تقدمت لإحدى الأخوات للزواج وعندي تردد، ما توجيهكم؟
2016-05-26 03:22:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
جزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
تقدمت لإحدى الأخوات للزواج عن طريق زميل لي، وقمت بالزيارة الأولى، وحصل قبول مبدئي من الطرفين، والبنت ملتزمة وحافظة للقرآن، وتدرس العلم الشرعي في أحد معاهد الدعاة وتعمل دكتورة صيدلانية.
ليست شديدة الجمال، ولكن مقبولة ومرحة وذات خجل، وأهلها على قدر عال من الالتزام، فقمت بزيارة أخرى ولاحظت أن البنت رفيعة الجسم، ومجهود العمل واضح عليها بشدة، وأهلي قالوا: إن هذا شيء طبيعي، وضايقني قليلاً وجعلني أقلق.
بعد هذه الزيارة جاءت جلسة الاتفاق وتمت قراءة الفاتحة وتحديد ميعاد الخطبة، ولكن لا يوجد الاقتناع الكامل بها، والذي يجعلني أضحي من أجلها وأكون شديد الحرص عليها.
هذا الموضوع يؤرقني كثيراً، ويأخذ تفكيري، ولكن الأهل يقولون: ما زال هناك فترة خطبة للتعارف، وأنا أخاف من فشل الخطبة وتأثيرها السلبي على كل الأطراف.
من ناحية أخرى أجد الإخوة يقولون: لابد أن ترى خطيبتك أجمل امرأة في العالم، حتى يمنعك هذا من النظر لغيرها، وفعلياً أنا لا أرى أنها أجمل امرأة، لأن جمالها طبيعي، وهذا جعل نفسي تقول لماذا لا أنتظر حتى أجد الأجمل.
التفكير يضايقني كثيراً، ولا أريد أن أخسر فتاة بهذه الأخلاق والصفات، مع أني صليت الاستخارة مع كل خطوة، وكلما كانت هناك مشكلة كانت تحل حتى وصلنا إلى الخطبة.
أقول لنفسي هذا تقدير الله، ولو لم يكن هناك خير ما وصلنا لهذه المرحلة، فما رأيكم، أريد أن يرتاح تفكيري.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أخي الكريم- في موقع الشبكة الإسلامية، ورداً على استشارتك أقول:
الزواج رزق من الله تعالى يسير وفق ما قضاه الله وقدره للإنسان، ولا يستطيع أحد أن يقدم أو يؤخر في ذلك، وهكذا جميع شئون الكون، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) وقال: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) ومعنى الكيس الفطنة.
من كانت من نصيبك فسوف تتمكن من الزواج بها، ولو وقفت الدنيا كلها في وجهك، ومن ليست من نصيبك فلن تتمكن من الزواج بها ولو أنفقت كنوز الدنيا من أجل ذلك.
الجمال أمر نسبي، فكلما رأيت امرأة جميلة بدت لك من هي أجمل منها، وجمال الروح والصفات هو الأسمى والأبقى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حثنا على الحرص أن تكون شريكة الحياة ذات دين، وما بقي من الصفات فهي تبع، فقال: (تنكح المرأة لأربع لدينها وجمالها ومالها وحسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومعنى تربت يداك دعاء بالفقر، فلا خير في امرأة لا دين لها، ولو كانت أجمل نساء الدنيا، ولا بركة في امرأة تكون سبب فقر زوجها.
هذه الفتاة تحمل الصفات المطلوبة بحسب ما ذكرت، فهي مقبولة الجمال ومرحة، وذات خجل، وأهلها أصحاب دين، وهذا أمر يدعوك إلى ألا تفرط فيها، لأن المطلوب أن تعيش مع زوجتك بسعادة غامرة، وماذا تريد بامرأة ذات جمال تعيشك في نكد وذل وهوان، وهذا ما يجعل صاحب العقل يقتنع بالجمال المقبول، فهنالك ما يغطي ذلك النقص، ولا تصغ لمن يقول يجب أن ترى زوجتك أجمل نساء الدنيا، فهذا أمر غير ممكن، ولو أنك بقيت تنظر في وجوه النساء لفات العمر وأنت بدون زواج، ونفسك بيدك وأنت من يوجهها، وليست هي من يوجهك، وصدق الشاعر حين قال:
والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع.
طالما وقد صليت صلاة الاستخارة وفوضت أمرك لله، فلن يختار لك إلا ما فيه الخير، وقد ظهرت بعض الشواهد التي تدل على أن الله قد اختار لك هذه الفتاة، ما لم توجد عراقيل توقف الاستمرار في الزواج، فأنت قد فوضت أمرك له سبحانه، فنصيحتي لك أن تمضي في الأمر، فإن سارت الأمور بيسر وسهولة فهذا يعني أن الله اختارها لك زوجة، وإن تعسرت الأمور وانسدت الأبواب؛ فهذا يعني أن الله قد صرفك عنها وصرفها عنك.
كن على يقين أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، فالعبد لا يعلم الغيب، والله وحده هو من يعلم ذلك، وقد يكره العبد شيئاً وفيه الخير له، وقد يحب شيئاً وفيه شر له، قال تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَالله يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
ما تجده من النفور أو عدم الارتياح شيء كثير منه من وساوس الشيطان الرجيم، الذي يريد أن يثنيك عن إعفاف نفسك بهذه الفتاة الملتزمة، والود والمحبة يأتي تباعاً بمجرد كتابة العقد، لأنه في ذلك الحين تكون زوجة.
أما قبل العقد فلا تزال أجنبية؛ ولذا يقول ربنا جل وعز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، ويكبر الحب كلما ازدادت مدة العشرة.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله تعالى وتوثيق الصلة به بالمحافظة على الفرائض، والإكثار من النوافل، والتضرع بالدعاء بين يدي الله أن يختار لك ما فيه الخير، وأن يلهمك رشدك، ويصرف عنك وساوس شياطين الجن والإنس، مع المحافظة على ورد يومي من القرآن الكريم وأذكار اليوم والليلة، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة للعبد، وطمأنينة القلب، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وقال: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
نسعد كثيراً بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك.
أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في هذه الحياة، وأن يرزقك منها الذرية الصالحة، ويقر عينك، ويتولى أمرك.
والله الموفق.