ذكرت لزميلي ما نتعرض له من سب وشتم من زميل آخر، فأخبره بذلك، ما الحل؟

2015-05-10 04:17:43 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

لي زميل في العمل كثير السب والشتم والفحش في الهاتف، فقلت لزميل آخر: إنه يجب على زميلنا احترام الآخرين، وعدم السب والتكلم بكلام فاحش أمامنا، فقام هذا الأخير بإخبار الزميل الأول، وأنني اشتكيت منه، فأخذ موقفًا مني، وأنا الآن أخاف من انتقامه!

هل أنا في هذه الحالة أُعتبر مغتابًا، وهل الزميل الثاني يعتبر نمامًا؟ وكيف يكون إصلاح الأمر؟

شكرًا لكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يقيك شرَّ كل ذي شرٍّ من الإنس والجن، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب أن أبيِّن لك أمرًا، وهو أن الشرع طلب منا أن نتناصح، وجعل من خيرية هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكنتُ أتمنى فعلاً -بدلاً من أن تتكلم عن زميلك أمام الزميل الآخر- أن تتكلم إليه شخصيًا، وأن تحاول أن تنصحه ابتغاء مرضاة الله –تعالى- برفق ولين، وبأسلوب يقبله، فإنْ قَبِل منك وترك هذا الكلام، فتكون بذلك قد حققت الغاية من الأخوة الإسلامية، وكففتَ أذاه عن الناس، وإن لم يقبل منك، فتكون قد أعذرت إلى الله -تبارك وتعالى- ولن يؤاخذك الله -تبارك وتعالى- على سلبيتك، بل قمت بالواجب عليك، وهو واجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كنت أتمنى أن يكون الأمر كذلك، وكم أتمنى أن تستفيد من ذلك في المستقبل.

أما فيما ورد بكلامك مع زميلك الآخر، فإنه مما لا شك فيه أن الكلام -فيما فهمتُ أنا- ليس غيبة واضحة، وإنما هو تعريض بالكلام، وهذا أشبه ما يكون بالغيبة، إلا أنه ليس غيبة فيما أفهم، وأسأل الله ألا تكون مُغتابًا.

أما فيما يتعلق بالأخ الآخر، فإنه -مما لا شك فيه- نمَّام؛ لأنه نقل الكلام بقصد الوقيعة بينك وبين صاحبك، وهذا ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: (لا يدخل الجنة قتَّات)، والقتات هو النمام.

فهذا رجلٌ قد وقع في معصية، فعليه أن يحاول أن يُصلح ما بينكما كما أفسد.

كيف يُصْلَحُ الأمرُ؟ أن تعتذر للأخ، وتقول له: أنا حقيقة كان الواجب عليَّ أن أتكلم معك مباشرة، ولكني كنتُ فقط أفضفض عمَّا في نفسي، وأُخرِجُه لعدم راحتي لتصرفك؛ خوفًا عليك، أنا لا أجبرك على شيء، ولا أقع فيك بسوء، ولكنْ خوفًا عليك من غضب الله وعقابه؛ لأن عملية السب والشتم والفحش في الكلام هذه كلها معاصٍ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن أي كلمة ينطق بها الإنسان سوف تُسجل له أو عليه، وكما أخبر الله -تبارك وتعالى-: {ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد}، وأنا خِفتُ عليك من عذاب الله -تبارك وتعالى- وعقابه بسبب هذه العبارات التي تخرج منك، وأنا واثق أنك لن تقصدها، ولكنها في نفس الوقت أيضًا هي مزعجة ومؤلمة وتُسبب لك حرجًا عظيمًا في الآخرة، ومن هنا فإني قلتُ ما قلتُه، ليس بقصد الانتقاص منك، وإنما فقط كنت أتمنى ألا تكون كذلك، وأن تكون ألفاظك أفضل حتى تكسب ثوابًا عظيمًا وأجرًا كبيرًا من كلامك.

بهذه الطريقة تحاول أن تلطف الجو معه، ولا مانع من أن تستعين بإنسانٍ عاقلٍ آخر ليتوسط بينكما، فإن استجاب الرجل ولم يتعنَّتْ، فهذا هو المطلوب، وأنت بذلك قد أخذت درسًا، وإذا أصرَّ على موقفه، فأنت قد أعذرت إلى الله، واعتذرتَ له، وليس له عندك إلا هذا، ولكن عليك كلما مررت به أن تُسلِّم عليه، ولو بإلقاء السلام العادي؛ حتى لا تكون هاجرًا له أو قاطعًا، فإن ردَّ عليك فحسن، وإن لم يردَّ عليك، فقد أعذرت إلى الله أيضًا.

هذا، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net