في أسرة غريبة، تربيت على المشاكل بين أبي وأمي، وعلمونا الحقد والكراهية، وعداوة الناس.

خلق الوالدة شيء لا يحتمل، تعاملنا معاملة زوجة الأب وأكثر، علمتنا عدم الاحترام، تعامل والدنا بحقارة، كبرت أنا وأخواتي على هذه المشاكل! كل واحدة فينا تريد الزواج بأي زوج، حتى تهرب من هذه المعيشة، أنا تزوجت بأول عريس تقدم لي، مع أني ما كنت مرتاحة له، وصليت صلاة الاستخارة وكنت أحلم بأحلام مخيفة، وأنه قتلني.

المهم الآن لي 5 سنوات متزوجة، لدي ثلاثة أطفال، أحب زوجي وأطفالي كثيرا، ومشكلتي هي أنه كل يوم مشاكل مع زوجي، وكل الذي عملته أمي في الوالد صرت أعمله في بيتي ومع زوجي.

في عصبية غير طبيعية، أكون قاعدة وفجأة يجيئني شيء يجعلني أتوتر وأكسر في البيت.

بالصراحة زوجي تعب مني ومن تصرفاتي، أريد حلا نفسيا أصير طبيعية، لأحافظ على بيتي وزوجي وأطفالي.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك التواصل مع الموقع، وحسن العرض للمشكلة، ونسأل الله أن يعينك على النجاح، ويسعدنا أن نؤكد لك أن معرفتك بالمشكلة وسؤالك للعلاج وطلبك للمساعدة هو البداية الصحيحة والموفقة للحل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على اللجوء إليه والتوجه إليه، فإن قلبك وقلب الزوج وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فتوجهي إلى الله، واسأليه المعونة والتأييد، واعلمي أن فشل الوالد والوالدة ليس من الضروري أن يجعلك فاشلة، بل كثيرًا ما يكون سببًا للنجاح، فإن لكل فعل ردة فعل تخالف في الاتجاه وتساوي في القوة.

لذلك أرجو أن تتخذي من فشل الوالد والوالدة سببًا للنجاح في حياتك، فإنك سئمت من المشاكل، وسئمت من الأوضاع والتصرفات التي كانت الوالدة تفعلها مع الوالد، فلا تكرري الخطأ، ولا تجعلي عمر الباطل والشر طويلاً، واتقي الله في زوجك، وأقبلي عليه، واعلمي أن إحسانك للزوج سيقابل بإحسان مضاعف، وأن احترامك للزوج سيجلب لك احترام أبنائك أولاً ثم احترام الزوج، وقبل ذلك سيجلب لك رضوانًا من الله -تبارك وتعالى-.

تعوذي بالله من الشيطان، همّه أن يُحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئًا إلا -بإذن اللهِ-، واعلمي أن المشاعر السالبة من الشيطان، وأن المشاعر الإيجابية والحب والخير من الرحمن، فاسألي الله من فضله، وتذكري أن همَّ العدو الشيطان هو أن يخرب البيوت، وأنه يفرح جدًّا عندما ينجح في خراب بيت من البيوت، لأنه يعلم أن خراب البيوت دعوة صريحة للفحشاء ودفع للرجال وللنساء إلى الهاوية، وضياع للأبناء والذرية، وإساءة الظن، وغيبة، ونميمة، وتفرقة بين البيوت والعوائل، فلا يفرح بالمشاكل ولا يفرح بالطلاق سوى الشيطان.

نتمنى -وقد شعرت بمرارة الأزمات في داخل بيت والديك- ألا تنقلي الأزمات لأبنائك، ألا تنقلي الأزمات لبناتك، ألا تنقلي الأزمات لأطفالك، فإن ما يحصل لك هو جزء من تأثير ما سبق، لكن المؤمن يستطيع أن يتفادى هذا، ولكننا نخاف على التأثير السالب على أبنائك والبنات عندما يشاهدون هذا الخصام.

عظمي مكانة والدهم في أعينهم، وأظهري له الاحترام في وجودهم وبعد وجودهم، وحاولي أن تناقشي النقاط الخلافية معه في هدوء، بألفاظ تنتقيها، وبأوقات تختارينها، بعد أن تقدمي بين يدي كل ذلك بالثناء عليه بما فيه من إيجابيات، وبما يقوم به من واجبات.

اعلمي أن المرأة إذا احترمت زوجها بادلها الاحترام، فكوني لزوجك أمةً يكن لك عبدًا، كوني لزوجك أرضًا يكن لك سماءً، احرصي على إرضائه، واعلمي أن ذلك إرضاء لله تبارك وتعالى، وأنت ممن يخاف الله (نحسبك) ممن يطلب الخير، ولذلك كان تواصلك مع الموقع.

اتقي الله في نفسك، اتقي الله في زوجك، وتعوذي بالله من هذه الأفكار والمشاعر السالبة، وإذا جاءك هذا الضيق وهذا النفور فتعوذي بالله من الشيطان، وأكثري من ذكر مالك الأكوان، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، واقرئي على نفسك الرقية الشرعية، واعلمي أنك لا تتعاملين مع الزوج، ولكنك تُطيعين الله عندما تحسنين إليه، وتقعين في المخالفة عندما تسيئين إليه وتقصرين في حقه، فالله هو الذي أمر الزوجات بطاعة الأزواج، والله هو الذي رتَّب على ذلك الفضل العظيم، وأيُّ امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة.

