أعاني من الرهاب الاجتماعي والخجل غير المبرر، ما العلاج؟
2015-02-08 05:20:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا شاب بعمر 25 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي والخجل غير المبرر، وأتلعثم في الكلام، وأعاني من احمرار بالوجه، وأحس أن جسمي يرتعش، ولا أستطيع النظر إلى وجه من أتحدث إليه، وخاصة مع الغرباء أو رؤساء العمل، مما فوت عليَّ فرص الترقية لتجنبي الإحراج أو المواقف المحرجة.
كذلك في المناسبات والأفراح والسوق أعتقد أن الناس ينظرون إلي فيتغير أسلوب المشي، ولكن أستطيع أن أسيطر على نفسي.
أيضا أعاني من الخوف في الظلام إذا كنت لوحدي، لا أستطيع النوم في غرفة مظلمة لوحدي، هذا منذ الصغر واعتقدت مع الوقت أنها تتلاشى ولكن إلى الآن نفس المشكلة.
كما أن عندي قلة الاستيعاب، وعدم التركيز الجيد، والنسيان، فما هي حالتي؟ وكيف العلاج الدوائي والسلوكي؟.
ساعدوني، والله يكتب لكم الأجر.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Waleed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في موقع الاستشارات إسلام ويب، ونشكرك على ثقتك في الموقع.
أيها الفاضل الكريم: مما ذكرته أعتقد أنك لا تعاني من رهاب اجتماعي حقيقي، هنالك شيء من الخجل الاجتماعي المصحوب ببعض الحياء، والحياء -إن شاء الله تعالى- جالب للخير ومزيل للشر، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ) أو قال: (الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْر).
المخاوف هي جزء من حياتنا، والذي لا يخاف لا يحمي نفسه، لكن الإفراط في الخوف أو ما نسميه بالخوف غير المبرر، هذا خطأ جدًّا، وكثير من الناس يتخوفون دون أسباب، لأنهم لا يُقدِّرون ذواتهم تقديرًا صحيحًا.
نريدك أن تبدأ هذه البداية، وهي أن تُحسن الظن في نفسك، وأن تُدرك أن الآخرين ليسوا بأحسن منك أبدًا، هم بشر، وكل الذي يربطنا بالناس يجب أن يكون قائمًا على أن نعاملهم بالمعروف وأن نعاملهم بالاحترام والتقدير، هذا يُشعرك بكثير من الطمأنينة.
نريدك أن تقوم بعملية بناء فكري جديد، فكر يُحقِّر الخوف، ويزيد لديك الشعور على الإقدام والاقتحام واحترام الآخرين، هذا هو الذي تحتاجه أيها الفاضل الكريم.
لا بد أن تقوم بخطوات عملية، أول خطوة عملية تُعالج الرهبة والخوف خاصة إذا كان ذا طابعٍ اجتماعي: الصلاة مع الجماعة في المسجد، يمكن للإنسان أن يبدأ في الصفوف الخلفية، ثم يتدرج ويرتقي حتى يصل إلى الصف الأول، بل يكون خلف الإمام.
هنا – أخِي الكريم – تتفتح آفاق الإنسان وذهنه، لأن الصلاة مع الجماعة هي قيمة عظيمة، قيمة تعبُّدية، وقيمة ذات طابع اجتماعي، يصهر معارف الإنسان، ويجعلك تحسُّ بالطمأنينة والأمان، لأن هذه المساجد هي بيوت الله، وكل من يدخلها لا بد أن تحفُّه الرحمة والسكينة، فاحرص على هذا الأمر.
الرياضة الجماعية وجدتُها من خلال ملاحظات إكلينيكية أنها من أفضل وسائل معالجة الرهاب الاجتماعي، وبر الوالدين، والتفاعل داخل الأسرة علاج عظيم، وهو في متناول اليد.
مشاركة الناس في مناسباتهم، خاصة مشاهدة الإنسان الجنائز، هذا عظيم جدًّا، موقف مُهيب، موقف يتطلب أن يعرف الإنسان معناه، وتلقائيًا سوف تجد نفسك أنك لا تخاف في هذه المواقف، وزيارة المرضى في المستشفيات أمر عجيب وأمر عظيم وفائدة كبيرة جدًّا منه، وأن تُحسن إلى من أساء إليك من الناس، هذا ترويض للنفس وإزالة للمخاوف.
هذه هي البرامج التي أريدك أن تنخرط فيها، وهي نافعة لك قطعًا لعلاج الرهاب والخوف، وفي ذات الوقت عظيمة جدًّا في الأجر وفي إزالة الخوف والرهبة الاجتماعية.
الذهاب إلى الأسواق أيضًا شيء دائم أراه جيدًا، وأريدك أن تذهب بهدف علاج الرهبة، هذا مهم جدًّا، ورفِّه عن نفسك – أيها الفاضل الكريم – فالتطوير الارتقائي للحياة يأتي من خلال الاستمتاع بالحياة وزيادة فعاليتنا فيها.
نريد أن نصف لك دواءً بسيطًا جدًّا، ممتازًا جدًّا يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) لا يُسبب الإدمان، يعالج الرهاب، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة – أي خمسين مليجرامًا – استمر عليها لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله.
هكذا - أخي الكريم - نكون قد وصفنا لك بعض الآليات السلوكية، وكذلك العلاج اللازم، ولا شك أن تناول الدواء بالتزامن مع التطبيقات السلوكية يؤدي إلى نتائج أفضل من الالتزام بأحد العلاجين دون الآخر، فالتفاعل التظافري بين الأدوية والعلاجات السلوكية معروف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.