كيف كانت تعالج الأمراض النفسية قديماً رغم تداخلاتها؟

2025-04-16 02:24:11 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرًا لكم على مجهوداتكم الطيبة، ومحاولاتكم الميمونة في الإجابة على تساؤلات المستشيرين، فأنتم من خير المستشارين.

في الحقيقة، يجول في بالي عدد من الأسئلة المتعلقة بالأمراض النفسية، بصفتي أحد المبتلين بها، وكم أتمنى أن تكون الإجابات وافية ومدعومة بالإثبات العلمي والتطبيق العملي، بناءً على خبرة الدكتور محمد عبد العليم، جزاه الله خيرًا.

السؤال الأول:
التداخل بين الأمراض النفسية أمر معروف لديكم، وهو أمر نعيشه نحن المرضى يوميًا، فكثيرًا ما تختلط علينا الأمور، فلا نعود نعرف هل ما نعانيه من أعراض ينتمي إلى الاكتئاب أم القلق أم الوسواس القهري أم اضطراب الشخصية؟

على سبيل المثال، أعاني مما أسميه "الصمت الإجباري"، حيث أفقد القدرة على الكلام أو تنتفي لديَّ الرغبة في الحديث، فهل هذا العرض من أعراض الاكتئاب أم القلق، أم أن له جانبًا وسواسيًا قهريًا؟ خاصة أنني أراقب طريقة كلامي بقلق شديد، من حيث القدرة عليه، والتركيز فيه، ورصد أي تعثر في بعض الكلمات، هذه المراقبة المستمرة أصبحت تجربة مرعبة، أوصلتني إلى الاعتقاد بأنني مصاب بالفصام، لا سيما وأن الصمت الطويل يعد من الأعراض السلبية لهذا المرض.

السؤال الثاني:
يثير استغرابي عندما تطلبون من المرضى، وهم في حالة يُرثى لها أن يلتحقوا بالعمل ويمارسوا علاجات سلوكية متنوعة، فمجرد وصولهم إلى عياداتكم يُعد معجزة، بعد صراع طويل مع التردد والخوف والتوجس والقلق والاكتئاب، ناهيك عن الأعراض الجسدية المصاحبة، فكيف يمكن لمريض بصعوبة وصل إلى العيادة أن يعمل؟ أين الواقعية في هذا الأمر؟

السؤال الثالث:
من خلال قراءتي المكثفة في الأمراض النفسية، لاحظت أن معظم التشخيصات النفسية تعتمد على التقدير والنظرية، وليس على فحوصات مخبرية دقيقة تثبت وجود اضطرابات في الموصلات العصبية، وإن وُجدت بعض الفحوصات، فهي غير قادرة على تحديد موضع الخلل بدقة، بل تبقى ضمن نطاق التوقعات، فما ردكم على هذا التساؤل؟

السؤال الرابع:
سمعتُ من أحد الأطباء عن تشخيص يُسمى: "شخصية ما بعد الاكتئاب" أو "تغير الشخصية بعد الاكتئاب"، ما حقيقة هذا التشخيص؟ فبعد تجربتي الأولى مع الاكتئاب وتناولي السيرترالين 50 ملجم، لاحظتُ تغيرًا كبيرًا في شخصيتي، حيث أصبحت أكثر انفتاحًا اجتماعيًا، وأكثر تعبيرًا عن ذاتي، لكن بقيت لديَّ حالة من التبلد الوجداني وعدم الإحساس، وهذا يجعلني أستبعد أن يكون لديَّ اضطراب ثنائي القطب، فكيف يمكنني نفي إصابتي باضطراب ثنائي القطب بشكل يقيني؟ وهل تشخيص طبيبي، الذي تابع حالتي منذ بدايتها واهتم بتغير شخصيتي، يعد تشخيصًا قاطعًا؟ خصوصًا أنه شخّصني بالاكتئاب والقلق فقط، ولم يذكر ثنائي القطب، وهل يمكنكم، يا دكتور محمد، تأكيد عدم وجود هذا الاضطراب لديّ؟ علمًا أنني صاحب الاستشارات التالية: 2161522 ، 2153462 ، 2200653.