اجتهدي في إرضاء زوجك، واجتهدي في طي صفحة الماضي، الوضع الذي عشت فيه ينبغي أن يُنسى، وينبغي أن تُطوى صفحته، وينبغي أن يدفعك لمزيد من الإحسان حتى لا يترتب على هذا الخلل نفس ما ترتب على ما حدث بين الوالدين من إشكالات.

نسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرر ترحيبنا بك في الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والهداية والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
تبدأ إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشكلتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة، وبسيطة جدًّا من حيث فهمها بالنسبة لي، وتتلخص هذه المشكلة في أن لديك مرتكزات سلبية أساسية، بُنيت في وجدانك وكيانك منذ فترة الطفولة، وأصبحت تحاسبين نفسك بقسوة شديدة الآن، أن كل فشل حتى وإن كان صغيرًا في حياتك هو نتاج لتلك التربية والتنشئة القاسية.

أريدك أن تنزعي هذا المفهوم، أنت الآن سيدة محترمة، متزوجة، ولديك ثلاثة أطفال، نِعَم عظيمة جدًّا، يجب أن تأخذيها كمرتكز جديد للتحرك الإيجابي نحو الحياة، والحياة طيبة وجميلة جدًّا، أنت مُحبة لزوجك ومُحبة لأطفالك، وهذا أمر بديع وجميل، فتخوفك وتوترك وقلقك هي طاقات نفسية سلبية، يمكن احتواؤها من خلال التفكير الإيجابي.

عليك بالصبر وحُسن إدارة الوقت، فهما من عوامل النجاح الأساسية، كوني راقية في إدارة مشاعرك، وأدركيها، وأقصد بذلك أن تتجملي أمام زوجك في تصرفاتك، حتى وإن كنت في حالة غضب وحزن لا تصلين لذلك، هذا من حسن إدارة الذات، وحسن إدارة الذات ينتج عنه التعاضد الأسري والتوافق الزواجي.

أيتها الفاضلة الكريمة: امسحي الصورة القاتمة فيما مضى، فهو قد حدث للكثير غيرك، وربما أيضًا تكون أحكامك فيها شيء -لا أقول المبالغة لكن- التضخيم السلبي، وكوني بارة لوالديك، هذا يفيدك ويفيدك كثيرًا جدًّا.

عليك بحسن إدارة الوقت فهي مفيدة جدًّا، عليك أن تُدخلي إدخالات جديدة على حياتك (القراءة، الاطلاع، الذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن) بناء أطر جديدة في الحياة تغير من نمطها سوف تضيف إليك إضافات جميلة جدًّا.

امسحي من وجدانك وكيانك وفكرك الكلمات اللاصقة (أمي عاملت والدي بحقارة شديدة - تعلمت عدم الاحترام – تعلمت الكراهية – الحقد) لا، لا أوافقك أبدًا على هذا - أيتها الفاضلة الكريمة - .

(آرون بك) أحد علماء النفس السلوكيين الكبار يقول: (كثيرًا ما نغرس ونزرع نباتًا فاسدًا في أراضينا) ويقصد بذلك هذه الأفكار السالبة، الإنسان قد يُقدر الأمور ويُدركها بصورة ليست دقيقة.

أنا لا أقول لك إنك تبالغين أو تتوهمين، ولكن أقول لك وأذكرك أن حب والديك لك هو حب غريزي وجبلي وفطري، لا خيار غير ذلك، لكن قد تكون منهجيتهم خاطئة، لكن الأبناء هم الذين يحتاجون لأن يتعلموا كيفية حب والديهم، ليس الآباء، فالآباء يحبون أبناءهم والفطرة هي التي تدفعهم لحبهم لأبنائهم، ومصداقًا لما أقول -أيتها الفاضلة الكريمة- في كل ما ورد في القرآن الكريم من نصيحة ووصايا كانت للأبناء بآبائهم، ولم ترد إلا آية واحدة في القرآن الكريم تنصح وتوصي الآباء بأبنائهم {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين}.

لم يوص القرآن الكريم الآباء بمحبة أبنائهم، لأنها أصلاً موجودة جُبلوا عليها.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: غيّري مفاهيمك وستجدين خيرًا كثيرًا.

أرى أيضًا أنك لو تناولت أحد الأدوية الملطفة للمزاج سوف يساعدك كثيرًا.

عقار (فلوناكسول) والذي يعرف ويسمى علميًا (فلوبنتكسول) سيكون خيارًا جيدًا، والجرعة هي نصف مليجرام، تناوليها صباحًا لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعليها حبة صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم حبة صباحًا لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناوله.

إن شئت أن تقابلي طبيبًا نفسيًا فهذا أيضًا سوف أقدره كثيرًا وأوصي به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

www.islamweb.net