تبت إلى الله لكن هاجس الفضيحة ما زال يراودني!
2015-10-07 00:16:06 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب أحسب نفسي ملتزما، وفي لحظة ضعف وقعت ضحية ذئب بشري، فصور لي مقطعا مخلاً وهددني بنشره على النت، ووعد بحذفه مقابل مبلغ مالي. ولقلة تجربتي ساومته وحاورته حتى أصبح المبلغ بسيطا ودفعته خلال 3 أيام، وقبل دفعه أعلنت توبتي وتوجهت إلى ربي، ثم كررت حسبنا الله ونعم الوكيل، ولعل حرارة هذا السلاح وصل إلى نفس المبتز، فبعد استلامه المبلغ ظل يطلب مني المسامحة، ودفعاً لشره قلت له لا بأس، وقطع الاتصال، فأغلقت الهاتف وعطلت حساباتي على النت، ولم أترك له مجالاً لمعاودة الاتصال، والحمد لله أصبحت مداوماً على الصلوات في الجماعة وعلى الاذكار، ولكن هاجس الخوف من الفضيحة ما زال يراودني، وفقدت قسطا كبيرا من ثقتي بنفسي أمام الناس، فبماذا تنصحونني؟
ولكم مني أسمى عبارات الشكر والتقدير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ التائب إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يُعيد إليك ثقتك بنفسك، وأن يزيدك إيمانًا وصلاحًا وهدىً وتُقىً واستقامة، وأن يُجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فإني حقيقة مُعجبٌ بتصرُّفك، وأحمدُ الله أن وفقك لذلك، وأحمدُ الله أيضًا أنه أعانك على نفسك فنجحت في وأد هذه الفتنة من أولها، وأحمدُهُ تبارك وتعالى أيضًا أن هذا الشيطان قد توقف كيْدُه لك، فطلب منك المسامحة والعفو، وأحمدُ الله تعالى أيضًا أن وفقك لقطع الاتصال وإغلاق الهواتف والحسابات، حتى إنك لم تترك له مجالاً لمحاولة الاتصال بك، هذه كلها من توفيق الله تبارك وتعالى لك.
وصدِّقني -يا ولدي- لولا أن الله يُحبك ما أعانك على ذلك كلِّه، فإن الذي فعلته يدلُّ على صدق توبتك حقًّا، وأنك تائبٌ توبةً نصوحًا صِدْقًا، وهذا ما أُحبُّ أن أبشرك به -يا ولدي- فهنيئًا لك ما أكرمك الله به من تلك الخطوات الرائعة، وهنئًا لك ما أكرمك الله به أيضًا من الإعانة على الصلوات الخمس في جماعة وعلى الأذكار والأدعية، فهذا كله شيءٌ رائع، أكرمك الله به وأعانك ووفقك لصدق توبتك ورجوعك إليه جل جلاله.
تقول: ولكن هاجس الخوف من الفضيحة ما زال يراودك، فقد فقدت قسطًا من ثقتك بنفسك. أقول: هذا هو دور الشيطان، فإن الشيطان -لعنه الله- لا يريدك أن تفرح بهذه الإنجازات العظيمة، ولذلك يُريد أن يُعكّر صفوك، وأن يُكدِّر خاطرك ويُزعجك، حتى لا تشعر بما أكرمك الله تبارك وتعالى من فضلٍ ورحمةٍ ونعمةٍ.
فأنا أتمنى أن تصرف عنك هذه الأفكار السلبية، وأن تعلم أنها من الشيطان الرجيم، لأن الشيطان كما قال الله تبارك وتعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء} فالشيطان يريد أن يُدمِّرك، ويريد أن يدمِّر ثقتك بنفسك، ويريد أن يُضعفك، حتى تظلَّ في الوحل.
ارفع رأسك عاليًا، واعلم أن ما قمت به إنما هو عمل عظيم، وحافظ على ثقتك بنفسك، واعلم أنك حققت إنجازًا رائعًا، وأنك لست أقلَّ من أي إنسانٍ يمشي على الأرض، واعلم أن (كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)، وأن (من تاب تاب الله عليه)، وأنه سبحانه ناداك بقوله: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، وحاول -بارك الله فيك- أن تملأ أوقات فراغك بشيءٍ من العلم النافع، أو العمل الصالح.
ابحث عن صحبة صالحة تقضي معها أوقات فراغك، وحاول أن تجعل لنفسك وردًا من القرآن الكريم تقرأه يوميًا حتى تُجدد الإيمان في قلبك، وحاول أن تحافظ على شيءٍ من قيام الليل أو صلاة الضحى أو بعض الصداقات أو الأعمال السِّرِّية الخاصة، وحاول -بارك الله فيك- أن تُكثر من الاستغفار والتوبة والصلاة على النبي محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وحاول أن تقرأ بعض الكتب الإسلامية المفيدة النافعة.
المهم أن تشغل كل أوقات الفراغ بشيءٍ يعود عليك بالخير في الدنيا والآخرة حتى تُغلق منافذ الشيطان إلى قلبك، لأن الشيطان لن يدعك -يا ولدي-، فأنت كنت ستكون جُنديًا من جنوده المُحسنين غاية الإحسان له، ولكنك بصقتَ وتفلتَ في وجهه، وضربته بالنعل على قفاه، ولذلك هو حزين الآن أنك استطعت أن تفلتَ من قبضته، ولذلك يحاول -كما ذكرتُ لك- أن يُدمِّرك، وأن يُفقدك ثقتك بنفسك، فاعلم أن هذا كله من الشيطان اللعين، فلا تُلق له بالاً لهذا الكلام مطلقًا، ولا الخوف من الفضيحة وغيره، وإنما هذه حربٌ نفسية قذرة يشُنُّها الشيطان على نفسك حتى يُضعفك، فلا تستسلم له، واعلم أنك على خير وإلى خيرٍ، واعلم أن الله يُحبك.
أسأل الله أن يغفر لي ولك، وأن يسترني وإياك وسائر المسلمين بستره الذي لا ينكشف في الدنيا ولا في الآخرة، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.