وسواس المرض سوف يدمر حياتي فكيف أتخلص منه؟
2015-02-14 07:14:36 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة أبلغ من العمر (28) عاماً, منذ ثلاثة أشهر وأنا أعاني من الخوف والوسواس الشديد من الأمراض, وهذه المخاوف والوساوس أثرت على نفسيتي، وأثرت على حياتي بشكل سيء، فأنا أعاني من ارتجاع المريء، وأعاني من الحرقان منذ خمسة أعوام, وأعاني من قبل ستة شهور, من آلام القفص الصدري، حيث إنني لا أتألم أثناء التنفس، ولكنني حينما أقوم بحمل شيء ثقيل، أشعر بطرقعة عظام الصدر، وتكون في المنطقة التي تتوسط الثديين.
ما أثار قلقي وهلعي في الفترة الأخيرة، هو ما قرأته حول سرطان الغدد اللمفاوية، فحينما قمت بتحسس جسمي، وجدت اثنتين عند الفكين بجانب الأذن, الغدة التي بجانب الأذن اليمنى بحجم الزيتونة الصغيرة، أو أصغر قليلاً, فقد لاحظتها منتفخة، وهذا الانتفاخ منذ ست أو سبع سنوات، ولكنني لم أعرها أي اهتمام, أما الغدة التي بجانب الأذن اليسرى فهي أصغر، وأشعر بأنها ليست كروية مثل الغدة التي في الجانب الأيمن, وكذلك هناك غدد منتفخة خلف الرقبة، علماً بأنني أعاني من الثقل، وأعاني من الآلام في عضلات الرقبة, فقد كانت تشتد، لدرجة تمنعني من إبقاء رأسي مرفوعاً، وأصبحت الآن أشعر بالألم الخفيف والثقل، مع وجود انتفاخ في جانب الرقبة، من الجهة اليمنى، بحجم حبة الذرة تقريباً، وانتفاخ آخر مماثل له من الجانب الأيسر, وأعاني ورماً متحركاً فوق عظمة الترقوة، أشعر بأنه غير كروي, وجميع الأورام التي ذكرتها غير واضحة بالنظر، إنما بالتحسس.
منذ شهر ونصف، عانيت التهاباً في الحلق، فكنت أغرغر مستخدمة الشاي الأسود مع الليمون، فيخرج البلغم بشكل كثيف جداً, وحينما زرت الطبيب، شخص ما أعانيه احتقاناً، فاستخدمت مضاداً حيوياً هو (كلافوكس)، فلم يخف الاحتقان, وإنما تحسن بسبب الغرغرة, ثم تحسنت بعد ذلك، وأصبحت أشعر بشيء يشبه الكرة، وأشعر بأنه عالق في الجانب الأيسر من الحلق, ظل يلازمني هذا الشعور أسبوعاً كاملاً، ثم تحسنت لمدة ثلاثة أسابيع، نسيته ولم أعد أفكر فيه, ولكنني في يوم الأمس أحسست به، على الرغم من أني لم أفكر فيه؛ وبسبب خوفي من السرطان, أسرعت إلى الطبيبة العامة، وحينما قامت بفحص الغدد بيدها، قالت بأن كل شيء طبيعي, ولا داعي للقلق، وبعد خمسة أيام ذهبت إلى طبيب الأنف والأذن والحنجرة، وبعد فحص الغدد، أكد لي الطبيب بأنها طبيعية، وحينما فحص أذني بسبب الألم الذي أعانيه فيها، قال بأنني أعاني من وجود الشمع، وبعد الأشعة تبين وجود التهاب في الجيوب الأنفية، ثم قمت بعمل تحليلاً للدم (cbc)، فكانت النتائج سليمة، ثم قمت بعمل تحليل فيتامين (د)، وكانت النتيجة (15).
وقبل ثلاثة أشهر من الآن قمت بعصر صدري، فلاحظت نزول سائل قليل جداً, لا أستطيع تمييز لونه من قلته, ولكنه أقرب إلى الشفاف, فقرأت عن سرطان الثدي, فأصابت بالهلع، فذهبت إلى الطبيبة، وقامت بفحص الثدي، وفي ذلك الوقت كانت الدورة متأخرة عن موعدها، بعد الفحص تبين بأن الثدي سليم، وما أعانيه هو احتقان بسيط في غدد الحليب, ثم نزلت الدورة الشهرية، فشعرت بالألم في منطقة الثدي والإبط، واستمر الألم حتى بعد انتهاء الدورة, فذهبت إلى طبيبة أخرى، وبعد الفحص كانت النتائج بأن غدد الحليب محتقنة، فأجريت تحليلاً لهرمون الحليب, وكانت النتيجة (14), تناولت عقار (الدوستنكس), لمدة أسبوعين، ثم ذهبت إلى الطبيبة، وقالت بأن الاحتقان قل كثيراً، ثم توقفت، ولم أقم بإعادة التحليل بعد ذلك, علماً بأنني أشعر بوجود الاحتقان في الثدي، وأشعر بأنه يتمركز في الإبط الأيمن, علماً بأن دورتي غير منتظمة، وقمت مؤخراً باستخدام لاصقات (إيفرا)، التي تمنع الحمل.