السؤال الخامس:
الأعراض السلبية للفصام تتشابه تمامًا مع أعراض الاكتئاب، فهل يشترط وجود الأعراض الإيجابية (كالهلاوس والضلالات) لتشخيص الفصام؟

السؤال السادس:
منذ انتكاستي الاكتئابية، أصبحت أراقب حركة يدي أثناء القيام بأي مجهود، حتى لو كان بسيطًا، مثل حكّ شعري أو التقلب أثناء النوم، فهل هذا العرض وسواس قهري أم قلق، أم أنه جزء من اختلال الأنية الذي عانيت منه في الشهور الماضية؟

السؤال السابع:
ما علاقة هرمون الذكورة (التستوستيرون) بالاكتئاب؟ وهل نقص هذا الهرمون يؤدي إلى الاكتئاب؟ طبيبي وصف لي أندريول 40 ملجم يوميًا، فهل هذا القرار كان صائبًا أم أن الأمر يستدعي استشارة طبيب أمراض الذكورة؟ خصوصًا أن شعر لحيتي لم ينمُ بالكامل رغم بلوغي سن 25 عامًا، حيث ينمو فقط أسفل الذقن والشارب.

علمًا أن تحليل هرمون التستوستيرون لديّ كانت نتائجه كالتالي:
Testosterone Free: 5.5 pg/ml (المرجع: 8.0 - 22.0)

Testosterone Total: 4.36 ng/ml (المرجع: 2.0 - 8.0)
فهل تعويض هذا الهرمون قد يساعد على نمو شعر اللحية؟

السؤال الثامن:
السيبراليكس والزولوفت يُستخدمان لعلاج نفس الحالات النفسية تقريبًا، فهل كان قرار طبيبي صائبًا بوصف السيبراليكس بجرعة 30 ملجم؟ وهي الجرعة القصوى رغم أن الدواء استغرق شهرين ليُحدث تحسنًا طفيفًا؟ ومتى يمكنني الحكم عليه بالفشل؟

السؤال التاسع:
تبلد الشعور، بحيث يصبح الإنسان كآلة بلا إحساس، هل هو عرض من أعراض الاكتئاب؟ وكيف يمكن أن يكون عرضًا اكتئابيًا، رغم أن الاكتئاب يجعل الإنسان يشعر بالحزن؟ فكيف يكون هناك اكتئاب دون شعور؟

السؤال العاشر:
تناولتُ السيرترالين 50 ملجم لمدة 6 أشهر لعلاج القلق والاكتئاب، لكنه لم يكن فعالًا، فهل عودة الأعراض الاكتئابية الآن تُعتبر انتكاسة، أم أن العلاج في المرة الأولى كان غير مكتمل؟

السؤال الحادي عشر:
الشخصية التجنبية وما يلازمها من أعراض، هل تُصنف على أنها عُصاب أم عُقد نفسية مرتبطة بالشعور والوعي والسلوك؟ وما هو مآل المصابين بها وفق الإحصائيات العلمية؟

السؤال الثاني عشر:
من خلال خبرتك الطويلة في الطب النفسي، هل يمكن للمصاب بالاكتئاب والقلق واضطرابات الشخصية أن يُشفى تمامًا، دون أن تعاوده الأعراض؟ وهل صادفتَ في عيادتك حالات كانت ميؤوسًا منها لكنها تحسنت تمامًا؟

السؤال الثالث عشر:
قبل اكتشاف الأدوية النفسية، كيف كانت تُعالج الأمراض مثل الاكتئاب والوسواس القهري؟ هل التحسن الذي أشعر به هو بسبب انتهاء النوبة تلقائيًا أم بسبب الدواء؟ كيف يمكن التفريق بين الحالتين؟

السؤال الرابع عشر:
التردد الداخلي الشديد والإحجام عن أي نشاط، سواء كان اجتماعيًا أو غير اجتماعي، هل هو صفة شخصية، أم عرض اكتئابي، أم عرض قلقي؟

أعتذر عن كثرة الأسئلة، لكنني أثق برأيكم العلمي، وأرجو أن تولوا كل سؤال اهتمامًا خاصًا، حتى تعم الفائدة لي ولغيري.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك أيها الفاضل الكريم على أسئلتك الرصينة، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للإجابة عليها، وأعتذر لأننا لم نستطع الرد على جميعها؛ لأن المساحة أو المدة الزمنية المقررة لا تسع للإجابة عليها جميعًا.

