أرى الحياة الزوجية عكس ما تعلمناه، فهل آثم إن لم أتزوج؟
2016-01-09 23:23:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا شاب عمري عشرون سنة، لست مقبلًا على الزواج. ومنذ صغرنا لطالما تم تعليمنا أن الزواج رابطة مقدسة تقوم على المودة والرحمة، وبذكر المودة فنحن نعني حبًا وتعلقًا، وبالتالي علاقة قوية، وهذا ما تصورناه دائما، على الأقل هذا ما تصورته، ولكن في الأيام والأسابيع القليلة الماضية صرت أرى عكس ذلك، فتاة تقبل بشاب؛ لأنه يملك منصبًا ومنزلًا، أو يقطن في دول أجنبية -زواج بمنصب وأملاك، وليس زواجًا برجل-، وهذه تغاضت عن سواد بشرته؛ لأنه ثري، ولو لم يكن ثريًا لما قبلت بأسود، وأخرى ترى الزواج انتصارًا أمام الصديقات والقريبات العازبات، وأن بعد الزواج لن يكون هنالك سوى رحلات، وشراء لما يشتهيه قلبها من أشياء مختلفة..، وتلك تتحدث بأنها لا تحب زوجها، ولا تشتاق إليه إن أطال الغياب، أي أنها لا تأبه لأمره، وهو عكس ذلك يحبها حبًا جمًا -و هذه أكثر الحالات التي رأيتها- ولكنها لا تخبره بذلك، لماذا؟ خوفًا من الطلاق، وسخرية البعض من ضعاف القلوب من طلاقها أم قلقًا من أن تؤذي زوجها!
وأخرى متزوجة، ولكنها لا تحب زوجها، بل تحب عشيقها منذ أيام الجامعة، ولكنها لا تتفوه بكلمة؛ خوفًا من الطلاق. نعم، جنس لطيف.
وعلى كل حال: هل امتناعي عن الزواج لأنني أرى أنه لن يكون سوى عقد عمل بين متعاملين اثنين (أعِلْني وسأخدم بيتك) سينجم عنه اكتسابي لسيئات وعقاب من الله؟ وهل سيحول هذا الأمر بيني وبين دخولي الدرجات العلى من الجنة حتى لو عملت شتى أعمال الخير؟ لأنه وكما يسمى (نصف الدين).
شكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك -ابننا الكريم-، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله أن يهيئ لك زوجة وفية تمتعك، وتستمتع بالحلال، ونسأله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يهدي بفضله النساء والرجال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
نحن نرفض التعميم، ونؤكد أن هناك ناجحين وناجحات، وسعيدين وسعيدات، بل نريد من أمثالك توقع الأفضل، والإصرار على النجاح -بحول الله عز وجل- والمرء حيث يضع نفسه، فابتعد عن الفاشلين، ولا تستمع لقصص الفاشلات.
ولا يخفى على أمثالك أن ما بني على باطل لا يقاس عليه، والمطلوب هو بناء الأسرة على قواعد الدين، ورسولنا قال لأولياء المرأة وللمرأة: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه...) ولم يقل أمواله أو عقاره أو وظيفته...، ثم خاطب الرجل فقال: (فاظفر بذات الدين) والإسلام يهتم بالحسب والنسب والجمال، ولكن لا يجعلها المعيار الأول ولا الوحيد.
والصدق هو فريضة الله الدائمة، وهو أساس للحياة الزوجية الناجحة، وإذا عدم الصدق فعلى الدنيا السلامة، ومن هنا يتضح لك -ابننا الكريم- أن الإسلام يبني على القواعد الثابتة، ويهتم بالقبول والارتياح والانشراح، بل الإسلام لا يبني الحياة على الحب وحده، ولا على عاطفة الحب، ولكن يبني على ما هو أكمل وأجمل، قال تعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} وكلمة الحب ما هي إلا جزء قليل وصغير من كلمة (مودة) فكيف إذا كان إلى جوارها (الرحمة) التي تشتمل على الإيثار والشفقة، وو..؟
والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول للرجال: (وخياركم خياركم لنسائهم) ويبشر الزوجات بقوله: (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة) فلا يحملك ما يحصل من تقصير البعض على الزهد في الزواج، واعلم أن الإمام أحمد قال عن معروف الكرخي: "لو تزوج معروف؛ لكمل أمره." وماتت زوجات معاذ قبله، فقال للصحابة -وهو يحتضر-: "زوجوني، فقالوا له: وأنت في هذه الحالة؟! فقال: فإني أكره أن ألقى الله أعزب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك بحسن الاختيار، فاظفر بذات الدين، ثم أسس حياتك على هدي رسولنا الأمين، واستعن بالله، وتوكل عليه، وكفى به وكيلًا، وحسيبًا، وشهيدًا، ونسأل الله أن يضع في طريقك صالحة مصلحة، تسعدك وتسعدها، وتعفك وتعفها، وأن يلهمكما السداد والرشاد، وأن يعمر داركما بالصالحين من البنات والأولاد.