مصابة بالوسواس منذ عشر سنوات دون أن أدري

2015-02-15 23:58:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر (25) سنة، أعاني من الوسواس القهري، منذ (10) سنوات، لم أكن أعلم بأنه مرض يتطلب المتابعة والعلاج، إلا بعد أن اشتد ووصل بي الحال إلى الرغبة في الانتحار؛ حتى أتخلص من قلقي ومخاوفي، أعلم بأن الانتحار أمر محرم، ومؤمنة بذلك، لكن قوة الوسواس أوصلتني للتفكير به.

قد يطول الحديث حول مخاوفي ووساوسي، فالبداية كانت مع وسواس النظافة، وكثرة الغسل، ثم ترديد مجموعة من العبارات في عقلي، هذه العبارات تخيفني من الأمراض.

وأعاني أيضاً الخوف من الدخول إلى بعض الأماكن، وأعاني الخوف من مقابلة أشخاص معينين، مثال: خوفي من دخول الصيدليات؛ ظناً مني بأن شيئاً منها سيعلق بملابسي، وأنه سوف يؤذيني، علماً بأنني لا أخاف على نفسي، كل خوفي على أحبائي، وأقرب الناس لي، حتى إنني أخاف إيذاء غيري.

أتخيل بأنني أذهب إلى الأماكن التي تثير في نفسي الخوف، وأنني أمسك أشياء، وأتخيل أشياء تعلق بملابسي، ثم تنتقل للأخرين، كثير من الأماكن لم أعد أقترب منها، وكثير من ملابسي أصبحت أتجنب ارتدائها مرة أخرى؛ لأنني زرت بها أماكن معينة وأظن بأن شيئاً قد علق بها.

أخاف من مستحضرات النظافة، والكيماويات، ولا أستطيع الاقتراب منها، أخاف المواد السامة، وأخاف الحشرات والزواحف السامة أيضاً، أتخيل بأنها تنتقل إلى ملابسي، وتعلق بي، وتؤذي غيري، لا أعلم ما هو الحل؟

لقد ذهبت إلى زيارة الطبيب النفسي، وكتب لي عدة أدوية، ساعدتني كثيراً، ولكنها لم تعطني النتيجة المطلوبة، توقفت عن تناولها، ومن ثم عدت لها بعد نصف عام؛ بسبب اشتداد الوسواس، ثم توقفت عنها، فهذه الأدوية مكلفة مادياً، وليست مجدية بشكل واضح.

الأدوية كانت عقار (لوسترال) (فيفوكسيل)، أكملت عاماً كاملاً منذ توقفت عن تناولها، وها أنا اليوم عدت أعاني من جديد، لا أرغب في أي شيء، سوى العيش بلا تفكير، لا أريد الزواج، ولا أفكر في تكوين أسرة، فأنا ضعيفة، لقد تعبت من نفسي، أشعر بأنني أثقلت أهلي، وأهممتهم معي، لا أريد إزعاجهم، ولكنني لا أملك سواهم.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amy حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وساوسك تُعالج، ونحن حقيقة لا نريد الناس أن تعيش مع وساوسها؛ لأن عدم علاج الوساوس، هو أن تستمر لفترات طويلة؛ وهذا يؤدي إلى نوع من التوائم أو قبول الوسواس، لتكون جزءًا من حياة الإنسان، وهذا لا نريده أبدًا.

أنا أقول لك: يجب أن تُعالجي نفسك، ويجب أن يكون هنالك إصرار من جانبك، ويجب أن تكون لك الإرادة لأن تُعالجي هذه الوساوس.

أولاً: الدواء مهم، ومهم جدًّا، ويُضاف إلى الدواء التطبيقات السلوكية.

اكتبي وساوسك هذه في ورقة، وابدئي بأقلها، وانتهي بأشدها، ثم ناقشيها مع نفسك، نقاشًا فيه شيء من المنطق، لكن لا تجعليه حوارًا وسواسيًا، مثلاً: وساوس النظافة: قولي لنفسك: ما الذي يجعلني أخشى هذا الوسواس؟ ما الذي يجعلني أغسل أكثر مما هو مفروض؟، يعني حللي الفكرة، وقومي بفرضها في ذات الوقت، وقومي بالتطبيق مباشرة، مثلاً: ضعي يدك أسفل حذائك، واضغطي على يدك لتكون ملامستها مع أسفل الحذاء بشدة، ثم بعد ذلك امسحي كف يدك هذه مع كف يدك الثانية، هذا فيه نوع من التعريض السلوكي الشديد، وقد تحسِّي بقلق شديد، وهذا هو الذي نريده؛ لأن العلاج يقوم على مبدأ التعريض والمواجهة، مع بروز الخوف والقلق الشديد، بعد ذلك ضعي ماءً في كوبٍ، واغسلي يديك غسلتين فقط، وليس أكثر من ذلك، سوف تجدي أن هنالك استحواذًاً وإلحاحًا شديدًا على أن تُكرري الغسل، لا تقومي بذلك، قولي: لا بد أن أعلاج نفسي، ولن أغسل أكثر من ذلك، وهكذا.

هذا تطبيق بسيط جدًّا، لكنه تطبيق ممتاز، وإذا عرضت نفسك بهذه الطريقة، وبهذه الجدِّية لمصادر وساوسك، أنا متأكد أن الأمور سوف تتحسَّن تمامًا، وهكذا خذي وساوسك واحدًا تلو الآخر، وتعاملي معه سلوكيًا.

والأفكار الوسواسية تُعالج من خلال التحقير، وعدم محاورتها، وعدم إخضاعها لأي نوع من المنطق، قولي للوسواس: أنت فكرة حقيرة، لن أتبعك، وهكذا.


أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فهو مهم ومطلوب، وضروري جدًّا؛ لأن الوساوس في معظم الناس تُسبب الاكتئاب، والاكتئاب اكتئاب بيولوجي ناتج من اضطراب في خلايا الدماغ، هنالك مواد معينة، تُسمى الموصلات العصبية، ومنها مادة (سيروتونين Serotonin) يحدث فيها الكثير من التأرجح وعدم الانتظام في إفرازها، وهي في ذات الوقت من أحد مسببات الوساوس، فالدواء مهم، وهنالك أدوية بسيطة ليست مكلفة، مثل عقار يعرف تجاريًا باسم (أنفرانيل Anafranil)، ويسمى علميًا باسم (كلومبرامين Clomipramine)، مثلاً، دواء قديم لكنه ممتاز.

ليس من الضروري أن تستعملي (لسترال Lustral)، والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، نعم بالفعل هو مكلف، هنالك عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، لكن توجد منه مستحضرات رخيصة.

فإذًا التزمي بتناول الدواء، وبالجرعة المطلوبة، ويمكن لأي واحد من الأطباء أن يصف لك الدواء المطلوب، ومدة العلاج في حالتك يجب ألا تقل عن سنتين، هذه ليست مدة طويلة أبدًا.

أسأل الله الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

www.islamweb.net