سؤالك الأول حول التداخل بين الأمراض النفسية:
نعم هنالك تداخل كبير جدًّا بين الأمراض النفسية، وهناك من العلماء مثل (كيرسينجر) يرى أن الأمراض النفسية هي كتلة واحدة، لكنها تتجزأ وتتفطر وتتداخل، وتتطور وترتقي من إنسان إلى آخر، أنا لديَّ اهتمام كبير جدًّا بما كتبه كيرسينجر بالرغم من قدمه، وقد لاحظت ذلك بوضوح كبير أن كثيرًا من مرضى الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية شُخصوا هكذا، وفي نهاية الأمر تطور لديهم المرض ليتحول للفصام الوجداني، أو حتى إلى مرض الفصام، والعكس صحيح.

كما أرجو أن أشير أن كثيرًا ما يكون التشخيص تشخيصًا جوهريًا مثل الاكتئاب النفسي، لكن توجد معه أطراف وجزئيات وأيادي صغيرة كما يقولون (شيء من القلق، شيء من الوساوس والمخاوف) وهكذا.

سؤالك الثاني جميل، وهو موضوع أننا نطالب مرضانا بالالتحاق بالعمل:
أيها الفاضل الكريم: هنالك ما يسمى بالتأهيل، وهناك ما يعرف أيضًا بإعادة التأهيل، العلاج النفسي الصحيح هو علاج بيولوجي، وعلاج نفسي، وعلاج اجتماعي، وعلاج تأهيلي، لا يمكن للمنظومة العلاجية أن تكتمل دون الأخذ بهذه المكونات الرئيسية.

الذي نقوم به في مكان عملي هو أن نقيم المريض، ونرى ما هي مقدراته، وما الذي يمكن أن يقوم به، وما الذي فقده من مرضه، وما الذي أصلاً لم يتعلمه؟ وبإعادة التأهيل ندربه على ما افتقده، وبتأهيليه نعلمه ما لم يتعلمه، وبصفة عامة العلاج بالعمل هو من أفضل وسائل العلاج، لكني أتفق معك ليس كل المرضى لديهم القدرة على ذلك، ولا تتاح لديهم الفرصة، كما أن نظرة المجتمع السلبية حول المريض النفسي قد تحرمه أصلاً من وجود عمل، أو حتى إذا وجد العمل يُنظر إليه بشيء من السلبية، وهذا لا يساعد، لكن قناعاتي كبيرة جدًّا بأن العلاج بالعمل ممتاز، و-الحمد لله تعالى- أعرف من هم أساتذة في الجامعات ويتعالجون من الاكتئاب، ومن الفصام، وقد ساعدهم العمل في تخطي المرض.

سؤالك الثالث: نعم معظم التشخيصات النفسية مبنية على الملاحظة، وهذا أمر مهم جدًّا، الأوائل مثل اشنايدر ومثل جاسبر، وهم من أكبر الملاحظين للسلوك الإنساني بنوا نظريات عظيمة وقوية تم اختبارها على مدى السنين، واتضح بعد ذلك صحتها وسلامتها.

بالنسبة لما قدمه علم وظائف الأعضاء والتصوير الدماغي المختلف والفحوصات المخبرية الأخرى: لا شك أنه جيد جدًّا، وأفاد كثيرًا، ومعظم الأدوية المستحدثة الآن هي قائمة على فحوصات مخبرية وصور دماغية، أو فحص لعينات من أدمغة متوفين من المرضى.

إذًا: أعتقد أن الثوابت العلمية أصبحت أكثر وضوحًا مما مضى، لكن أتفق معك هنالك الكثير مما هو افتراضي ومما هو نظري، ومما هو قائم على الملاحظة.

