صديقتي تنفر الناس بطبعها ولا تستمع لنصائحي، هل أتركها تجرب وتتعلم؟
2015-08-02 06:20:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولا: أريد أن أشكركم كثيرا على جهودكم فردا فردا، جزاكم الله خير جزاء.
استشارتي متعلقة باستشارة سابقة رقمها (2279528) فيها ذكرت طبع صديقتي الجاف وأريد أن أوضح بعض النقاط.
لا أستطيع أن أساعدها في موضوع المختص النفسي، فلا أعرف أحدا ولن تقبل أن تزور دكتورا. أما موضوع الزواج، حتى إذا تجرأت ومهدت الطريق لشاب جيد أن يخطبها، لا أعرف هل ستكون جيدة معه؟ فإذا بقيت بهذا الأسلوب بعد الزواج فلن تكون سعيدة، فماذا أفعل؟
بما أنها لا تستجيب لنصائحي بشكل مفيد، هل أترك نصحها لكي تجرب وتتعلم؟ أفهم بأني لست المسؤولة عنها، لكن حقا ليس لها أحد مقرب يساعدها بسبب طبعها، على الأقل كيف أساعدها لكي تتخلى عن هوسها حول موضوع المادة؟ فهي تزعج حتى أمها منذ بدأت بالعمل، تصرخ عليها وتتمنن بالشيء القليل الذي تعطيها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: جزاك الله خيرا على حرصك على أختك رغم ثقل التبعة عليك، وهذا في ميزان حسناتك -أختنا الكريمة- وتذكري أن الله جعل أحد خيرية هذه الأمة في قضاء حوائج الناس وإصلاح أحوالهم، فقال تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً} كذلك أبشري بتفريج الله كربك بمساعدة أختك في الله، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ -رضي اللهُ عنهما-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: (مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
اقضِ الحَوائِجَ ما استَطَعتَ *** وَكُن لِهَمِّ أَخيكَ فارِج
فَلَخَيرُ أَيّامِ الفَتى يَومٌ *** قَضى فيهِ الحَوائِج
ثانيا: قد علمنا القرآن -أختنا الفاضلة- أن نتقي الله على قدر استطاعتنا فقال جل شأنه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وعليه أختنا فاجتهدي مع أختك على قدر استطاعتك ولا تتطلعي للنتائج، واعلمي أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فلا تتركي بارك الله فيك نصحها وافعلي ما عليك ونسأل الله أن يهديها للخير.
ثالثا: قد نصحناك بالاجتهاد في البحث عن زوج لها، وقد ذكرت احتمال عدم تجاوبها أو مضيها على ما هي عليه اليوم، ونحن نجيبك أختنا: أن اليقين لا يزال بالمظنون، فقد تكون الأخت بعد الزواج كما قلت وقد يكون العكس فينصلح حالها، وعليه فالاجتهاد في تزويجها يظل قائما، المهم أن يكون الشاب دينا تقيا.
رابعا: المال –أختنا- كما لا يخفاك وسيلة إلى السعادة، لكن بعض الناس يجعل منه غاية، وحتى يتخلص من هذا يحتاج إلى تغير فكري وعملي:
أما الفكري فلا بد أن تفهم معنى المال، وأنه أحد وسائل الرزق وليس الرزق كله، فقد يرزق المرء مالا ويبتلى بالأمراض ينفقها عليه، وأن تفهم أنها محاسبة عليه، ثم تقرأ عن فضل النفقة في سبيل الله وحال المنفقين وكيف أن بعضهم خلع ماله لله كله، وأن تؤمن بأن النفقة لا تنقص المال قط كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ، فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا، فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٍ لَمْ يَرْزُقْهُ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ، فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَوِزْرُهُمَا سَوَاءٌ).
وأما العملي بأن تتعرف على أخوات صالحات لا ينظرن إلى مالها، ولا يهمن تلك المظاهر التي أحيانا تكون خادعة، وينفقن في سبيل الله ولا يخشين الفاقة، هذه النماذج العملية ستؤثر قطعا فيها.
وأخيرا -أختنا الكريمة-: ثقي أن الله سيكتب أجرك، ولا تتركي أختك ما دمت تعلمين أن وجودك بجوارها ينفعها، نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك وأن يهدي أختك، والله المستعان.