أعاني من تأخر موعد زواجي الذي يتخلله صبر وانتظار طويل.
2017-03-19 23:36:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا طالبة في الجامعة في آخر ترم تخرج بإذن الله، أواجه مشكلة وأريد استشارتكم بها، ألا وهي: تقدم لخطبتي ابن خالتي منذ كنت في الثانوية، وهو بنفس سني، وذلك لحبه لي.
لقد وافق والدي مقدماً لحسن سلوك وتربية ابن الخالة وتم خطبتي، وقبل سنة ونصف تم عقد قراني عليه، ولله الحمد، مع إعطائي المهر.
المشكلة أني أعاني من تأخر أمر زواجي، وانتقالي لعش الزوجية، وذلك بسبب دراسة زوجي التي لم ينهها، ويماطل بها، وبسبب حصره على أن يتلقى الوظيفة فقط من أحد أندية كرة القدم السعودية، لأنه لاعب أولمبي سابق، ولا يريد غير ذلك لتكوين نفسه، ولا يقبل بأي وظيفة أخرى!
عانيت فيما سبق من تأخر أمر خطبتي لمدة سنتين، ثم بعد ذلك تأخر فحص الزواج ثلاثة أشهر من بعد الخطوبة، ومن ثم تأخر عقد القران خمسة أشهر، وبعدها تأخر الزواج سنة ونصف!
والدي لا يعجبه ذلك، وبسبب قرابة زوجي وصغر سنه فهو لم يتدخل بذلك الشأن.
لقد تعبت، والله على قولي شهيد، فرحتي متقطعة، ويتخللها صبر وانتظار طويل، ودعاء بإلحاح في كل ساعات الاستجابة، وأنا مؤمنة بالله وبقدره، لم أستطع البدء بالتجهيز، ولم أستخدم مهري لعدم معرفتي بموعد زواجي.
سؤال الناس بشكل متكرر عن موعد الزواج، وتحججي بانشغالي بالدراسة وانتظار تخرجي من الجامعة الذي سوف ينتهي عذره برمضان هذا العام، صعوبة كبح رغبتي عن زوجي وأني أريد أن أستر على نفسي معه، ورغبته المستمرة بي.
كذلك انشغال أهل زوجي بحياتهم، وعدم التجهيز لمكان السكن أو مساندة ابنهم، وتوجيهه بذلك لكي يعرف حجم المسؤولية التي يقدم عليها، لم يباشر بإجراءات بطاقة العائلة وتسجيل واقعة الزواج، مع معرفته بأنه يترتب على ذلك غرامة مالية!
زوجي حسن الخلق، ولكن كل تصرفاته تشعل قلبي بالخوف، وجميع من حولي يطالبونني بالتغافل والصبر، ولكن قد فاض صبري، فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الطبيعي أن تحرصي - أختي الكريمة - على عدم تأخر زواجك؛ فالزواج ستر وسكن وعفة وسنة كونية وشريعة إلهية، لاسيما مع ما أبداه الزوج من عذر غير مقنع في تعليل التأخير؛ ذلك أن حصره إعلان الزواج بقبول وظيفته في أندية المملكة فحسب تزمين عائم، معلق موغل في الغموض، حيث لا يدرى متى هو!
أجدني أشارك الناصحين لك بالتغافل والصبر, وذلك للأمور الآتية: كونك ما زلت شابة في مقتبل العمر، وكونك لم تنتهي من دراستك الجامعية بعد, ولما ذكرته عن زوجك - أصلحه الله وأعانه – من صفات إيجابيه طيبة، مثل: محبته لك وكونه حسن الخلق، كما أن دفع المهر وعامل القرابة بينكما مما يحفزه في الزواج – مهما تأخر - ويحرجه عن التراجع عنه.
أرى بصدد الحل أن ترسلي جهة أخرى موثوقة من أقاربك أو أقاربه لاستعلامه عن حقيقة هذا التأخير والتباطؤ، كون ربط الزواج بوظيفة عائمة أو هلامية - كما يقال - ليس من مقتضى العقل والمصلحة والجدية والواقعية.
