أشعر أن الناس ينظرون إلي نظرة استصغار!
2025-04-14 02:32:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا: أنا طالب في الكلية، في المستوى الرابع، وأعاني من مشكلة نفسية شديدة جعلتني أفكر في الانتحار أكثر من مرة، ووالله لقد ذهبت إلى أكثر من طبيب نفسي، وما أعانيه ليس مجرد مشكلة نفسية، بل واقعية، وتحتاج إلى حل واقعي، لا إلى نصائح من نوع: "ركّز مع نفسك"، أو "حلّ نفسك بنفسك".
منذ سنتين بدأت أشعر أن الناس جميعًا ينظرون إليّ نظرة استنكار واستصغار. في البداية تجاهلت الأمر، وقلت: لا حرج، لكن الأمر تطوّر معي تدريجيًا، حتى جعلت أخي يراقبني ويمشي خلفي، فرأى فعلًا أن الناس تنظر إليّ، رغم أنني – والله – لا يوجد بي عيب ظاهر، وحتى إن لم أكن على قدر كبير من الجمال، فالرجل لا يُعيبه شكله، بل يُعرف بتعامله، وأنا أتعامل مع الناس جميعًا بأدب وشهامة، وأحب مساعدة الآخرين.
لكن بعد ما حدث لي، بدأت أكره الناس، وامتنعت عن مساعدتهم، وصرت إذا سرت في الطريق، أجد الناس كلهم – بلا استثناء – ينظرون إليّ، وقد يلوّحون برؤوسهم وكأنهم يواصلون التركيز فيّ، وتختلف نظراتهم ما بين ابتسامة غريبة فيها نوع من الإهانة، إلى نظرة كراهية.
كل من تعاملت معه عاملني معاملة سيئة، وهذا الموضوع يزداد، وأخشى أن يمتدّ إلى أقرب الناس إليّ.
هل هذا حسد؟ وهل هي طاقة سلبية؟ وهل هو غضب من الله؟ هل هو ابتلاء؟ أرجوكم، أنا أفكر جديًا في أي وسيلة تبعدني عن الناس، حتى ولو كان الانتحار.
أرجو أن تكون النصيحة التي توجهونها لي علاجًا عضويًا واقعيًا، لا نفسيًا، لأني – بحمد الله – سليم نفسيًا، ولا أعاني من مشكلات داخلية.
وشكرًا جزيلًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ على حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك جدًّا في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية، وكل عامٍ وأنتم بخير في هذه الأيام الطيبة.
أنت لم تذكر كم مضى من عمرك حقيقة، وبما أنك طالب في الكلية أحسبُ أنك في عمر العشرين عامًا، وأقول لك -أيها الفاضل الكريم-: إن الأعراض التي تعاني منها واضحة جدًّا، فأنت لديك بعض التوجُّسات، وعدم الارتياح لنظرات الناس حولك، وهذا العرض معروف، هو من الأعراض الظنانية التي تعتري نفس الإنسان، والذي حدث لك ربما يكون له خلفيات أو ترسُّبات فيما مضى، وحتى وإن لم تلحظ أي تجربة سلبية سابقة، لكن مثل هذا النوع من الأعراض غالبًا يكون مُسبَّبًا.
أيهَا الفاضل الكريم: أنا أرى أيضًا أنه لديك درجة من عُسر المزاج، وهي التي تجعلك تتكلم عن الانتحار، وأنا أعرف أنك لن تنتحر، لأن الانتحار حرام قطعًا، والانتحار لا يفيد، والانتحار هو أسوأ المآل، ودائمًا نتذكر قوله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا} ونتذكر التهديد والوعيد الشديد بقوله تعالى: {ومن يفعل ذلك عُدوانًا وظُلمًا فسوف نُصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرًا}.
أيهَا الفاضل الكريم: أنت تريد حلول علمية عضوية، أنا أرى أنك تحتاج لعلاج دوائي، تحتاج لأحد ملطفات المزاج ومُحسِّنات الدافعية، يُضاف إليه جرعة صغيرة من الأدوية التي تمنع الأفكار الظنانية والتوجُّس حول الناس. اذهب إلى الطبيب هذه المرة، وسيصف لك -إن شاء الله تعالى- الدواءين المذكورين. هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: اسع دائمًا لأن تُحسن الظن بالناس، ويا أخِي الكريم: هذه الدنيا إن كان فيها من هو سيئ، ففيها من هو خيِّر، لا شك في ذلك، والتعامل مع الناس أخذ وعطاء، وأنصحك أن تُحصّن نفسك بالصلاة في وقتها، والأذكار وتلاوة القرآن.
لا أعتقد أن حالتك حسد، لا أعتقد أنها طاقة سلبية، هي تأتي حول ما نسميه بالعلوم السلوكية، ولم تصل لدرجة الظاهرة أو المرض النفسي الحقيقي.
أخِي الكريم: موضوع الحسد يُقضى عليه من خلال ما ذكرته لك، أن تُحصِّن نفسك، أن تعرف أنه لن يُصيبك إلا ما كتب الله لك، وأن تسعى في أن تُحسن الظن بالناس، وأن تُخطط لأن يكون لك مستقبل علمي ناصع، اجتهد في دراستك، وابنِ علاقات اجتماعية إيجابية، وكن شخصًا ودودًا حتى لمن يُسبب لك الأذى، وأيضًا اسع دائمًا لبر والديك بأعلى درجة ومستوى، لأن هذا فيه خيري الدنيا والآخرة لك.
الرياضة أريدك أيضًا أن تجعلها جزءًا من حياتك؛ لأن الرياضة تزيل وتقضي على الشوائب والطاقات النفسية السلبية، وتبني كثيرًا من الطاقات الإيجابية، وتؤدي قطعًا إلى تحسين المزاج، فهي تقوي النفوس كما تقوي الأجساد.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.