وساوس الموت رمتني في كهف مظلم

2015-02-01 05:25:33 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعيش في حيرة كبيرة؛ بسبب مشكلتي، فلست أعلم هل ما أعانيه مشكلة نفسية؟ أم مشكلة روحية؟ أم أنها مشكلة جسدية؟

في البداية، أنا أعاني من المخاوف، والقلق، والوسواس - وساوس الموت -، علماً بأن مخاوفي ووساوسي غير مستقرة، ففي بعض الأحيان تكون كثيرة، وفي أحيان أخرى تكون قليلة.

في الفترة الأخيرة، أصبحت مشاعري متبلدة، وأصبحت لا أرغب في شيء، سوى الأكل والنوم، علماً بأنني أنام قليلاً، ثم بعد ذلك، أصابتني ضيقة لا أعلم لها سبب، فقد دخلت بسبب هذه الضيقة، في بحورٍ عميقةً من الحيرة، وأصبحت قلقة نوعاً ما.

بعد هذه الحالات المتغيرة التي مررت بها، عانيت خوفاً شديداً ذات يوم، وحينما كنت في دورة المياه، وفي تلك الأثناء، ازداد قلقي بشكل مفاجئ، وأحسست بأن هذه اللحظة هي لحظة النهاية، شعرت بالدوخة، وشعرت بألم في المعدة، خفت كثيراً، ومن بعد تلك الحادثة، وحتى الآن، وأنا لا أعلم ما هذا الذي أعانيه؟

جلست شهراً كاملاً، ومشاعري بليدة، شهراً كاملاً وأنا أعاني من الضيقة، وفي حالة بكاء دائم، دون أي سبب، وأشعر بالكتمة الداخلية، وحينما أحاول أن أتنفس تنفساً عميقاً للاسترخاء، لا أتمكن، وأعاني من اختلال في الأنِّية.

لا أعلم ما هذا الذي أعانيه، ولكنني أشعر بأنني أصبحت مثل الدمية، أو أنني في حلم، هناك أسئلة كثيرة تدور في ذهني، فأنا أتساءل دائماً، لماذا البشر يأكلون الطعام؟ ولماذا يخرجون للشراء، ولقضاء حاجاتهم؟ علماً بأنهم في نهاية الأمر سوف يموتون لا منازع، لماذا أنا فقط من يشعر بهذه المشاعر، وأنا وحدي من يفكر بهذه الطريقة؟

أنا في حيرة كبيرة من أمري، فهل أنا مصابة بالاكتئاب؟ أم إنها أعراض القولون العصبي؟

قمت بالبحث كثيراً حول ما أعاني، وقمت بتجربة كل النصائح التي قُدمت لي، ولكن بلا فائدة، فكرت كثيراً بترك الدراسة، والاستسلام لما يحدث، ولكنني أخاف من أن أعيش حياة مجهولة، محاطة بالسواد، خالية من المعالم، فأنا الآن لا أفكر في مستقبلي، ولا أملك ذرة واحدة من التفاؤل، ولا أرى بصيصاً من الأمل، كل تفكيري سوداوي، أصبحت شخصاً يتنفس فقط..

أحتاج منكم تفسيراً، وتوضيحاً لما أعاني، أفيدوني، جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك الثقة في إسلام ويب.

أيتها الفاضلة الكريمة، حالتك مفصَّلة جدًّا، وأنت سألت هل حالتك نفسية، أو روحية، أم جسدية؟ وأنا أقول لك: أن النفس، والروح، والجسد لا تنفصل، كلها كيان واحد، هذه مكونات الإنسان الأساسية.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، وهو درجة بسيطة، أنت ليس لديك ثلاث تشخيصات
(قلق ومخاوف ووساوس)، لا، هي متداخلة في بعضها البعض، ودائمًا ما نعتبرها حزمة ورزمة واحدة، هذه الأعراض كثيرًا ما تكون عابرة في مثل مرحلتك العمرية، وبشيء من الاجتهاد في تحقيرها، وعدم الاهتمام بها، ويجب أن تُحسني تنظيم وقتك، وألا تخافي من المستقبل، ولا تتحسري على الماضي، وتعيشي الحاضر بقوة، وتضعي لنفسك خارطة ذهنية، تُديري من خلالها مستقبل أيامك، يجب أن يكون لك هدفاً آنيًا، وهدفًا متوسط المدى، وهدفًا بعيد المدى.

الإنسان حين لا تكون له أهدافًا واضحة في الحياة، فإنه يملأ فراغاته الذهنية، والفكرية بالوساوس، وبالقلق، وبالمخاوف، وهذه مشكلة كبيرة جدًّا.

فإذًاً غيّري نمط حياتك على الأسس التي ذكرتها لك، وتذكري أن الله تعالى قد حباك في هذا العمر الجميل بطاقات عظيمة، طاقات نفسية وجسدية، وعليك فقط أن تستفيدي منها، وأن تُفعّليها.

لا تخافي من الجوانب الروحية، فأنت في حفظ الله، احرصي على الصلاة في وقتها، والأذكار، وتلاوة القرآن، وعاملي الناس بخلق حسن، والرقية الشرعية عظيمة جدًّا، على الإنترنت توجد الكثير من الرقى للمشايخ، وهناك رقية يمكن أن نسميها على وجه الخصوص، للشيخ (محمد جبريل)، يُشير إليها مشايخنا كثيرًا.

أيتها الفاضلة الكريمة، أنت أيضًا مطالبة بتطبيق تمارين الاسترخاء، وموقعنا أعدَّ استشارة في هذا الخصوص، وضحنا فيها كيفية تطبيق هذه التمارين، على أسس علمية بسيطة جدًّا، ومن يُطبقها يستفيد منها كثيرًا - إن شاء الله تعالى -، وأرجو أن تكوني أنت واحدًا منهم، رقم الاستشارة (2136015).

وختامًا: إن قابلت طبيبًا نفسياً، أو طبيباً عمومياً تثقين فيه، هذا سيكون أمرًا جيدًا؛ لأنه قطعًا تناول أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي، والذي يعرف تجارياً باسم (زيروكسات ) (Seroxat)، ويعرف علمياً باسم (باروكستين ) (Paroxetine).

أو علاج (زولفت ) (Zoloft)، والذي يعرف تجاريًا باسم (لسترال ) (Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين ) (Sertraline)، ولو لفترة بسيطة، سيكون أمرًا جيدًا ونافعًا لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net