ظروف أسرتي ملأت قلبي بالحقد والحسد وجلبت لي الاكتئاب فماذا أفعل؟
2015-03-17 02:55:14 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة أبلغ من العمر (17) سنة، وأعاني من الاكتئاب منذ سنة ونصف، عائلتي تعاني من المشاكل منذ كان عمري تسع سنوات؛ بسبب خيانة أبي لأمي، فقد طلق أبي أمي ثم عادا لبعضهما، ومنذ أربع سنوات تم الانفصال، تعيش أمي في منزل منفصل عن أبي، ونحن نعيش مع أمي.
لا يوجد من ينصت لمشاكلي، منذ أكثر من سنة ونصف ذهبت إلى دكتورة نفسية ولم أستمر معها بسبب مشاكل أمي وأبي، وبسبب الدراسة، فقد كنت مشغولة جداً، مشكلتي في أنني أجلس في البيت ولا أرغب في الخروج، تمر الشهور دون أن أخرج من البيت، حتى في حالات الضرورة، لا أذهب إلى المدرسة بسبب أوضاع بلدي، أشعر بالحزن والملل واللامبالاة، لا أريد فعل أي شيء، وأفكر بأن هذه الحياة بلا فائدة، أشعر بصعوبة في التركيز والتفكير، وأعاني من الزغللة الدائمة في عيني، وانسى كل شيء، وأحياناً أضل لمدة ربع ساعة حتى أتذكر من حولي.
حينما تكون عائلتي بجانبي وأمام عيني أشعر بأنني وحيدة في هذا العالم، شاردة الذهن أغلب الوقت، ليس لدي أي مشاعر أو عواطف، مع العلم بأنني أحاول الانتحار كثيراً بسبب يأسي من الحياة، لكنني أخاف رب العالمين ولا أريد الموت وأنا كافرة، أشعر بأن صلاتي غير مقبولة، أحسد الناس دائماً، أنانيه بطبعي، أمي هي التي زرعت في قلبي كره الناس، لأنها دائماً تقول لي بأنني حقودة وأنانية، فقد زرعت الحقد بداخلي، ولا أدري ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ just me حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحالات النفسية في معظمها تكون ناتجة من تفاعل ما نسميه بالعوامل المهيئة، ويُقصد بها التكوين الشخصي لشخصية الإنسان وما تحمله من سمات نفسية، وكذلك الموروثات الجينية التي يرثها الإنسان من آبائه، هذه هي العوامل المهيئة، حين تتفاعل مع العوامل المرسِّبة، وهي الظروف البيئية والحياتية التي يعيش فيها الإنسان.
من الواضح أن ظروفك الاجتماعية فيها الكثير من السلبيات، وهذه ربما تكون هي التي دفعتك لهذه المشاعر السلبية، والشعور بعسر المزاج، والكدر، وافتقاد الفعالية، والنظرة السلبية نحو المستقبل.
إذًا: حالتك هي تفاعل ما بين ظروفك، وأستطيع أن أقول أيضًا أنه لا بد أن يكون لديك ظروف مُهيئة، لا بد أن يكون لديك شيء من الاستعداد النفسي، هو الذي جعلك تعيشين بهذه الصورة المزاجية السلبية.
أيتها الفاضلة الكريمة: المخرج من هذه الأوضاع هو:
أولاً: أن تغيِّري ما تستطيعين تغييره، وقطعًا لن تستطيعي أن تغيِّري مَن هم حولك بصورة مباشرة، لكن يمكنك أن تغيِّريهم بصورة غير مباشرة، وهي أن تجتهدي في نفسك، بأن تكوني فتاة مثالية، حيوية، وتركزي على الدراسة، واعلمي أن أكبر المغانم التي يكتسبها الإنسان في حياته هي أن يعرف دينه، وأن يجيد علمه، هاتان تُلازمان شخصيتك، بل تكونا جزءًا منك ومن وجدانك، ولا أحد يستطيع أن ينزعهما منك.
ثانيًا: أريدك أن تجعلي هذه الظروف السلبية حافزًا لك من أجل النجاح، وهذا ليس مستبعدًا، أنت بلغت السن التي من خلالها تستطيعين أن توجِّهي مشاعرك، أن تكوني قوية في الحياة، وألا تخافي من المستقبل، ولا تأسي على الماضي، بل تعيشي الحاضر بأمل ورجاء.
أعجبني جدًّا أنك تتفاعلين بالصورة المطلوبة مع مشاعر السأم واليأس والتفكير في الانتحار، نعم هي مشاعر قبيحة، - وإن شاء الله تعالى - أنت كمسلمة وشابة لها آمال وطموحات، سوف تتخلصين من هذا الفكر تمامًا.
إذًا المطلوب منك هو التغيير الذاتي مهما كانت السلبيات، هكذا يجب أن تكون مشاعرك، خططي، ضعي برامج حياتية حتى وإن كانت بسيطة، ما هو الذي تودِّين أن تقومي به الآن؟ ما هي إنجازاتك بعد ستة أشهر؟ وما هي إنجازاتك على المدى البعيد؟ هذه هي الطريقة الصحيحة التي تغيّرين بها حياتك ووجدانك، وأنا متأكد أنه على ضوء ذلك سوف يتغيَّر مزاجك كثيرًا.
ابحثي أيضًا عن إشراقات إيجابية في الحياة، هذه تجدينها من خلال الصحبة والرفقة والطيبة، مهما كانت ظروفك سوف تجدين من يأخذ بيدك من الفتيات في عمرك.
تواصلي أيضًا مع أحد الداعيات، إن كان هذا ممكنًا، وسوف تجدين منها العون الكثير جدًّا - إن شاء الله تعالى -.
هذه هي الأسس التي يجب أن تسيري عليها، وإن استطعت أن تقابلي طبيبة نفسية كما فعلت فيما مضى، هذا أيضًا سوف يكون أمرًا داعمًا لك، لكن المهم هو أن تستفيدي من الأخطاء التي ارْتُكبتْ ممَّن هم حولك في الحياة، واتخذيها مشعلاً وموقدًا يجعلك تنطلقين انطلاقات طيبة وإيجابية في الحياة.
أعرفُ الكثير من الناس الذين بنوا من الحطام حياةً طيبة وجميلة، فإن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.
اجعلي هذا هو شعارك، قوله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وأنا أثق تمامًا أنه لديك الطاقة والإمكانية والتوجُّه الإيجابي الذي يجعلك تستفيدين من مُقبل أيامك - إن شاءَ الله تعالى -.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.