أنا حامل بتوأم، وأحدهما فيه تشوّه، فماذا أفعل؟
2015-01-20 03:47:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا حامل بتوأم، والحمل الآن في نهاية الشهر الثالث وبداية الرابع، وأظهر التصوير تشوّهًا في الجنين الثاني، ونوع التشوه فتحة في البطن والأمعاء، والقلب ليس في مكانه، فهو نازلٌ قليلًا، مع قصر وتقوس في العمود.
الطبيب يقول: أمامكم خياران:
الأول: حقن مادة في قلب المشوه، بحيث يوقف نموه ويموت.
والأمر الثاني: تركه، وغالبًا سيموت بعد الولادة بنفسه.
كما قال الطبيب: إن هناك احتمالًا لتسرب هذه المادة للجنين الثاني السليم، ويحصل إجهاض للثاني، فسألته: هل يمكن مع التسرب ألا يحصل إجهاض للثاني، ولكن يحصل تشوّه أيضًا فيه –السليم-؟ فقال: احتمال. فما رأي الدكتورة؟
نحن نخاف أن تؤثر هذه المادة في تشويه الثاني، فنقع فيما نفرّ منه، فيكون الأفضل لنا إسقاط الاثنين، لا سيما ونحن ما زلنا قبل نفخ الروح، ويُباح لنا إسقاط الاثنين في قول كثير من أهل العلم.
ما هي نسبة تأثير المادة في تشوّه السليم، أم أنه لا يحصل منها تشوه وأنه بمجرد وصول أي نسبة منها يحصل إجهاض أو موت للسليم؟
هل من المستحيل عادة أن يعيش مثل هذا المشوَّه؛ فيكون الأفضل تركه بدون حقن؛ وبالتالي تجنّب التأثير على السليم أصلًا؟ مع ملاحظة أن كل توأم في كيس.
أفيدوني، وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتفهّم مشاعرك وقلقك –يا عزيزتي-، ومن المعروف بأن نسبة حدوث التشوّهات الخَلْقِية في الحمل التوأم, هي أعلى من الحمل المفرد.
الحالة عندك تعتبر هامة جدًا, واتخاذ القرار فيها من قبل الزوجين ليس أمرًا سهلًا؛ ففيه تتداخل الكثير من المشاعر المتضاربة, من المسؤولية, والحزن, والذنب، وغير ذلك؛ ولذلك يجب جعل الصورة واضحة قدر الإمكان, وإطلاع الزوجين على الخيارات الموجودة؛ من أجل مساعدتهما في اتخاذ القرار.
لكن يجب معرفة أمر هام, وهو أنه لا يوجد خيار يمكن أن يعطي نتائج مضمونة 100%, فهذا غير موجود، حتى في الحمل الطبيعي.
سأذكر لك أحدث التوصيات المتَّبعة في مثل حالتك, وهي المتبعة في أفضل المراكز الطبية في أمريكا, وتلك المختصة بالحمول المتعددة, هذه التوصيات تقول باتباع أحد خيارين:
1- الخيار الأول: إما ترك الحمل ليُكمِل كما هو, بدون عمل أي شيء, ومخاطر هذا الخيار هي: احتمال أن يتوفى الجنين المشوه داخل البطن, وأن يتعرض الجنين السليم لولادة باكرة بعد وفاة الجنين المشوه, وهذا يحدث بنسبة عالية جدًا.
ومن المخاطر: أنه قد تتعرض الأم إلى حدوث مشاكل في تخثر الدم، وهذا احتمال منخفض.
2- الخيار الثاني: إنهاء حياة الجنين المشوه, وهذا يتم بعدة طرق, وقد تبين بأن أنجحها وأسلمها، هو حقن مادة كيميائية في قلب الجنين المشوه؛ تسمى (بوتاسيوم كلورايد potassium chloride)، وبما أن الحمل التوأم عندك، هو بكيسين مختلفين, فهذا سيجعل الأمور أسهل بكثير -إن شاء الله-, ولن يكون الجنين الآخر عرضة لأن تصله هذه المادة الكيميائية.
نسبة نجاح هذه الطريقة, أي حقن (البوتاسيوم كلورايد), هي بحدود 90%, والمقصود بنسبة النجاح, هو أن هنالك احتمال بنسبة 90% لأن يُكمِل الجنين السليم حياته, وأن يصل إلى مرحلة قابلة للحياة، ويولد بشكل طبيعي -إن شاء الله تعالى-, وحوالي 84% من هؤلاء ال 90%, تبين بأنهم يصلون إلى عمر 32 أسبوعًا أو أكثر, واحتمال حدوث تخثر في الدم عند الأم في هذه الحالة، هو قليل جدًا أو شبه معدوم, وأقل بكثير مما لو ترك ليُتوفى وهو بعمر أكبر, وهذا كله بناء على الدراسات الطبية.
