كيف أعالج الصرع والتشنج في ابنتي الصغيرة؟
2014-04-01 02:34:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تحية إجلال وإكرام لكل الإخوة العاملين في هذا البرنامج الرائع، من أطباء ومستشارين ومعدين، جعله الله في ميزان أعمالكم، وجزاكم خير جزاء المحسنين.
أنعم الله علي بابنتين، الكبيرة دخلت سن الثامنة، وأود الاطمئنان على حالتها التي سوف أسردها لكم.
في سن الخامسة في إحدى الليالي وبعد أن مر على نومها دقائق انتبهنا من النوم على صوتها، وهي تبلع وكأن شيئا عالقا في بلعومها، وعندما نظرت إليها وجدتها فاتحة عينيها، ولا تحركهما، وهي غير منتبهة، واللعاب يخرج من فمها، فرعبت وحاولت أن أكلمها ولكنها كانت كالميتة، لا تتحرك ولا ترمش، واللعاب يملأ فمها.
أخذتها إلى وحدة الطوارئ فأسرع الطبيب إلى إفراغ اللعاب من فمها، عن طريق (صوندة وجهاز سحب) وكان يجهز لإبرة، واستقرت حالتها وانقطع اللعاب، وأغمضت عينيها، وأعطاها إبرة أو إبرتين، وغرقت في نوم عميق لفترة، ثم تقيأت، وبعدها انتبهت وهي تبكي بشدة، بعدها نامت ونهضت صباحاً بكامل صحتها وقوتها.
الطبيب قال: إن هذه حالة ( شمرة ) باللهجة العراقية، وسألني عن وجود أحد مصاب بالصرع بالعائلة فقلت لا يوجد، فطلب مني مراجعة طبيب أطفال مختص، فراجعت طبيب أطفال، وطلب تخطيطا للدماغ، وعلى إثره وصف لها علاج ديباكين 200 بجرعة 300 ملغ ثلاث مرات يوميا.
بقيت 6 أشهر، وعملنا تخطيطا آخر، فقال الطبيب: ما عندها بسيط ولا يستوجب البقاء على العلاج، فقطعه تدريجيا خلال 40 يوماً، وبعد 3 أشهر عادت النوبة، وعندما نامت بعد دقائق نظرت بوجهها وهي تفتح عينيها، ويملأ فمها اللعاب، استمرت أقل من 5 دقائق وانتبهت، وكأن شيئاً لم يكن، وكان الوقت متأخر، فقررت الذهاب للطبيب صباحاً، فرجعت للنوم وأنا أراقبها، وإذا بها تمر بحالة تشنج مختلفة! إذ قامت وفمها معوج وعينها، لثوان ثم رجعت طبيعية ونامت.
أخذتها للطبيب، وعندما رأى التخطيط والعلاج قال: لقد اتخذ طبيبها قراراً خاطئاً، لأن بؤرة الإشارة الكهربائية في الدماغ موجودة بوضوح بالتخطيط، فعادت إلى علاج الديباكين بجرعة 350 ملغ صباحاً ومساءً، وبقيت سنة ونصف بدون أن تأتيها الحالة، وبعد هذه الفترة في إحدى الليالي ارتفعت حرارتها، وكنت خارج المنزل وأمها تأخرت بإعطائها علاجا.
عادت النوبة بشكل سريع، تشنج للحظات بدون خروج لعاب من فمها، فأخذتها لطبيبها وأخذنا لها تخطيطا فوجد أن هناك تحسنا ملحوظا في حالتها، فبقيت على العلاج نفسه، وبالجرعة نفسها، ولكنه قال: إنه سوف يقطع العلاج بعد أن تتم سنتان، يعني باقي لها 6 أشهر لإكمال السنتين، وقال: حتى لو كان التخطيط يشير لبقاء البؤرة فسوف أقطع العلاج!
لم أطمئن لهذا الكلام، فأخذتها لطبيب آخر مختص بالأعصاب والصرع لدى الأطفال، وشرحت له الحالة فقال: أنا غير مقتنع بالديباكين لحالتها، لأن حالتها هي صرع جزئي، وسوف تشفى منه مستقبلاً، وبعض مرضاي في حالتها لم أصف لهم علاجا أصلاً.
قرر تغيير الديباكين إلى تريلبتال 60 مغ/ملم وبجرعة 3 سي سي باليوم، على مرتين على أن يكون العلاج تدريجيا، يعني أقلل من الديباكين يومياً 50 لمدة 5 أيام وأعطي تريلبتال 1 سيسي يومياً لحين الوصول ل 3 سيسي بعد أن أتم 5 أيام ثم أستمر على تريلبتال فقط.
