أمي لا تصلي وتتعمد الكذب بأنها تصلي، بماذا تنصحوني؟
2016-10-13 02:51:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أمى لا تصلي، وأعرف أنها مشكلة كبيرة ومتكررة في هذا الزمن، لكن عندما أحث أمي على الصلاة تقول إنها كانت تصلي، وأنا أعرف الحقيقة.
أبي يطلب منها الصلاة وتقول إنها أقامتها وانتهت من الصلاة، لكني أعرف الحقيقة، وحاولت أكثر من مرة أن أبين لها أني أراها، وأعرف أنها لا تصلى.
ماذا أفعل؟ وبماذا تنصحوني؟ وأدعو لأمي بالهداية، لكن لا أراها تصلي، فأرجو منكم المساعدة، في نصيحة أمي كي تصلي وتستقيم إلى الله وترجع له.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم على تواصلكم مع موقع الاستشارات إسلام ويب؛ ونسأل الله أن يهدي الوالدة، وأن يجعلها من عباده الصالحين.
وبعد قراءة ما جاء في طلب الاستشارة يمكن أن يكون الجواب كالتالي:
- نشكرك على حرصك على هداية الوالدة ونصحها بأن تصلي؛ وعملك هذا من البر بها؛ ولك أجر عظيم عند الله تعالى، ومما يمكن أن تنصح به الوالدة أن يبين لها منزلة الصلاة في الإسلام، ويمكن أن تكرروا على سمعها أن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، قال تعالى: {فإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وعن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وأقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت).
- الصلاة افترضها الله على سائر رسله وأنبيائه؛ قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}، وقال تعالى لموسى عليه السلام: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}، وقال عن إسماعيل: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} وفي يونس: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} وفي حق شعيب: {قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}.
- إن الله أمرنا بالمحافظة عليها: قال تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}، وأوجبها الله على كل حال، ولم يعذر بها مريضًا، ولا خائفًا، ولا مسافرًا، ولا غير ذلك؛ الا المرأة إذا كانت حائضاً أو نفساء.
- الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله وفساده بصلاح صلاته وفسادها، فعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ أَولَ ما يُحاسَبُ به العبد يوم القيامة من عَمَلِهِ: صلاَتُهُ، فإن صَلَحتْ، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدَتْ، فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئاً، قال الربُّ تبارك وتعالى: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك).
- الصلاة وصية أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته حتى عند موته، فعن أم سلمة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه: (الصلاة الصلاة), وقد ذم الله المضيعين لها والمتكاسلين عنها، قال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} وقال: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} وقال تعالى {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}.
- إن ترك الصلاة مطلقا كفر بالله تعالى، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه مسلم، وقال: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وقال أيضاً: (ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة), وعن بريدة بن الحصيب قال قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (العَهدُ الذي بيننا وبينهم: الصلاةُ، فمن تركها فقد كفر). وقال عمر رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة", وقال سعد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما: "من تركها فقد كفر"، وقال عبد الله بن شقيق رحمه الله (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئا تركه كفر إلا الصلاة".
- قال أبو أيوب الاختياري رحمه الله : "ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه، وذهب إلى هذا القول جماعة من السلف والخلف" وقال ابن رجب وهو قول ابن المبارك وأحمد وإسحاق وحكى إسحاق عليه إجماع أهل العلم، وقال محمد بن نصر المروزي هو قول جمهور أهل الحديث.
- أرجو الاستمرار في نصح الوالدة وبصور متنوعة من تذكير؛ مقاطع مصورة لحال من مات وهو تارك للصلاة؛ قراءة فتاوى أهل العلم في حكم تارك الصلاة؛ وأرجو أن يكون هذا النصح برفق ولين؛ ولا يدب إلى نفوسكم اليأس فتتركوا نصحها؛ بل استمروا حتى الموت.
- عليكم جميعاً بالدعاء لها في ظهر الغيب كثيراً، وخاصة في ساعات الإجابة؛ ادعوا لها بالهداية والتوفيق؛ والصلاح؛ فالله كريم منان يجيب دعوة من دعا لأخيه بظهر الغيب فكيف بأمه أو أبيه.
- أتمنى أن تعرفوا سبب ترك الوالدة للصلاة من خلال حوار هادئ معها؛ فلعلها تبدي سبباً يمكن أن يعينكم في نصحها بعد معالجته؛ ومما يمكن أن يكون سبباً من وجهة نظري لما رأيت من بعض الحالات لمن يترك الصلاة ولا يبالي بها؛ وجدت سببين رئيسيين:
السبب الأول : ذنب عظيم ارتكبه الإنسان حتى عاقبه الله بترك الصلاة بعد أن كان يصلي أو لم يوفقه الله للصلاة أصلاً؛ ولهذا ينبغي نصح من كان لديه هذا بالتوبة والإكثار من الاستغفار.
السبب الثاني: أن يكون من ترك الصلاة مبتلى بمرض السحر أو المس أو العين فاستولى المرض عليه فجعله لا يصلي؛ وكلما أراد أن يصلي يجد صعوبة في ذلك؛ وينصح من وجد عنده هذا أن يرقي نفسه بالرقية الشرعية؛ وبإذن الله يشرح الله صدره بعد ذلك للصلاة.
لا نملك لكم إلا أن ندعوا الله لأمكم بالهداية والصلاح؛ فنسأل الله الودود اللطيف أن يهديها وأن يشرح صدرها للمحافظة على الصلاة.
وبالله التوفيق.