أعاني من وسواس الطهارة بصورة لا تحتمل
2015-04-26 04:28:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أعاني من وساوس الصلاة والطهارة بطريقة لا تحتمل، وخصوصا وسواس المذي، وقد ارتكبت إثما وأنا لا أدرى ماذا أفعل، وكيف أرجع إلى الله؟ لأنني على يقين بأنه سبحانه لن يقبل صلواتي أبدا، فقد كنت أبحث في الإنترنت ذات مرة على أمر ما، فشاهدت مواقع سيئة، ثم ندمت كثيراً وتبت لله تعالى، وكنت أجلس على كرسي، ونزل مني المذي على ملابسي الخفيفة التي كنت أرتديها، فقمت مسرعة لكي أغتسل، وتركت كل شيء مكانه ولم أطهره، فهل من جلس بعدي، أو لامس هذا المكان قد تنجس أيضاً؟
الموضع الذي جلست فيه كان به تراب، وكان من الصعب أن أتحقق أو أحكم، ثم وضع أحدهم بعدها بأيام كثيرة معطف مبللاً على هذا الموضع، وبعدها وضعه في دولاب الملابس، وأنا لا أعلم أكان المعطف عندما وضعه في الدولاب قد جف أو لا؟ فهل تنجس الدولاب بما به من ملابس أيضاً؟
قرأت ذات مرة أن هذا النوع من النجاسة يتطهر بنضح الماء، فقمت برش الماء بكثرة في أنحاء الغرفة كلها، حتى أنني أغرقت الغرفة بالماء بكل ما فيها من ملابس، والسجاد المخصص للصلاة، وما جاورها أيضاً، لكنني أصبحت أتأخر عن أداء الصلاة وأقصر فيها لخوفي أنها لن تقبل مني، وأخشى ألا تقبل صلاة جميع من في المنزل بسببي، فماذا أفعل؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبة الجنة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أشكر لك رسالتك هذه، وهي رسالة مهمة جدًّا، لأن نوعية الوساوس التي تعانين منها هي بالفعل وساوس مؤلمة جدًّا للنفس، هي وساوس تُسمى بوساوس الاستشراء، أي أن فكرة معينة قد استشرتْ وانتشرتْ، وأصبحت خارج حدود نطاق التحكّم الوجداني للإنسان.
اعتقادك أن ما حدث منك، وانتشر بسببك شيء من النجاسة على الملابس والدولاب (خزانة الملابس)، حتى السجادة الخاصة بالصلاة: هذا وسواس مؤلم لا شك في ذلك، وبكل أسف إغراقك الحجرة بالماء هو نوع من المكافئة لهذا الوسواس الشِّرِّير.
أيتها الفاضلة الكريمة: سوف يفيدك الشيخ أحمد الفودعي بكل ما ينفعك حول هذا الوسواس من الناحية الشرعية، وأنا أقول لك: من الناحية النفسية هو وسواس، ولا حرج عليك أبدًا، والوسواس هو فكرة حقيرة متسلطة، يعقبها أفعال قائمة على تلك الفكرة، فإذًا ما قام على الباطل فهو باطل، هذا منطق بسيط جدًّا.
أيتها الفاضلة الكريمة: اعلمي أن هذه الوساوس متسلطة، مستحوذة، مُلحة، مقتحمة لوجدانك، إذًا أنت -إن شاء الله تعالى- من أصحاب الأعذار في هذا السياق، وأنا أقول لك: أنت -إن شاء الله تعالى- بخير، وهذه الوساوس تسلطتْ على الكثير من الناس، حتى في عهد الصحابة -رضوان الله عليهم- هنالك من اشتكى إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من هذه الوساوس، فطمأنهم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ونصحنا -صلى الله عليه وسلم- بأن نُكثر من الاستغفار، وأن ننتهي، ألا نُكافئ هذه الوساوس أبدًا، أن نحقّرها، أن نتجاهلها، ألا نأخذ بها، وهذا هو الذي أنصحك به.
والأمر الآخر -أيتها الفاضلة الكريمة-: أنت في حاجة قاطعة وماسَّة للعلاج الطبي النفسي، هذا النوع من الوسواس يُعالج دوائيًا بصورة ممتازة جدًّا، بجانب تطبيق الأسس السلوكية العامة التي حدَّثتُك عنها، فحاولي أن تذهبي إلى الطبيب النفسي؛ لأن مناقشة الطبيب، -خاصة الطبيب المسلم الثقة-، مناقشته سوف تكون مفيدة جدًّا لك، فأنت محتاجة بالفعل لشيء من المتابعة، هذا الوسواس يُعالج تمامًا، أرجو ألا تترددي، وأرجو ألا يُقنعك الوسواس بعدم جدوى العلاج، فالعلاج مفيد جدًّا، باركَ الله فيك، وجزاك خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور: محمد عبدالعليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ: أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
قد أحسنت -أيتهَا البنت الكريمة- حين تبت إلى الله تعالى ممَّا وقع منك من النظر في هذه المشاهد والمناظر المحرمة، ونرجو الله تعالى أن يثبتك على ذلك، وألا تعودي إلى تلك الذنوب، وكوني على ثقة تامة -أيتهَا البنت الكريمة- بأن إطلاق النظر في هذه المناظر لا يقضي به الإنسان أربًا، ولا يُخفف به شهوة، بل لا يزيد الشهوة إلا اشتعالاً، مع ما يُعرِّضُ به الإنسان نفسه لسخط الله تعالى، والوقوع في أنواع من الإثم، فاثبتي على ما أنت عليه من التوبة، وخذي بأسباب الاستعفاف، ومن ذلك أن تحفظي سمعك وبصرك عن كل المُثيرات، ومن ذلك أيضًا أن تشغلي نفسك، وتملئي وقتك بالشيء النافع من أمر الدين أو أمر الدنيا، وأن تُقللي من الاختلاء بنفسك بقدر الاستطاعة.
وأما ما ذكرت بشأن النجاسة، فالأصل في الأشياء كلها الطهارة، ولا نحكم بتنجُّسها إلا عندما نتيقن وقوع النجاسة عليها يقينًا لا شك فيه، كتيقننا من وجود الشمس في النهار، أما ما لم يحصل لنا بهذا اليقين، فإن الأصل في كل شيء الطهارة، فالثياب الأصل فيها الطهارة، والأثاث، ونحو ذلك ممَّا ذكرته، كل ذلك طاهر ما دمتِ لم تتيقني وقوع النجاسة على شيءٍ من ذلك.
وما كان يلزمك أن تفعلي كل هذا الذي فعلتيه من نضح كل أغراض الغرفة بالماء، والأغلب أن المذي إذا خرج من المرأة فإنه لا ينتقل إلى ما حولها وما هي جالسة عليه، ونحن نظنَّ أن كل هذا من آثار هذه الوساوس التي تعانين منها، فاعرضي عنها إعراضًا كُليًّا، وابقي على الحكم على الأشياء بالطهارة، لأن ذلك هو الأصل، ولا يزول ذلك الأصل بمجرد الشك.
وبهذا تعرفين أن كل هذه الأغراض التي تتكلمين عنها طاهرة باقية على أصلها، هذا هو حكم الله -سبحانه وتعالى-، وإن كان مخالفًا للواقع، أو لما هو في نفس الأمر في الحقيقة ما دمت لا تعلمينه، فإن الله تعالى تعبَّدنا بشرعٍ، وألزمنا بأن نقوم به، وأن نعمل بما فيه، ونحن إذا فعلنا ذلك كنا سالكين الطريقة التي يرضاها الله تعالى ويُحبها.
ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يوفقك لكل خير.