خطبني رجل يتناول شرب الدخان، هل أوافق عليه؟
2024-03-14 02:27:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة بعمر28 سنة، تقدم لخطبتي شاب ذو خلق ودين، عرفت هذا عند سؤال أهلي عنه في محيطه ومكان عمله، لكن به عيب وهو التدخين، وأيضاً دخله قليل.
مسألة الدخل لم تكن عائقاً بالنسبة لي، لأني لست من الفتيات المبذرات، لكن التدخين هل يعتبر سبباً قوياً للرفض؟ في بيتنا عشت كثيراً من المشاكل، وعانيت كثيراً من والدي، وما زلت أعاني.
هل أتوكل على الله وأوافق؟ علماً أني استخرت كثيراً، ومرتاحة، لكن مسألة التدخين تقلقني، لا أريد أن أذهب لنسخة أخرى من أبي، لا أريد أن أتعذب من الزوج، يكفيني ما عانيت من أبي.
أرجو الرد في أسرع وقت.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Raw حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جميل - أختي الفاضلة - ما ذكرته عن نفسك بكونك شابة قنوعة (غير مبذرة) وتقديرك لصفات (الخلق والدين) لدى من يتقدم لخطبتك، وأن تكوني على الفطرة السليمة للرغبة في الزواج.
لا شك أن أهم الصفات والمعايير الشرعية في الزوج هي (الخلق والدين)، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) رواه الترمذي وحسنه الألباني، والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: (فزوجوه) يفيد الوجوب، أي أنه على سبيل الجزم والإلزام، و(الفا): تفيد التعقيب، بمعنى أنها على وجه المبادرة والسرعة والفور بحسب ما أمكن، كما دل الحديث على تهديد أولياء الأمور بحصول (الفتنة والفساد الكبير) إذا هم لم يعتبروا بمعايير الدين والأخلاق في الزواج، فهو فتنة لكلا الزوجين، وفساد كبير للمجتمعات المادية غير المراعية للقيم والمبادئ الإسلامية.
أما (مشكلة الفقر) فلا ينبغي أن تكون عائقاً عن الزواج – كما ذكرت مشكورة - لا سيما وأنها في حدود المقبول والمعتاد، إذ أن أكثر أحوال الناس في مجتمعاتنا العربية والإسلامية كذلك، فلو اعتبرناها عائقاً لتعطلت هذه الشعيرة والشريعة: (النكاح)، وقد قال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم)، ولعل الله أن يغير حالتكما المادية إلى الأحسن إذا اجتهدتما في العمل والكسب بعون الله، وهذا أمر ملاحظ وملموس في الواقع، المهم هو الثقة بالله والتوكل عليه ببذل الأسباب وتفويض الأمور إليه.
رغم أن (تعاطي الدخان) أمر محرم في الشريعة لما فيه من الضرر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، وهو حديث حسن رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، إلا أنه لا ينبغي أن يكون مانعاً من الزواج، لا سيما وهي عادة سيئة ابتلي بها كثير من الناس، ولذلك لا يحكم الفقهاء والقضاة على صاحبها بالفسق، كما أنه عيب محتمل خلافاً - مثلاً – لعيوب الكذب الظاهر والخيانة، وفي الحديث: (كل بني آدم خطاء)، فالكمال لله تعالى وحده، وهو في البشر متعذر مستحيل، فمنا من ظهرت عيوبه وعساها أن تكون على سبيل العفو والتغيير، ومنا من خفيت عيوبه – وربما كانت أشنع وأفظع – نسأل الله الستر والعفو.
بل إن ذلك مما يضعك في موقف التحدي والتحفز إلى تغيير هذه العادة فيه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولك في ذلك الثواب والأجر الكبير.
مما يفتح لك باب الأمل والتفاؤل في التغيير؛ كونه على خلق ودين، ثم إن بلوغك عمر الـ 28 مما يدل على اكتمال العقل، وتأهلك لأداء واجب النصيحة والإصلاح والتغيير، كما يحفزك إلى الإسراع في الزواج لا سيما مع ما ذكرته من معاناتك الأسرية الشديدة من والدك.
احرصي على تحقيق الاستقامة في نفسك بالمحافظة على الواجبات وترك المنكرات، والبعد عن أسباب مضلات الفتن والشبهات والشهوات المحرمات، والمحافظة على الذكر والدعاء وقراءة القرآن، ولزوم الصحبة الطيبة، والحرص على التحلي بالأخلاق الإسلامية والزهد والقناعة بما أعطاك الله، والتواضع وبذل النصيحة بالحكمة، والصبر على البلاء، والشكر للنعماء، والرضا بالقضاء.
أسـأل الله لك التوفيق والسداد والإعانة، وأن يفرج همك ويبارك في زواجك إنه جواد كريم.