أنقذوني من الوسواس القهري فقد دمر حياتي

2015-04-29 00:25:57 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم..

أنا طالبة في كلية الطب، وأعاني من مشكلة، وأرجوكم أن تساعدوني بعد أن كدت أن أفقد الأمل، فقد رأيت موقعكم وأحسست أن هذه رسالة من رب العالمين أن لا أيأس، وكم ارتحت عندما قرأت ردودكم.

قبل 6 أشهر تقريبا كنت أعاني من وسواس قهري، وعدم الرغبة في الخروج من البيت، وكانت تأتيني pank attack ، فذهبت لدكتور نفسي، فقال: بأن عندي OCD، فأعطاني بروزاك ولبروكسايد، بمعدل كبسولتين في اليوم، فتحسنت إلى درجة كبيرة لم أتخيلها أبدا، فقد بدأت درجاتي تتحسن في الجامعة، وحياتي الاجتماعية والأسرية، وكل شيء تحسن في حياتي، فشخصيتي صارت قوية، وأحس أن روحي رجعت لطبيعتها، فارتحت جدا بعد أن رأيت هذا التحسن، فقللت من العلاج، وبدأت آخذ كبسولة بروزاك فقط يوميا، وبعد أربعة أشهر جاءتني النوبة panic attack مرة ثانية، ورجع لي الوسواس القهري مرة أخرى، ولا أتقبل الواقع، وعدت لكرهي للخروج من البيت، وأشك أن بعض الأمراض النفسية سوف تصيبني، وهذا الأمر قد آذاني لدرجة شديدة، وجعلني أتغيب عن الدوام، وأهلي وقفوا إلى جانبي، وبمساعدتهم تحسنت قليلا، ولكن بين فترة وأخرى يرجع الوسواس، وترجع الضيقة من كل شيء، فما هو الحل؟

أريد أن أرجع لحياتي الطبيعية، وأحقق أهدافي، وأساعد الناس، وأترك بصمة في الحياة، لقد مللت من هذا الوسواس الذي دمر حياتي، أريد العلاج السلوكي والدوائي الأمثل.

وبارك الله فيكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قطعًا هنالك ارتباط كبير بين الوساوس القهرية ونوبات الهرع وكذلك المخاوف، حيث إن القلق يعتبر هو المكوّن الرئيسي لها جميعًا.

تحسَّنك على البروزاك كان ملحوظًا وواضحًا، والبروزاك يعرف أنه من أكثر الأدوية التي يمكن أن تقهر الوساوس القهرية، وهذا قطعًا يؤدي إلى تحسَّن مزاجي كبير، وكذلك يُقلل أو يزيل نوبات الهرع والفزع.

أيتها الفاضلة الكريمة: المكوّن العلاجي الرئيسي لمثل حالتك هو المنحى البيولوجي، يعني عن طريق الأدوية، والجانب السلوكي، والجانب الاجتماعي، والجانب الروحي، والذي نحب أن نسميه (العلاج الإسلامي)، هذه الأربعة يجب أن تأخذ الحيز الكامل في تفكيرك، مما يؤدي -إن شاء الله تعالى- إلى شفائك.

الآن هنالك دراسات حديثة تُشير إلى أن الأدوية فعّالة جدًّا، ولكن يُعاب على الأدوية أنها تُحسِّن الإنسان للدرجة التي تُقلل من فعاليته في التطبيقات السلوكية، يعني أن الإنسان يكون مسترخيًا، وتكون الأمور متجهة اتجاهًا إيجابيًا، ممَّا يجعله يهمل تمامًا العلاج السلوكي، لذا بعض علماء السلوك يرون أن استعمال الأدوية قد يكون ضارًا لبعض الناس، وأنا لا أتفق مع هذا الرأي قطعًا، أرى أن العلاج الدوائي مهم وضروري، ولكن يجب ألا يُعتمد عليه الاعتماد المُطلق.

البروزاك الذي تناولته هو العلاج الأفضل والأمثل لحالتك، وأنا أرى أنه دواء سليم ومتميز وقليل الآثار الجانبية، وتجربتك السابقة كانت معه إيجابية، وأرى أن ترفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم الآن، وأن تستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم تتناولين كبسولة واحدة يوميًا لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، بعد ذلك اجعليها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقفي عن تناول البروزاك.

وفي بعض الدول يوجد مستحضر يسمَّى (بروزاك 90)، يتميز بأنه يمكن تناوله بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع، وذلك بعد التحسُّنِ التام على البروزاك العادي، ولكن طبِّقي الطريقة التي ذكرتها لك، وأعتقد أنها جيدة جدًّا.

أما بالنسبة للتطبيقات السلوكية: فيجب أن تقوم على مبدأ التغيير الفكري التام، والتغيير التام لنمط الحياة، فهذه هي الأسس.

فكريًا يجب أن تُحقَّر الوساوس، ويجب ألا تناقش، ويجب ألا تحاور، ويجب أن تكوني دائمًا إيجابية التفكير، وفي ذات الوقت تجعلين نمط حياتك مسترخيًا، بأن تطبقي تمارين الاسترخاء، وأن تمارسي شيئًا من الرياضة، وأن تُحسني إدارة وقتك، وأن تحسِّني من تواصلك الاجتماعي، وحرصك على الصلاة في وقتها، والتزامك الديني التام، مساهماتك الإيجابية في نطاق الأسرة، وهذا قطعًا يعتبر مؤشرًا إيجابيًا، وأنت طالبة بكلية الطب، وقطعًا عليك مسؤوليات أكاديمية كبيرة، أعطيها الوقت المناسب، ولكن هذا لا يجب أن يكون على حساب المهام الحياتية الأخرى.

هذه هي المبادئ العامة فيما يخص علاج مثل حالتك، وإن شاء الله تعالى ستسير أمورك إلى خير.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net