الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نعم، إن الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد، هو وحده يعلم بخبايا النفوس والنوايا، وانطلاقًا من هذا الاعتقاد العظيم، أقول لك، وكما أفاد العلماء الأفاضل:
أن صاحب الوساوس غير مؤاخذ، والإنسان لا يحاسب على نواياه خاصة ما دامت منطلقة من قصد مرضي. فإذًا هوّني عليك - أيتها الفاضلة -.
أنا أتفق معك أن الوساوس مؤلمة جدًّا للنفس، خاصة تلك النفوس المؤمنة الطيبة، ومثل هذه التجارب وتسلط النفس اللوامة على صاحبها فيها - إن شاء الله تعالى - خير كبير للمؤمن.
وساوسك هي وساوس فكرية، وعلاجها - إن شاء الله تعالى - ليس بالأمر الصعب، ويتمثل العلاج في خطوتين أساسيتين:
الأولى: هي أن تعلمي أن الذي بك هو وسواس، وأنه -إن شاء الله تعالى- عابر، وأنه يعالج من خلال تحقير الفكرة وليست مناقشتها، والتحقير يعني الانتهاء كما أمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- (فاستعذ بالله ثم انتهِ) ولا نناقشها، ولا نحاورها، لا نشرّحها، ولا نحاول أن نضعها في أي قالب منطقي، لأن الوسواس لا منطق له، بالرغم من أنه يصدر منا، ولكنه ضد رغباتنا، وضد أفكارنا، وضد معتقداتنا.
فيا أيتهَا الفاضلة الكريمة: لا تناقشي الوساوس، قولي لوسواسك: (أنت وسواس حقير، لن أناقشك أبدًا، أنت هنا تحت قدمي ذليلاً حقيرًا)، فهذا يساعدك كثيرًا.
وعليك أن تستصحبي هذا النوع من التفكير بتطبيق تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين مفيدة وفعّالة جدًّا، وموقعنا أعدَّ استشارة تحت رقم (
2136015)، فيها توجيهات وإرشادات كثيرة جدًّا للكيفية التي يمكن أن تُطبق بها تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة وناجحة ومفيدة، فأرجو الالتزام بذلك.
ومن المهم جدًّا أن تصرفي انتباهك عن الوساوس، وذلك بجانب تحقيرها – كما ذكرنا سلفًا –، وصرف الانتباه عنها، ويكون من خلال أن يشغل الإنسان نفسه بأمور أخرى، ويستغل وقته بصورة جيدة.
الوسيلة العلاجية الأخرى هي تناول الدواء، وبفضل من الله تعالى وبعد أن اتضح - وبما لا يدع مجالاً للشك – أن الوساوس تتعلق بكيمياء الدماغ، فهنالك بعض التغيرات الكيميائية التي تحدث في الدماغ، ولا أحد ينكر دور الشيطان وتدخله في الوساوس، ولكن الشيطان متى ما ذكر المؤمن اسم الله تعالى سوف يخنس ويذهب، وهذه التغيرات الكيميائية لا أحد يعرف منشأها، ولكن لا بأس أبدًا من أن نعتقد في بعض الأحيان أنها ربما تكون ناتجة من قذفة من قذفات الشيطان قبل أن يخنس، فأدى إلى هذا التغيير.
هذا ليس في كل الحالات، لأن كثيرًا من حالات الوساوس هي حالات طبية قطعية، المهم أن الآن توجد الآن أدوية ممتازة وفاعلة، وأنا أريدك - أيتها الفاضلة الكريمة – إن سمحت ظروفك أن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا، وإن لم تسمح فتشاوري مع أهلك وذويك، وابدئي في تناول أحد الأدوية الفاعلة والممتازة والسليمة وغير الإدمانية، والتي لا تؤثر على الهرمونات النسائية.
الدواء يعرف باسم: (بروزاك Prozac)، وهذا اسمه التجاري، ويعرف علميًا باسم: (فلوكستين Fluoxetine)، والجرعة المطلوبة هي كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجرامًا، تتناولينها يوميًا بعد الأكل، استمري عليها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعدها خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
علاج الوساوس الذي ذكرته يجب أن يؤخذ بمأخذ الجد، وأن تتعاملي معه كرزمة واحدة، لأن كل الخطوات التي ذكرناها مكمّلة لبعضها البعض.
وانظري علاج وساوس العقيدة سلوكيا: (
263422 -
283543 -
260447 -
265121).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.