العامل النفسي وتأثيراته في الشعور بالأمراض العضوية.

2004-09-13 20:13:15 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي هي في الحقيقة عدة أمراض، وقد أجبتم على بعضها، ولكني لم أسأل عن الكثير منها؛ لكثرتها، ولإحساسي بالحرج؛ فأحس أنني ليس من حقي أن أسأل بكثرة، ولكني سوف أكتب كل ما عندي في رسالة واحدة، على أمل أن أجد لديكم جواباً شافياً بإذن الله.

أول ما أعانيه هو أصوات بالرأس لا نهاية لها! فهي تشبه هدير الماء! هذا المرض لا يجعلني أفكر، ولا أستمتع بالهدوء إطلاقاً، وهذا أقسى من ضربة بالسياط على رأسي؛ فأنا أعشق الهدوء إلى درجة لا توصف.

ثاني هذه الأمراض آلام في الرقبة أصابتني من ضربة بخشبة على أعلى الرقبة من والدتي وأنا صغير، منذ 23 عاماً، وقد نصحني بعض الإخوة بالذهاب إلى الوالدة؛ لكي تتفل وتقرأ عليها، وقد فعلت، فبكت، وقرأت، ولكن دون جدوى.

وثالث هذه الأمراض أن أوساخ الأنف -أكرمكم الله- تنزل بغزارة بداخل فمي؛ وهذا يسبب لي حرجاً كبيراً؛ لكثرة ما أستعمل المناديل! وقد أجبتم -بارك الله فيكم- على ذلك سابقاً، ولكن أسأل هل هذا الوسخ يضر بالجسم؟ علماً أن ذلك حصل منذ خمس سنوات.

ورابع هذه الأمراض آلام في البطن، يقول الطبيب أنه قولون عصبي، لكن لا يوجد له علاج حاسم؟ علماً أنه أصابني قبل 17 عاماً.

وخامس الأمراض هي آلام في الساقين، بدأت معي منذ 8 سنوات، وقد حيرتني، وحيرت الأطباء معي: فمنهم من يقول التهاب، ومنهم من يقول الكولسترول زائد، ومنهم من يقول مجرد أملاح، وآخر يقول حامض البوليك، وغيره يقول أن الأرجل ابتعدت قليلاً عن عظمة الساق -وطلب مني أن أعمل عملية جراحية، ورفضت- وآخر يقول أن وزني هو السبب، فأنا وزني 92 كيلو. ألستم معي أنني في حال لا يعلمها إلا الله.

واختلفت الأدوية: فكل طبيب يطلب أشعة، وتحاليل، ويعطيني علاجاً مختلفاً! وقد عملت -عملاً بنصيحتهم- علاجاً طبيعياً، وكذلك تدليك، وأكثرت من شرب السوائل، هذا غير الأدوية التي استعملتها بدقة. علماً أنها آلام شديدة، فإذا مارست الرياضة أسبوعين أو أكثر تعود إلي، وإذا انقطعت عن الرياضة اختفت تماماً، فهي آلام، وليست إصابة أبداً.

وقد ذهبت إلى طبيب شعبي اسمه سلامة الجهني، في المدينة المنورة مشهور بالعلاج بالكي -لعلكم سمعتم به- وطبعاً أكتويت دون أدنى فائدة.

أما سادس الأمراض فهي الرعشة، ولكني مع الأسف لم أذهب للعلاج؛ لأنني سمعت أنها وراثة.

وسابع هذه الأمراض أنني فاقد لحاسة الشم تماماً، وعندما ذهبت إلى الطبيب، سألني قائلاً: هل أحد من أقاربك لا يشم مثلك، فأخبرته أن أمي وثلاثة من إخوتي واثنتين من أخواتي لا يملكون حاسة شم مثلي، فطلب مني أن أحضرهم جميعاً، ولكني استصعبت الأمر؛ لأنني في مدينة الدمام، وهم في الطائف والباحة.

وثامن هذه الأمراض أنني أخاف كثيراً جداً من ركوب الطائرة، ومن السكن في الفنادق ذات الأدوار الكبيرة، أو أي بناية تكون شاهقة الارتفاع، كذلك أخاف كثيراً من الصراصير والجراد إلى درجة تخجلني كثيراً كثيراً.

