تغيّر حالي بعد أن كنت مستقيما، فهل هو من غضب الله علي؟
2015-12-27 01:09:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب في (18) وفقني الله لدخول كلية الطب، وكنت قبل دخول الكلية ملتزما بأداء الصلوات في المسجد، والدعاء، والتقرب لله بالنوافل، وكنت قد حفظت القرآن الكريم كاملا قبل إتمامي (13) ولكن كنت أدعو الله لتوفيقي لأمر معين، ولكن لم يكتب الله لي نصيبا، ومنذ ذلك الحين تدهور حالي، وأصبحت أسهو كثيرا عن أداء الصلاة، وهجرت القرآن لدرجة أنني لا أتذكر منه إلا القليل، وابتعدت عن الدعاء، وأصابني الهم والحزن، وبدأت أشعر أن الشيطان يمتلك عقلي، فيمنعني من الدعاء والصلاة، ويوسوس لي بأمور فيها شرك مثل: ما الفائدة من الدعاء؟! فقد دعوت من قبل ولم تجب دعوتك، فلا تجهد نفسك! فهل هذه علامات طرد الله لي من رحمته، وكلما أحاول الرجوع لا أستمر يومين، فهل غضب الله علي؟
أرجو المساعدة، أصبحت في حالة يأس وخوف.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –أيهَا الولد الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك العافية، وأن يغفر لنا ولك كل الذنوب، وألا يحرمنا الخيرات بذنوبنا، إنه جوادٌ كريم.
لا شك أن الابتعاد عن ذكر الله تعالى سببٌ لقسوة القلب وفساد الحال، فإن صلاح الدنيا والآخرة إنما هو بطاعة الله تعالى، والاشتغال بعبادته، كما أن لذَّة الدنيا والآخرة وفرحهما مرتبطٌ بتلذُّذ القلب بذكر الله تعالى والاشتغال بمعرفته ومُناجاته، وإذا نقص حظُّ القلب من هذا نقص حظُّه من النعيم واللذَّة، وإنما تُدركه الهموم والغموم بقدر نقص حظِّه من ذكر الله تعالى، فقد قال الله جلَّ شأنه: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
فطرد الهمِّ والحزنِ طريقه الطاعة لله تعالى، والاجتهاد في مراضيه، والاشتغال بذكره سبحانه، والباب مفتوحٌ، والطريق مسلوكٌ، فجاهد نفسك على سلوك هذا الطريق، والعودة إلى ما كنت عليه من الخير، وثق بأن الله سبحانه وتعالى سيعينك، وسيأخذ بيدك، إنما المطلوب منك أن تُخلص هذه العزيمة لله تعالى، فإذا علم الله منك الصدق والإخلاص أخذ بيدك، فقد قال سبحانه: {والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
وخير ما يُعينك على هذا الطريق والثبات عليه الرُّفقة الصالحة، فحاول أن تتعرَّف على الشباب الصالحين، الذين تتعاون معهم على استذكار ما نسيته من كتاب الله، ويُعينونك على طاعة الله، فإن الصاحب ساحب، وقد قال موسى عليه السلام كما أخبر الله تعالى عنه في كتابه الكريم: {واجعل لي وزيرًا من أهلي * هارون أخِي * اشْدُدْ به أزري * وأشْرِكْه في أمري * كي نسبِّحك كثيرًا * ونذكرك كثيرًا} فحاول أن تتعرَّف على الصالحين والطيبين، وأن تُكثر من حضور مجالسهم، وأن تستعين بهم على ما تُريده من طاعة الله تعالى.
وأما ما ذكرتَ من أنك دعوتَ الله تعالى بشيءٍ ولم يُستجب، فاعلم –أيها الحبيبُ– أن اختيار الله تعالى لك خيرٌ من اختيارك لنفسك، وقد قال سبحانه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}، وإجابة الدعاء لا تنحصر في أن يُعطيك الله ما سألت، فهناك صور أخرى للإجابة، فقد يصرف الله تعالى عنك من الأذى والضرر والشر بقدر ما سألت، ولكنك لا تشعر، وقد يدَّخِر الله تعالى لك إجابة هذه الدعوة إلى يوم الحساب؛ لتنال أجرها فتفرح بها أيَّما فرح، ولكنك لا تشعر.
فنصيحتنا لك ألا تيأس من رحمة الله، وأن تُحسن ظنَّك بالله، فإن الظنَّ بالله تعالى من أعظم الأسباب في تحصيل المراد، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظن بي ما شاء).
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.