ربما تكون له أعذار حقيقية مقنعة يستحي هو وأهله من البوح بها، نحو سوء ظروفه المادية أو غير ذلك، لاسيما وأنك لم تذكري في سؤالك شيئاً عنها، بل ربما قد أفهم ما يؤيد ويؤكد هذا العذر، وهو أنه ما زال لم يكمل دراسته الجامعية.
كما أن حرصه على العمل في هذا المجال قد يشعره بهذه العلة والمعنى، ويحتمل أن يكون الزوج من نوع ضعيف المبالاة في الأمور بطبعه، أو يكون على العكس، أي النوع المبالغ في القلق والواقعية المستلزمة عنده عدم إمكانية الزواج وبناء عائلة في مثل صعوبة ظروفه وظروف بلاده المتواضعة.
لهذا أدعوك –أختي- إلى مزيـد من الصبر الذي لن يطول بإذن الله، لما ذكرت من قرب تبين حقيقته في شهر رمضان بإذن الله تعالى، لا تبالي أو تنزعجي من كلام الناس وفضولهم الذي لا يقدم ولا يؤخر ولا ينفع ولا يضر، بل قد تسهم المبالغة فيه من جهتك أو جهتهم إلى التحريش وإفساد الزواج، وإحراج الزوج وأهله بصورة غير مناسبة ومن غير بابه، حيث أن الكثير منها تكون من باب الفتنة والحسد، -والله أعلم- فقابلي كل ذلك بالتحلي بالهدوء والتوازن، وانشغلي بالانهماك في الدراسة، طلباً للتفوق فيها، وهو مما يقتل فراغك ويعينك على تنمية ثقافتك وبناء شخصيتك، وتحسين معيشتك، بإذن الله.
إن إرضاء الناس غاية لا تدرك, وإرضاء الله غاية لا تترك، كما قال الإمام الشافعي -رحمه الله- فلماذا نعطي الناس الفرصة لإزعاجنا والتحكم بمشاعرنا، وإقلاقنا بالدخول في خصوصياتنا؟ ففي الحديث الحسن عند الترمذي: (من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه).
لك الحق في القلق، لكن من غير مبالغة، حيث لا مبرر لها، فما زال الأمر في دائرة الحل والاحتمال، اصرفي القلق والهم بالانشغال فيما يعود عليك بالمنفعة في دينك ودنياك، من الانهماك في الدراسة والطاعة والذكر وقراءة القرآن والعبادة، واتخاذ صحبة صالحة ناصحة في الرياضة ومتابعة البرامج العلمية، والثقافية المفيدة، وبددي همومك وقلقك بتذكر نعم الله عليك، وما أكثرها والحمد لله، في حال أنه قد حرم منها الكثيرون، قال تعالى: (وإن تعدوا نعم الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار).
إن استحضار النعم مما يعين على تحصيل عبادتيْ الشكر والصبر، والحياء من الله، والسلامة من التسخط لأقداره، والتي لا تكون إلا وفق مشيئته وحكمته الكاملة, كما أنها تربط المسلم بربه وآخرته، وتقوي عزيمته وتنسيه هموم الدنيا ومتاعبها.
الزمي الدعاء، فلعل دعوة من قلب حاضر خاشع يستجيبها الله، ولو بعد حين، يحقق الله بها كل أمانيك ويصرف عنك ما لا تتوقعينه من الشر والسوء.
الإنسان بطبيعته ضعيف عجول، كما قال سبحانه: (وكان الإنسان عجولاً) فقد يدعو على نفسه بالشر من حيث لا يدري أنه الشر كدعائه بالخير، فثقي بربك سبحانه، وأحسني الظن به والاستعانة والتوكل عليه، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً).
أسأل الله أن يفرج همك ويكشف غمك ويعطيك سؤلك، ويوفقك لما يحبه ويرضاه، إنه سميع قريب.