وتاسع الأمراض أنني أتلعثم في الكلام في مرات محدودة، لا أدري لماذا؟

وأخيراً إنني أحمل هموم الدنيا بدون سبب يعلم الله، ليس عندي مشاكل عويصة، ولكن لماذا أنا دائماً مهموم؟ والله إن الشيب يزداد بسرعة في رأسي من الهموم! فإن ذهبت، أو جلست، أو نمت، أو اشتغلت، أو فرحت، أو استرحت، أو....أو...،فإن الهموم لا تفارقني. بل أصبحت هي التي تتحكم في. فما أجلس مع أحد إلا ويسألني لماذا تفكر؟ ولماذا أنت مهموم؟ وما الذي يشغلك؟ فلا أجد إجابة مقنعة، بل والله إنني عندما أستمع إلى أحد قليلاً فإنه لا يتكلم بعدة كلمات إلا وقد صرفني تفكيري عنه، وبصراحة لو وجدت علاجاً لهذه فقط، لكفاني عن كل مرض.

إنني بصراحة قد عالجت نفسي من بعض تلك الأمراض، ولكن دون فائدة! وعندما عجزت، وعجز الأطباء معي، لم أحاول أن أعالج بعض تلك الأمراض؛ لإحساسي أن المرض الذي يأتيني لن يبرح مكانه.

وأخيراً فقد أزعجتكم بما قرأتم، ولكن سامحوني، فوالله إنني في هم عظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لقد أوردت في رسالتك عدة شكاوى، ولا نستطيع أن نقول أنها أمراض؛ حيث نعتقد وبقوة أن العامل النفسي لعب دوراً أساسياً وقوياً فيما تعاني منه، خاصةً الجزئية الأخيرة التي ذكرتها، وكذلك الأصوات المزعجة في الرأس، وآلام القولون العصبي، والساقين .

وقد اتفق علماء الطب بأن هذه الحالات تندرج تحت ما يعرف بالأمراض النفسوجسدية، حيث أن الخلل الأساسي يقع في اضطرابات نفسية، أو قلق وتوتر داخلي من النوع المقنّع، وهذا ينعكس في معظمه في شكل أو في صورة أعراض جسدية.

أرجو يا أخي أن تطمئن لهذا التفسير، فهو الأرجح والأقرب من الناحية العلمية.

ثانياً: بناءً على ضوء ما ذكرته لك أرجو أن لا تتردد بكثرة على الأطباء؛ لأن كل واحد منهم سوف يعطيك تفسيراً حسب تخصصه، وهذا في حد ذاته قد يعقد الأمور ويؤدي إلى نوع من المراء أو التوهم المرضي .

ثالثاً: أود يا أخي أن أطمئنك تماماً أن حالتك سوف تستجيب، وبدرجةٍ كبيرة إن شاء الله لبعض الأدوية النفسية، بشرط أن تلتزم في تناولها بالجرعة الصحيحة، وللمدة المطلوبة، والأدوية التي أريد أن أرشحها لك هي:

العقار الذي يعرف باسم دوجماتيل Dogmatil، والجرعة هي 50 مليجرام ثلاث مرات في اليوم، لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة صباح ومساء لمدة ثلاثة أشهر أخرى، والدواء الآخر هو من أدوية الاكتئاب القديمة، لكنه سليمٌ وفعال وقليل التكلفة، أيضاً دواء Imipramine، والجرعة هي 25 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تُرفع إلى 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين آخرين، ثم إلى 75 مليجرام يومياً، تتناولها بواقع 25 مليجرام في الصباح، ثم 50 مليجرام ليلاً، وتستمر على هذا المنوال لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة بواقع 25 مليجرام كل أسبوعين، حتى تتوقف عنها .

هذا العلاج ربما يسبب لك بعض الشعور بالجفاف في الفم، وثقل في العيون، وربما إمساك بسيط في الأيام الأولى للعلاج، وسوف تختفي هذه الآثار الجانبية بإذن الله تعالى بالاستمرار في العلاج .

أخي، بجانب هذا العلاج الدوائي وُجد أن ممارسة الرياضة بصورةٍ متدرجة تساعد كثيراً، ولا تنسى يا أخي أن التمسك بُعرى الدين يزيد من قناعات الإنسان وتوكله وصبره، مما يجعله لا يركز كثيراً على وظائفه الجسدية، ويُبعد عنه الشعور بالمرض، خاصةً الأمراض النفسوجسدية .

وبالله التوفيق.



www.islamweb.net