سؤالك الرابع وهو حول تشخيص ما يسمى شخصية بعد الاكتئاب:
ربما المقصود هي الجراحات التي ربما يتركها الاكتئاب لدى بعض الأشخاص، لكن حقيقة لا أرى أن ما يسمى بشخصية ما بعد الاكتئاب على هذا النمط، يعتمد على أي معايير تشخيصية، هنالك الشخصية الاكتئابية، وهذا المفهوم الآن أصبح أيضًا مرفوضًا، لأنه يسبب الكثير من الوصمة الاجتماعية للناس.
هنالك الاكتئابات المزمنة والبسيطة، ما يسمى بالـ (دس ساميا) هذه أيضًا قد تأتي بعد نوبة اكتئاب شديدة وتجعل الإنسان في حالة من الإحباط والضجر البسيط، وبالرغم من وجود الآلام النفسية، إلا أن الإنسان يستطيع أن يتماشى مع الحياة بصورة معقولة جدًّا.

النقطة الخامسة: الأعراض السلبية (الانفصام مع أعراض الاكتئاب) هنالك نوع من التداخل:
نعم في بعض الأحيان، لكن الأعراض السلبية للانفصام أيضًا تختلف كثيرًا عن أعراض الاكتئاب، حيث إن مريض الفصام يكون لديه ضحالة شديدة جدًّا في التفكير، وتبلد شديد جدًّا في الوجدان، ولا يأخذ أي مبادرات، هذا لا نجده قطعًا لدى مريض الاكتئاب، مريض الاكتئاب يمكن أن يفكر، ويمكن أن يقوم بعمليات تحليلية عقلية، هذا لا يحدث لدى مريض الفصام.

لا يشترط وجود الأعراض الإيجابية لإثبات حالة الفصام، لكن قطعًا التاريخ المرضي سوف يُشير إلى وجود أعراض إيجابية في فترة من الفترات.

بالنسبة لسؤالك السادس: أقول لك نعم العرض هذا هو عرض وسواسي نمطي من الدرجة البسيطة.

سؤالك حول هرمون الذكورة:
أُثير الكثير حول هذا الموضوع، إن نقص هرمون الذكورة ربما يسبب الاكتئاب، أو يكون أحد العوامل، لكن هذا المفهوم لم يثبت إثباتًا علميًا قطعيًا، مثل الآن الحديث عن فيتامين (د) هنالك من يقول إن نقصه يسبب الاكتئاب، لكن هذا أيضًا لا يوجد ما يُشير إلى حتمية هذه المعلومة.

بالنسبة للسبرالكس والزولفت:
هنالك تشابه كبير فيما بينهما، لكنهما ليسا متطابقين، فمثلاً الزولفت دواء ممتاز لعلاج الرهاب الاجتماعي، والسبرالكس ليس بنفس الجودة، السبرالكس متميز لعلاج الهرع، والزولفت لا بأس به، لكنه قطعًا مقارنة بالسبرالكس أقل، وهكذا.

بالنسبة للجرعة القصوى للسبرالكس:
نعم الآن كثيرًا من الأطباء يرى أنها الأفيد، هنالك من يعطي ثلاثين مليجرامًا، وهناك من يعطي أربعين مليجرامًا يوميًا، لكن هذه الحالات نادرة، وأنا أعتقد أن الالتزام بالمعايير العلاجية الدقيقة أهم، والدواء يجب ألا يُحكم عليه بالفشل إلا بعد مضي 12 أسبوعاً على الأقل، ويجب أن نتأكد أن الجرعة صحيحة.

سؤالك التاسع: حول تبلد الشعور لدرجة أنك تصبح كالآلة بلا إحساس:
الاكتئاب ربما يعطي هذه المشاعر، وهناك بعض مرضى الاكتئاب حتى بعد أن يتم علاجهم وشفاؤهم وتتحسن أحوالهم تجدهم دائمًا يتساءلون: هل هناك مزيد من التحسن؟ لماذا وقفتُ عند هذا الحد؟ لماذا أصبحت أحاسيسي تجعلني متبلدًا؟ فهذه أيضًا أحد المشاعر التي ربما تسيطر على مريض الاكتئاب، لكن لا نقول إنها هي المتطلب المعياري الوحيد لتشخيص وعلاج الاكتئاب النفسي.

