وسواس الموت يلاحقني حتى في الأحلام، كيف أتخلص منه؟
2017-01-08 00:38:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا سيدة عمري 27 سنة، متزوجة، أم لطفلتين، حياتي الأسرية هادئة، ومتفاهمة مع زوجي، بدأت مشكلتي مع بداية الأزمة في سوريا، فقد أصبت بالهلع والخوف حين اشتد القصف، فشعرت أني سوف أموت.
استقرت أموري عند المجيء إلى ألمانيا مع زوجي وطفلتي الأولى، واختفت الأعراض، وبعد شهرين من ولادة طفلتي الثانية، بدأت في استعمال حبوب منع الحمل لمدة ثلاثة أسابيع، فشعرت بألم في الجهة اليسرى من الصدر، فراجعت الطبيبة، فأخبرتني بعدم وجود علاقة بين حالتي والدواء، لكني توقفت عن أخذ الحبوب، وقمت بعمل تحاليل دم، فكانت النتيجة سليمة.
راجعت طبيب القلب، وعملت تخطيطا وإيكو، وكانت النتيجة سليمة، وبعد شهرين شاهدت مقطع فيديو عن شاب مات فجأة، فأصابتني نوبة هلع، وشعرت بالموت، ومن حينها بدأت أنتظر النوبة القلبية، وبحكم غياب زوجي عن البيت لوقت متأخر، بدأت البحث في الأنترنت عن تفسير حالتي، فقرأت عن وسواس الموت، وبدأت بتطبيق ما أقرأه على نفسي، حتى وصلت إلى مرحلة الانطواء وعدم الخروج من المنزل، وعدم الكلام، وصرت أراقب ما يحدث حولي وأنام، أصبحت أخاف من نظرات من حولي، ومن الاتصالات، وأخاف أن أسمع أخبار الموت من سوريا.
صارحت زوجي بمشاعري، فأخبرني أنه وسواس، وطلب مني الخروج من عزلتي، ففعلت ما طلب مني، وصرت أخرج مع صديقاتي، وأستخدم حبوب من عشبة اللافندر لعلاج القلق لمدة شهرين، وأصبح زوجي يعود إلى البيت مبكرا.
لكني ما زلت أعاني من شعور القلق والإحساس بالموت، أحيانا أستسلم للموضوع، وأحيانا أصرف التفكير، وأشعر دائما أن عقلي يفكر، ولكن لا أعلم بماذا، وأحس بارتباك وتشويش، حتى جاءت فترة أحسست أني لست من الواقع.
منذ عدة أيام استخرت في موضوع مراجعة الأطباء، فحلمت ثلاثة أحلام، الأول: أن أخي يعاني من مشكلة وأنا ساعدته، والثاني: أني في سوريا في بيت أهلي، وهناك أطفال ماتوا مسمومين، وأن سيدة تطلب من زوجها زيارة طفلهما في المقبرة، مما جعلني أفكر أنه يجب علي عدم الخوف من الموت؛ لأني أهلي سيزوروني في المقبرة، وأن جدي يطلب من جدتي الجلوس عنده، علما أن أهلي في سوريا، وأنا أشعر بالغربة، والحلم الثالث: أني أنظف صفا في المدرسة وأعطتني المدرسة حلوى بعد أن هددتها.
ومن وقتها وأنا أربط كل شيء بالأحلام، فقد مرضت ابنتي وفسرت مرضها بالأطفال في الحلم، وذهبت إلى حفلة وتناولت الحلوى قلت هذا تفسير الحلم، وهذا حالي منذ ستة أشهر.
أرجو مساعدتي فأنا أشعر بالضياع والخوف، ولقد لجأت إليكم لمساعدتي، مع العلم أني التزمت بالصلاة والأذكار، ولكن يأتيني وسواس أني منافقة بفعلي هذا، وهل يجوز أن أدعو لنفسي بطول العمر؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وئام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنتِ لديك شيء من قلق المخاوف ذي الطابع الوسواسي، و-إن شاء الله تعالى- حالتك بسيطة، العوامل المرسِّبة واضحة جدًّا، والوضع في سوريا التي نسأل الله تعالى أن تعود إلى سيرتها الأولى، وأن يتقبّل الشهداء ويداوي الجرحى ويشفي المرضى.
والأمر الثاني أمر الولادة، يُعرف أن الولادة نفسها فترة تحصل فيها الكثير من التغيرات الهرمونية، وكثير من النساء يحدث لهنَّ شيء من عدم الاستقرار النفسي، خاصة إذا كانت هنالك قابلية واستعداد للقلق وللتوتر.
الأمر -إن شاء الله تعالى- في غاية البساطة، هو قلق وتوتر ووساوس ومخاوف، وهذه كلها تأتي في بوتقة تشخيصية واحدة، يعني أنتِ لا تعانين من أمراض متعددة.
بالنسبة للأحلام – أيتها الفاضلة الكريمة – أرجو أن تتجاهليها، نحن لا نفسِّرُ الأحلام، جُلَّها من الشيطان، توكلي على الله، تعاملي مع الأمر بشيءٍ من الواقعية، وكوني قوية في شخصيتك، لا تحكي هذه الأحلام، لا تتحدثي عنها، استعيذي بالله تعالى منها، واتفلي على شقك الأيسر حينها ثلاث، والأمر ينتهي عند هذا الحد.
أذكار الصباح والمساء مهمّة جدًّا، وأنا أراها دائمًا تبعث في الإنسان طمأنينة عظيمة، أنا سعيد أنك ملتزمة بصلاتك وبدأتِ في قراءة الأذكار، ولا بد أن يكون لك وردًا من القرآن يوميًا.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أرى أنك محتاجة لعلاج دوائي بسيط، دواء يزيل عنك هذا القلق وهذه التوترات، اذهبي إلى الطبيب إن كان ذلك ممكنًا، ومن أفضل الأدوية التي سوف تساعدك عقار يسمى (سيرترالين) هكذا يُسمى علميًا، ويسمى تجاريًا (زولفت) أو (لسترال) وربما تجدينه في ألمانيا تحت مُسمَّى آخر.
الجرعة في حالتك بسيطة، وهي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يتم تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء، هذه جرعة بسيطة جدًّا، حيث إن الجرعة يمكن أن تصل حتى أربع حبات في اليوم، لكن لا أراك أبدًا في حاجة لمثل هذه الجرعة.
تحقير الوسواس واستبداله بفكر مخالف دائمًا هو الأفضل، الرياضة أيضًا سوف تساعدك كثيرًا، وعليك بالقراءة والإطلاع وحسن إدارة وقتك.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، أما بالنسبة لموضوع: هل يجوز أن أدعو لنفسي بطول العمر؟ قطعًا أنا لستُ عالمًا في هذا المجال، لكن الشيء الذي سمعته وعرفته من المشايخ الأفاضل أنه يجوز أن يدعو الإنسان لنفسه بطول العمر مع حسن العمل، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدعو بذلك، بل كان يقول: (وأعوذ بك من أن أُرَدُّ إلى أرذل العمر)، وكان يقول: (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر)، ويقول: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه).
بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.