أعاني من القلق والخوف من المستقبل، فما الحل؟
2015-04-06 03:13:19 | إسلام ويب
السؤال:
القلق من المستقبل ومن أن أخسر وظيفتي، ومن أن أرتبط خوفا من الرزق- أتعبني وأجهدني، فمنذ أن مرضت بآلام المعدة منذ عام ونصف وأنا ثقتي قلّت، والقلق ازداد لدي، وصرت أقلق من كل شيء.
أود الارتباط لكني أخاف المسؤولية، أريد أن أتحدى الحياة لكن الخوف يأتي دوما من الغد، أنا شخصية طيبة القلب، وأعاني من التعامل مع الناس الذين لا يقدرون ويستغلون الطيبة، وألوم نفسي على طيبتي، فما الحل؟
أريد الزواج وأخاف المسؤولية والقلق.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها -الفاضل الكريم-: قطعًا رسالتك لها علاقة برسائلك السابقة، فالقلق هو عرض من الأعراض وطاقة من الطاقات النفسية التي يحتاجها الإنسان من أجل أن ينجح، من أجل أن يُثابر، من أجل أن يُحدد أسبقياته، فإذًا القلق طاقة مُحرِّكة لنا في حياتنا، لكن قطعًا إذا خرج القلق عن نطاقه الطبيعي، أو زاد، أو لم نُحسن إدارته، هنا سوف يتحول إلى قلق سلبي.
أنت الآن قَلِق حول كل شيء، قَلِق حول الرزق، قَلِق حول المستقبل، وقطعًا قَلِق حول حاضرك أيضًا.
أخِي الكريم: المبدأ الرئيسي هو أولاً: ألا تتحسَّر على الماضي، ولا تخف من المستقبل، فالمستقبل بيد الله تعالى، ولا يُقدِّر إلا الخير، والشر ليس إليه، وأنت فقط مُطالب بأن تتخذ الآليات والأسس التي تدفعك نحو حياة مستقبلية طيبة {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وهذا يتم من خلال وضع أهدافٍ معينة في الحياة، أهداف آنية، أهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى.
أخِي الكريم: أعطيك أمثلة بسيطة جدًّا: الهدف الآني مثلاً، أن تُقرر الآن أن تذهب وتزور شخصًا في المستشفى، شخص مريض، هذا هدف، وهدف سامٍ جدًّا، حين تُحققه سوف تشعر بمردود إيجابي كبير.
الهدف متوسط المدى هو هدف خلال ستة أشهر، مثلاً: أن تُقرر أن تحفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم، هذا هدف، وهدف عظيم جدًّا، وتحقيق الهدف –أيًّا كان– يعرف عنه أنه يجعل الإنسان يشعر بالثقة بنفسه.
أما أهدافك على المدى البعيد فهي واضحة، وهي الزواج، وتطوير نفسك من ناحية عملك ووظيفتك، وتحسين مهاراتك الاجتماعية، وهذه كلها تحت إمكانياتك، بشرط ألا تخاف من المستقبل، وأن تُقدِّم مشيئة الله في كل شيء، وأن تُحسن الظن به، وأن تسعى {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}.
هذا التغيير –أخِي الكريم– لا يأتي إلا منك أنت، لا أحد يستطيع أن يُغيِّرَك أو يُبدِّلك، والأسس هي تقوم على ما ذكرته لك: لا حسرة على الماضي، لا خوف من المستقبل، والتوكل على الله، والحرص على ما ينفع، وعدم العجز.
وحقيقة الحاضر هو الأهم، لأن الحاضر هو مستقبل الماضي، وهو ماضي المستقبل، فإذًا هو الأهم، ويجب أن تعيش الحياة على هذه الأسس، وحُسْن إدارة الوقت دائمًا هي وسيلة من وسائل النجاح في الحياة.
ويا أخي الكريم: اسأل الله تعالى أن يرزقك الرزق الطيب الحلال، واسأل الله تعالى أن ييسِّر أمرك.
حرصك على الأذكار أراه ضرورة كبيرة، -وإن شاء الله تعالى- ينزل عليك شيء من الطمأنينة، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
أخي -الكريم الفاضل-: لا مانع من أن تستعمل أحد الأدوية المضادة للقلق من فترة إلى أخرى، وعقار (دوجماتيل Dogmatil) والذي يسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) ربما يكون مناسبًا لك بجرعة كبسولة إلى كبسولتين في اليوم لمدة -مثلاً- أسبوعٍ إلى أسبوعين، ثم تتوقف عن تناوله، ويمكن أن تتناوله بعد ذلك في فترة لاحقة.
والرياضة اجعلها جزءًا أساسيًا من حياتك؛ لأنها -فعلاً- ترفع من الكفاءة النفسية للإنسان، وأكثر من الاطلاع، واجعل نفسك من الذين يرتادون حِلق القرآن في المساجد، هذا يعطيك ثقة عظيمة جدًّا في نفسك، وتنتهي من إيلامات النفس السلبية، ويتحول القلق -إن شاء الله تعالى- إلى قلق إيجابي.
أعتقد أن الصورة واضحة جدًّا، وما ذكرناه يكفي تمامًا إن طبقته.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.