مخاطر هذه الطريقة، هي حدوث الإجهاض للجنين السليم, لكن هذا يتم بنسبة منخفضة، وهي بحدود 5% فقط, وسبَبُ الإجهاض ليس تسرب المادة الكيمائية السامة, بل سببها هو التداخل على جوف الرحم.
من المخاطر أيضًا: حدوث الالتهاب, وهذا الاحتمال يمكن تقليله جدًا، أو إزالته إذا تمت العملية في ظروف تعقيم عالية, مع إعطاء مضاد حيوي بشكل وقائي قبل البدء بها.
من المخاطر كذلك: احتمال حدوث نقص في النمو, أي أن يأتي الجنين السليم بوزن أقل من المعتاد, وأن تحدث ولادة باكرة، ولكن هذا يحدث بنسبة أقل مما لو ترك الجنين ليتوفى بعمر أكبر، كما أنه قد يحدث في أي حمل توأم, حتى لو كان سليمًا.
عندما ننظر إلى الخيارين السابقين نظرة علمية وطبية, فمن الواضح أن الخيار الثاني هو الخيار الأفضل في مثل حالتك.
بالنسبة لك, بما أن الفتوى تبيح لك إنهاء حياة الجنين المشوه, فإنني أنصحك بالمضي قدمًا في هذا الخيار, والسبب هو أن نسبة نجاة الجنين السليم ستكون أعلى, ونسبة حدوث مشاكل صحية لك ستكون أقل, هذا والعلم عند الله -عز وجل-.
عند اختيار إنهاء حياة الجنين المشوه، وأكرر بأنه هو الخيار المفضل في مثل حالتك، فيجب التأكد من عمل ما يلي:
1- يجب أن تتم العملية بيد طبيب استشاري ماهر, وله خبرة كبيرة في هذا النوع من العمليات, والأفضل استخدام مادة كيمائية تسمى (بوتاسيوم كلورايد)؛ لأن الدراسات أثبتت أنها آمنة وأكثر فاعلية من غيرها.
2- قبل حقن المادة الكيمائية, يجب أن يتم التأكد من أنه سيتم حقنها في الجنين المشوه؛ ولذلك يجب دومًا سحب كمية من السائل (الأمنيوسي) أو من دم الجنين المشوه؛ للتأكد من أنه هو المقصود, وتلافيًا لأي خطأ. فهذه المادة لا تسبب التشوه في الجنين, لكنها تسبب توقف القلب وموته.
3- يجب إعطاء مضاد حيوي, من أجل تفادي أي احتمال لحدوث التهابات.
4- يجب متابعة الحمل السليم بعد ذلك بحرص وحذر، خاصة في الفترة بين 18-24، أي لمدة أسبوع, حيث إن هذه هي أكثر فترة حرجة بعد العملية، والتي يرتفع خلالها احتمال حدوث الإجهاض للجنين الثاني –لا قدر الله-.
أنوّه هنا –يا عزيزتي- إلى أن الكلام السابق كله مبني على أن التشوه المشخص عند جنينك, هو تشوه يتعارض مع الحياة, أي أنه تشوه سيسبب موت الجنين عاجلًا أم آجلًا؛ ولذلك يجب أن يكون الطبيب قد تأكد بأكثر من تصوير من نوع التشوه, والأفضل عمل تصويرين في مكانين مختلفين, وبيد طبيبين مختلفين، والأفضل كتابة اسم التشوه باللغة الإنكليزية في رسالتك؛ حتى أعرف تفاصيل التشوه وإنذاره؛ لتفادي أيّ خطأ.
أكرر ثانية على أنه لا يوجد ضمان لأية نتيجة 100%, لكن إذا تمّ التأكد من أن التشوه عند جنينك يتعارض مع الحياة, فإن التوصيات الطبية الحديثة تنصح: بأن يتم إنهاء حياته في أبكر ما يمكن؛ وذلك لأن هذا نسبيًا أفضل لك، وأفضل للجنين السليم, وبالطبع هذا بعد أخذ رأي الشرع.
نسأل الله -عز وجل-، أن يديم عليكم ثوب الصحة والعافية، وأن يرزقكم بما تقرّ به أعينكم.