حقيقة هذا الأمر أفزعني وجعلني في حيرة، أن أبقي ابنتي على العلاج دهراً، ولا أراها في حالة نوبة، فهل أبقى على الطبيب الأول وأقطع العلاج بعد إكمال السنتين حتى لو كان التخطيط سلبيا أو آخذ بإعطائها تريلبتال تستمر عليه؟
أسأل الله لكم التوفيق والسداد في هذه الخدمة الإنسانية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رائد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لابنتك العافية والشفاء، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: لا شك أن النوبات الصرعية مزعجة للأهل خاصة حين تُصيب طفلاً، لأن النوبة ذاتها وما تحمله من تغير واضح في جسم الطفل تُثير الشفقة في قلب الوالد أو الوالدة، وهذا تفاعل إنساني مقبول، وإن شاء الله تعالى هو دليل على وجود الرحمة فيما بين المسلمين.
أيها الفاضل الكريم: لو تلاحظ أنني أستعمل كلمة (صرع) لأن الأمور يجب أن تُسمى بمسمياتها الصحيحة، نعم من الواضح أن تخطيط الدماغ كما في التقرير، وأهم من ذلك أن الحالة الإكلينيكية نفسها – أي المشهد الذي وصفته – هو مشهد الصرع ولا شك في ذلك، ويجب ألا نشعر بأي نوع من الضجر أو الضيق أو الوصمة الاجتماعية حول هذا المسمى، هي علة طبية، تحدث نتيجة لوجود بؤرات معينة، تؤدي إلى تغيّر في الشحنات الكهربائية الدماغية.
الأمر واضح والأمر بسيط، وهذا المرض منتشر، وأهم شيء في علاجه هو الانضباط بتناول الدواء، والدواء يجب أن يُحسب بجرعته، ويُعطى بدقة، والجرعة دائمًا تُحسب مقارنة مع وزن الطفل، وهنالك أدوية الخط الأول، وأدوية الخط الثاني، وأدوية الخط الثالث، وأقصد بذلك أنه حسب درجة المرض واستجابته للعلاج يقوم الأطباء بترتيب الرزمة العلاجية المناسبة.
أيها الفاضل الكريم: تواصل مع الطبيب المختص في أمراض الأعصاب، فهو الذي سوف يُفيد ابنتك هذه -إن شاء الله تعالى-.
الأدوية كثيرة، متعددة، وأمامنا الآن خيارات كثيرة جدًّا - أيها الفاضل الكريم – الهدف الأسمى، والهدف الأصلي، والهدف المطلوب هو ألا تحدث لابنتك نوبات صرعية لمدة ثلاث سنوات وهي على الدواء، إن حدث هذا فبعد ذلك يمكن التوقف التدريجي من الدواء، وإن – لا قدر الله تعالى – حصل نوبات قبل ثلاث سنوات فهذا ليس أمرًا كارثيًا، إنما يعني المزيد من الحرص وترتيب الدواء ومراجعة التشخيص.
أنا لن أسمي لك أدوية، لأن هذه الحالات يجب أن تعالج علاجًا مباشرًا، وإن أردت أن تستمر مع الطبيب الأول أو حتى الطبيب الثاني هذا لا بأس به، المهم هو أن يكون الطبيب مختصًا في هذا المجال، ومرض الصرع من الأمراض المنتشرة جدًّا، وحتى إن لم يكن الطبيب مختصًا في أمراض الأعصاب للأطفال إذا كان طبيبًا متميزًا في أمراض الأطفال فقطعًا سوف يكون مُلمًّا بما يفيد ابنتك - إن شاء الله تعالى - .
أيها الفاضل الكريم: أريد أن أنبه لأمر مهم جدًّا، وهو أن تعامل ابنتك تربويًا معاملة عادية، أنت ووالدتها يجب ألا تنتهجا أي منهج يُشعرها بأنها ضعيفة أو مُعاقة أو أنها دائمًا تحت الشفقة، لا، تعامل معاملة طبيعية، تعلم الخطأ حتى تتجنبه، تتعلم الصح حتى تنتهجه، تحرص في دراستها، تنظم وقتها، تعتمد على نفسها، ونساعدها لأن تبني شخصيتها، وأنا (حقيقة) أطالب دائمًا الآباء والأمهات بأن يشرحوا طبيعة المرض الذي يعاني منه أحد أبنائهم، وهذا واجب الطبيب، الطفل حين يمتلك المعلومة -خاصة في مثل عمر بنتك العزيزة- سوف يتعاون في تناول دوائه، سوف يكون حريصًا عليه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.