أرفض الزواج من ابن عمي خوفا من الأمراض الوراثية، فهل قراري صائب؟

2016-06-15 04:15:07 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد تقدم لخطبتي ابن عمي وفرح أهلي به، ولكنني مترددة جدا في قراري للأسباب التالية:
1- يعاني أخي من مرض الفصام، وأخو المتقدم يعاني من مرض نفسي -أجهله- وأخشى أن تكون هذه الأمراض وراثية، ويصاب بها أبنائي في المستقبل، خاصة أن العامل الوراثي سيكون من الجهتين نظراً لكوننا أبناء عمومة، فلا أشعر بالارتياح أبداً لهذا الزواج، لكنهم يرغموني على الموافقة متحججين بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-:" إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، قائلين أننا نخشى عليك عقوبة الله إذا لم توافقي، لأن هذا سبب غير مقنع في نظرهم، وأني يجب أن أتوكل على الله، ولكني أخشى أن يعاقبني الله إذا لم آخذ بالأسباب؛ إذ يبدو لي أن المرض وراثي.

2- يوجد بيني وبين خطيبي اختلاف كبير في وجهات النظر، هو متقبل لوجهات نظري ورؤيتي المختلفة للحياة، وسرعان ما يغير رأيه عندما يعلم رأيي، لكني لست متقبلة للاختلاف ولا لسرعة تبدل رأيه، وغالباً ما أشعر بالنفور الشديد منه.

أريد أن أرفض، وأشعر بالضيق الشديد عند التفكير في الموضوع، ولكني سأحزن أهلي بهذا الرفض، لأنهم يشعرون أنني تأخرت في الزواج فعمري 26 سنة، وأن مميزات خاطبي قد لا تتكرر -معرفة العائلة والشاب-، وأنا لا أريد أن أزيدهم حزناً، وأتمنى أن أقوم بما يسعدهم، حتى ولو على حساب نفسي، ولكن هذا الموضوع فوق طاقتي.

أفيدوني أفادكم الله، جزاكم الله خيراً، وأسعدكم في الدارين.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لولوة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية.

العلاقة بين الأمراض النفسية والأمراض العقلية والوراثة هي علاقة معقدة، وهي موجودة، لكن أثرها ليس بالشدة التي يعتقدها الكثير من الناس، مرض الفصام مثلاً الجوانب الوراثية تلعب فيه دوراً لا شك في ذلك، لكن صلة القرابة والجرعة الوراثية يجب أن تكون بالضخامة والحجم الذي يؤدي إلى ظهور المرض في جزء من الذرية، إذا توفرت الظروف الحياتية السلبية، أي تفاعل العوامل المهيئة مع العوامل المرسبة هو الذي يؤدي إلى ظهور المرض.

مثلاً إذا كان أحد الأبوين مصابا بمرض الفصام بمعناها العلمي المفهوم، نستطيع أن نقول أن 10% من الذرية عندهم القابلية للمرض، الذي يورث هو القابلية وليس المرض نفسه، أي إذا أنجب هذا الشخص 10 من الأبناء أحدهم عنده القابلية للمرض إذا كانت الظروف الحياتية سلبية وهكذا، فإذاً عامل الوراثة موجود لكنه عامل ضعيف وضعيف جداً، ولا أعتقد أن في حالتك هذه سوف يكون له أثر أو على الأقل إن كان له أثر يعتبر أثراً بسيطاً وضعيفاً يمكن تجاوزه من خلال الدعاء وحسن التربية للأبناء.

إذاً أمر الإرث وأثره يعتبر محسوماً في هذه الحالة، أما موضوع الاختلاف الكبير وعدم التوافق فهذه قضية مهمة أنا لا أستطيع أن أقول لك يعيب أن تضخمي هذا الموضوع، ولكن وجهة نظرك مقدرة، وإن كنت ترين أن هناك عدم توافق كبير في الرؤية ما بينك وبين هذا الشاب فهذا يجب أن يوضح لأسرتك، ويجب أن تقنعيهم على هذا السياق، وإن كنت أرى أن كثيراً جداً من الخطباء قد حدث لهم نوعاً من التجانس والتمازج بعد الزواج.

يا أيتها الفاضلة الكريمة: ليس من الضروري أبداً أن تتطابق أفكارنا واختلاف وجهات النظر، في كثير من الأحيان فيه خيراً للناس، لكن يجب أن يكون هناك احترام وقبول ومودة وسكينة ورحمة، والمودة دائماً -أيتها الفاضلة الكريمة- تكون ما بين المتعادلين أو المتساويين من البشر، لكن الرحمة تكون بين القوي والضعيف، والزواج تحدث فيه قوة يحدث فيه ضعف، فأعتقد من وجهة نظري الخاصة ولا أريد أن أضغط عليك كثيراً، أعتقد أن هذا الأمر يمكن أن تتجاوزيه، ولا بد أن تفكري بالفعل ليس في إرضاء أهلك لكن في أن تكوني زوجة، لا أقول لك بأي مقابل، ولكن أعتقد أنه من خلال فطنتك وكياستك تستطيعين أن تصلي إلى الكثير من التوافق ما بينك وبين هذا الزوج.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net