الوساوس أثرت على حياتي، فكيف أتخلص منها؟
2015-08-12 02:17:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 16 سنة، أصلي كل الصلوات، والضحى وسنة الفجر -الحمد لله-، ولكن منذ فترة بدأت معي الوساوس في الدين، وكنت لا أستطيع النوم من الخوف من أن أخرج عن الملة، وأن أموت وأن تحبط جميع أعمالي، ولكن بعد فترة خفت هذه الشكوك وانشغلت، ومع بداية رمضان ومواظبتي على التراويح وقراءة القران أصبحت لدي وسوسة في الصلاة، أعيد صلاتي أكثر من مرة، وقد قرأت أن الوسوسة يجب أن لا نستجيب لها، ولكن أخاف أن أكون فعلا قد أنقصت ركنا أو ما إلى ذلك، فأصبحت أعيد الصلاة لدرجة أنني أحمل هم الصلاة، وأخاف من قرب موعد الأذان، ولكني لا زلت مستمرة على الصلاة –الحمد لله-، ولكن تغير شكلي، وأصبحت أنام كثيرًا، وبدأ من حولي يلاحظون ذلك، وأعلم أن أعظم ابتلاء أن يبتليك الله في دينك.
أنا خائفة جدا، هل أصبت بالوسواس حقًّا أم أنني فعلا أنقص من صلاتي؟ وإذا اعتبرت أنه وسواس ولم ألتفت له، وأنني فعلا أنقص في صلاتي، وفي وضوئي هل تبطل صلاتي وتعتبر ناقصة؟
قرأت أن الشيطان يأتي لمن كان صالحا ويحاول إحباطه، ولكن أنا لست بهذا الصلاح، وهل للعادة السرية علاقة بهذا؟ فأنا منذ أن كان عمري 12 سنة وأنا أمارسها، ولم أكن أعلم أنها تسمى بالعادة السرية، واكتشفت لاحقا وحاولت الرجوع عنها، ولكنني إلى الآن لم أتخلص منها نهائيا، ولكن قل عدد المرات كثيرًا.
جزاكم الله عني خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يُعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فكل هذه الأمور التي تحدثت عنها وأشرت إليها في استشارتك تدل فعلاً على أن الشيطان – لعنه الله تعالى – يُكثِّفُ عليك الضغط، ويُشدد عليك الوطأة، ويُضيق عليك الخناق، حتى يحول بينك وبين طاعة الله تعالى، والدليل على ذلك أنك – كما ذكرت – من شِدة همِّك وحملك لهمِّ الصلاة أصبحت تخافين من موعد الأذان، ولكن من فضل الله ورحمته أنه لم يتخلَّ عنك، وأنه ما زال يقوِّيك ويمُدك بمددٍ من لدنه، فما زلت مستمرة على هذه الطاعات الرائعة التي تؤدِّينها، ولكن شكلك قد تغيَّر – كما ذكرتِ -.
أقول لك بداية: إن هذا الذي يحدث لك إنما هو وسواس، والوسواس هذا مصدره الأساسي الشيطان – لعنه الله تعالى – وعادة الوساوس تبدأ أول شيءٍ من قبل الشيطان، تقولين: (أنا لست بذلك الصلاح) أقول لك: الشيطان لا يريدك أصلاً أن تسجدي سجدة واحدة – ابنتِي نُهى– لا تظني أنه لا يأتي لكبار أهل الإيمان وكبار الأولياء، وإنما لا يُريد لأحدٍ أن ينجوَ منه بحالٍ من الأحوال، بل إنه كما ورد في الحديث أن الإنسان إذا سجد سجدة واحدة جلس الشيطان يبكي، ويقول: يا ويلي يا ويلي، أُمر ابنُ آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمرتُ بالسجود فعصيتُ فلي النار.
فلا تظني أن القضية قضية إيمان كبير أو صغير، الشيطان لا يريد لأحد أن يستقيم أبدًا، ولا يريد لأحدٍ من هذه الأمة أن يدخل الجنة، ولذلك يستعمل كل الوسائل التي يملكها في الصدِّ عن سبيل الله، ولذلك أقول لك:
فعلاً أول أمرٍ أنت تفعلينه: عدم الاهتمام بما يُلقيه الشيطان في نفسك، وعدم التركيز عليه، وعدم الالتفات لهذا الكلام، واحتقار هذه الأفكار تمامًا، وأتمنى كلَّما جاء لك بفكرة أن تبصقي على الأرض، ثم بنعلك – أعزَّك الله – تمسحيها وتقولي: (هذه أفكارك تحت نعلي يا عدوَّ الله).
أثبتي له أنك لم تتأثري بكلامه، وأنك لن تتركي الطاعة أبداً من أجله، هذا لا بد منه أول شيء، كلما جاءتك هذه الأفكار حاولي أن تطارديها، من الممكن أن تستعيني بأحد أرحامك – سواء الوالدة أو أحد الأخوات – إذا أردت الوضوء؛ لتحرص على أن تُساعدك، وألا تتوضئي إلا مرة واحدة، كذلك في الصلاة، احرصي على أن يكون أحد بجوارك؛ حتى لا تُصلي إلا مرة واحدة ولا تعيدي الصلاة، هذا في الأوَّل، حتى تستطيعي أن تستعيدي توازنك الذي كنت عليه.
ثانيًا: عليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام وبشدة، خاصة قراءة آية الكرسي، تقرئينها في كل وقتٍ.
ثالثًا: اجتهدي – يا بُنيتي – أن تكوني على طهارة قدر الاستطاعة، لا تنامي إلا على وضوء، وواصلي أذكار النوم حتى تغيبي عن الوعي، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم دائمًا في كل لحظة وحين، وأكثري من الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله، وإذا صلَّيتِ صلاةً لا تُعيدينها مطلقًا حتى وإن كانت ناقصة في يقينك، حتى تخرجي في أول الأمر من هذه المشكلة، لأنك تحتاجين إلى تحقير هذه الأفكار في داخل نفسك، ومن وسائل التحقير أنك مهما كانت عدد الركعات التي صليتها لا ترجعي إليها أبدًا، لتُبيني له أنك لم ولن تستجيبي له.
اجتهدي في التخلص من العادة السرية نهائيًا، لأنها قد تكون هي المدخل الرئيسي أمام الشيطان إليك، لأن الشيطان لا يدخل إلى قلب الصادقين إلا من خلال المعصية، وقد تكون المعصية بسيطة، ولكنها مدخل إلى القلب، يُفسد بها جميع الأعمال –والعياذ بالله-.
ألحي على الله أن يعافيك الله، واحتقري أفكار الشيطان بكل ما أُوتيتِ من قوةٍ، وحافظي على الأذكار، وأكثري في يومك من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واستمعي إلى الرقية الشرعية خاصة رقية الشيخ محمد جبريل – المقرئ المصري المعروف – وهي موجودة على الإنترنت، وأبشري بفرج من الله قريب.
هذا وبالله التوفيق.