أعلم أن استشارتي طويلة، وأعلم بأنها مليئة بالوساوس, ولكنني أعاني كثيراً من الوساوس، وأقرأ عن السرطان وعن معاناة المرضى كثيراً, لدرجة أنني قررت القيام بحملة لمكافحة المرض، من شدة شعوري بأنه يسكن جسمي.
جزاكم الله خير الجزاء في الدارين.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك واضحة جدًّا، وقد كلفني الأخوة أن أُجيب عليها، جزاهم الله خيرًا، واستشارتك حتى لم تُوزّع على أحد الأخوة أو الأخوات المختصين في الأمراض الباطنية مثلاً، أو أمراض النساء والولادة؛ لأنها واضحة جدًّا، معالمها نفسية، شكواك ذات طابع نفسي، ومخاوفك نفسية، ولا شك في ذلك.
أريد أن أذكرك بحقيقة هامة، وهي أن النفس والجسد لا ينفصلان، وأننا نعيش في زمانٍ كثر فيه موت الفُجاءة، وكثرتْ الأمراض، ولا نعرف إن كان الطب قد أفاد الناس، أم عقَّد حياتهم، هذا كله أدى إلى أن الكثير من الناس أصبح يُوسوس حول أمراض معينة، خاصة الأورام السرطانية، والأمراض التي لا يُرجى برؤها أو الشفاء منها.
والوسوسة حول أمراض القلب أيضًا كثيرة جدًّا؛ لأن القلب من الناحية الفسيولوجية هو مركز الحياة.
حالتك نفسية - أيتها الفاضلة الكريمة - ولا شك في ذلك، أنت تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، ومخاوفك جُلِّها حول الأمراض، ومرض السرطان، وحصل لك ما نسميه بالتأثير الإيحائي، وهذا نقصد به أن الإنسان حين يخاف من مرضٍ معينٍ، يبدأ في تفصيل أعراضه على ذاك الأساس، مثلاً: موضوع الغدة اللمفيَّة الموجودة في منطقة الرقبة: هذا أمر طبيعي جدًّا، وهذه نجدها عند الكثير من الناس، خاصة الأطفال، وهي ناتجة من التهابات سابقة، خاصة التهابات اللوز المتكررة، وهذه الغدد اللمفية هي المصفاة أو الشِّراك التي تلتقط الجراثيم، وفي بعض الناس حين تكون هنالك التهابات متكررة، يحدث لها نوع من التحجُّر والتضخم البسيط، وهذا أمر طبيعي جدًّا.
إذًاً: الذي تعانين منه هو ليس مرضًا عضويًا حقيقيًا، إنما خوف من مرض عضوي، وحديثك عن السائل الذي خرج من الثدي، والعلاقة بين احتقان الثدي والدورة الشهرية، هذا كله حقيقة وسوسة مرضية، سرطان الثدي منتشر عند النساء، لذا من الطبيعي ما دام لديك تخوفات مرضية سوف تُوسوسين حوله.
أريد أن أوصلك رسالة مهمة جدًّا، وهي: اعرفي أن الإنسان ما يُصيبه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: الخوف من الأمراض لا يجلب الأمراض ولا يحمي من الأمراض.
النقطة الثالثة: الإنسان يعيش حياة صحيَّة، هذا يُساعد، والحياة الصحية تعني: الحرص على العبادات، النوم المبكر، ممارسة أي تمارين رياضية، الغذاء المتوازن، استغلال الفكر بصورة صحيحة، وتوسيع وتطوير المهارات الاجتماعية، وأن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره، هذا يؤدي إلى إزاحة تامة لفكر المخاوف والوسوسة حول الأمراض.
ونقطة أخرى مهمة جدًّا: أنصحك بأن تذهبي إلى طبيبة المركز الصحي مرة كل ستة أشهر، أي مرتين في السنة، من أجل إجراء فحوصات عامة، وتعزمي مع نفسك ألا تذهبي لأي طبيب آخر، لقد وجد هذا النوع من الترتيب - أي الفحص الدوري -، بأنه يطمئن كثيرًا أصحاب المخاوف المرضية.
أيتها الفاضلة الكريمة: أحد الأدوية المضادة للخوف المرضي هو عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس )(Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام )(Escitalopram)، وكذلك عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت )(Zoloft)، أو يعرف تجاريًا باسم (لسترال )
(Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين )(Sertraline)، وجد أنه مفيد جدًّا، فتواصلي مع طبيبتك، لتصف لك أحد هذين الدوائيين، أو أي دواء آخر من نفس المجموعة يراه مناسبًا بالنسبة لك.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.