أما بالنسبة لسؤالك العاشر، فقد يكون رجوع الأعراض جزءاً من استمرارية المرض، وفي ذات الوقت أن العلاج لم يكتمل، بما أن العاملين قد يلعبان دورًا في هذا الأمر؛ لذا نحتم أن تكتمل الدورة العلاجية بصورة واضحة، ولا بد أن تدعم أيضًا بواسطة العلاجات السلوكية والاجتماعية.

الشخصية التجنبية -أيها الفاضل الكريم- هي في المقام الأول شخصية لا تخلو من الخجل، شخصية لا تتفاعل وجدانيًا، شخصية دائمًا متحفزة وقلقة، قد تكون دائمًا في انتظار الآخرين، وهكذا.

أنا لديَّ قناعات ببعض أنماط الشخصية، لكن يجب ألا تكون حكمًا مُطلقًا أو عارًا نُلصقه بالناس، ولا يوجد اتفاق عالمي كامل على هذه التصنيفات، في أحسن الأحوال كان الاتفاق بين العلماء على تشخيص هذه الحالات وتطابقها لم يتعد ستة وخمسين بالمائة، وهنالك الكثير جدًّا من التداخل ما بينها. هذه الأنماط لا تُعد عُصابًا ولا تُعد ذهانًا، إنما هي مكون من مكونات الشخصية كما اتُفق عليها.

بالنسبة لسؤالك الثاني عشر: هل يمكن للاكتئاب والقلق والاضطرابات الشخصية أن تُصبح جزءًا من تاريخ صاحبها وأن ينعم بالشفاء؟ نعم -أيها الفاضل الكريم-، مثلاً من الأشياء العجيبة والغريبة -سبحان الله- أن الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدّية أو اضطراب الشخصية المضادة للمجتمع -وهما أسوأ أنواع اضطرابات الشخصية-، يُعرف عنهم أنهم يتحسنون كثيرًا مع تقدم العمر، فالإنسان يستطيع أن يتكيف ويستطيع أن يتواءم، ومن رحمة الله بنا أن دفاعات جديدة وطرقاً جديدة للتصدي للسلبيات وللاكتئاب وللعصاب ولغيره تتطور لدى الإنسان، هذه رحمة عظيمة من الله تعالى.

بالنسبة لسؤالك الثالث عشر: قبل وجود الأدوية النفسية:
قبل مائة وخمسين سنة مثلاً كان المريض النفسي يعامل معاملة سيئة جدًّا، واعتبر في بعض الأحيان أنه جزء من الأرواح الشريرة المنتشرة، وبكل أسف أوروبا في أوقات انحطاطها هي التي أتت بهذه الأفكار، إلى أن قام البروفيسور (بانييل) في فرنسا 1790 بحركته المعروفة لتحرير المرضى، وفي عام 1860 أتى (وليم تيو) في بريطانيا، وكسر القيود عن المرضى النفسيين، وبعد ذلك بدأت تظهر علاجات مثل العلاج الكهربائي والعلاج عن طريق أنبوبة الأنسولين، وبدأت الأمور تتحسن تدريجيًا، وأصبح الآن المريض النفسي يكتسب حقوقه بصفة كاملة وتامة جدًّا، وبكل أسف تاريخ الإنسانية أسود جدًّا في معاملة المرضى النفسيين، تم اضطهادهم، تم إحراقهم، تم تجويعهم، تم إعدامهم، وهضمت كل حقوقهم، لكن -الحمد لله تعالى- الآن الأمور تغيرت تغييرًا كاملاً، ونعرف أن الإسلام قد حفظ للمريض حقه منذ أربعة عشر عامًا، لكن بكل أسف البشرية لم تأخذ بكل ما أتى به الإسلام.

سمة التردد والإحجام المستمر عن النشاط قد تكون جزءًا من الشخصية، وقد تكون جزءًا من المرض، أو قد تكون هنالك عوامل تضافرية، المهم أن يعرف الإنسان مصادر ضعفه ويغيرها، ويعرف مصادر قوته ليزيد منها، هذا نوع من التحفيز المهم؛ لأن الشعور بالرضا والإشباع الداخلي هي من أعظم مقومات العلاج النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك الرائع مع إسلام ويب.

www.islamweb.net