لدي ضيق وخوف من عدم الزواج بسبب عيب خلقي.. ما نصيحتكم؟
2017-05-14 02:51:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
مشكلتي أن فيّ عيبا خلقيا في أصابع رجلي -وراثة من عمي- لكني من بين جميع أولاد وبنات عمومتي وحتى أخواتي حتى أولاد وبنات عمي الذين أخذت منه هذه الوراثة ما فيهم شيء، وللأسف أمي وأبي لم يعملوا لي عملية تجميل أول ما ولدت؟
أمي قالت لأبي لكنه رفض، وقال الأهم أنها تمشي، وأول ما دخلت المدرسة كانت أمي تلبسني حذاءً مكشوف الأصابع، وللأسف لم أجد من البنات إلا الشماتة، والكلام الجارح، تحطمت كثيرا، حتى إخواني وأخواتي إذا تشاجرت مع أحد منهم يشتمني بأصابعي وهذا الشيء يقتلني؛ لأني لم أجد فيهم عيبا مثل العيب الذي بي، وبعدما كبرت صرت ألبس شرابا في المدرسة، أما في البيت إخواني وأخواتي كبروا، وما عادوا يتكلمون في هذا الموضوع.
تزوج أخي ورزق بنتين وولدا، حاليا بنت أخي عمرها 6 ودائمًا أخي يأتي بها عندنا، المشكلة بدأت أخاف أن تحرجني عند أهلي مثل ما جرحوني إخواني وأخواتي وبنات المدرسة، تعرفون أن الأطفال صريحون، وصرت ألبس شرابا حتى في البيت.
عندي سؤال يحيرني: إلى متى وأنا على هذه الحالة؟ كيف أتزوج إذا كبرت؟ مستحيل أحد يقبلني وأنا بهذا العيب، تمنيت أن أبي كان قد عمل لي عملية وأنا صغيرة؛ لأني كنت صغيرة لا أحس، ولو كنت مت كان يقدر ينساني بسهولة، ويعتبر أني ما طلعت على الحياة، لكن الحين كبرت ومستحيل أعمل عملية؛ لأني أخاف من الأخطاء الطبية، وأخاف ما أقدر أمشي بعد العملية، كيف أعيش مع هذا العيب الخلقي؟!
تعبت من شفقة أعمامي والناس وأهلي، وتعبت من كثرة ما أخفيه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- أشكر لكِ تواصلك معنا وحسن الظن بنا, وهو دليل نبل أخلاقك، فأسأل الله تعالى لكِ العافية وقوّة اليقين والإرادة والثواب والتوفيق.
- لا تخلو حياة الإنسان – ابنتي العزيزة – منذ ولادته حتى وفاته من جملة ابتلاءات تعرّضه لمشاعر الهم والحزن والألم، لكن المؤمن مهما اشتدت به الهموم والكربات لا يدخل اليأس والإحباط والقنوط قلبه أبداً, بل هو بطبيعة إيمانه يحسن الظن والثقة بربه، فيصبر على بلائه ويشكر الله على نعمائه ويرضى بقضائه: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، ولا يكون ذلك لأحد إلا للمؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) رواه مسلم، ولذلك فلا عجب أن تملأ مشاعر الأمل والطموح والتفاؤل قلبه مهما تناوبته المصاعب والمنغصات.
- احمدي الله – ابنتي العزيزة – أن العيب الخلقي في أصابع قدمك مشكلة صغيرة مقارنة بعيوب خلقية أخرى كبيرة كما تعلمين لاسيما وهو لا يعيقك عن المشي والحركة, كما وهو في موضع خفي غير ظاهر, فاحذري أن تضخّمي عاهتك المتواضعة, والتي لا تعيقك أيضاً عن الزواج والوظيفة ونحوها كونها لا تمنعك عن المشي والحركة كما تقولين، ولا تقارني نفسك بمن هو أكمل منك في هذه المشكلة اليسيرة, وانظري إلى من هو دونك؛ فإن ذلك جدير ألا تزدري نعمة الله عليك كما صح في الحديث، فتحلّي بالثقة بالنفس، ولا تلتفتي لتعيير الآخرين لكِ, - هداهم الله – وكثيراً ما يكون التعيير غير مقصود الانتقاص، بل المزاح والمداعبة، وإن كنا لا نقرهم عليه، فركزي على الجوانب الإيجابية لديك بتفعيلها, وتعزيز الثقة بنفسك بالنجاح واللياقة الذهنية الفكرية والعاطفية.
- إن التشاؤم واليأس – ابنتي العزيزة - يحجبان الرؤية ويصيبان صاحبها بالهزيمة الداخلية, ولذلك فليسا هما من أخلاق المؤمنين {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}، وقد صح في الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز فإن أصابك شيء، فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل, فإن (لو) تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم.
- أحسني الظن بوالدك – حفظه الله – وقدّري عذره فلعل ظروفه المادية أو غيرها لم تكن تسمح له بعلاجك, وعلى أسوأ الأحوال، فإن الخطأ لم يصدر عن قصد منه، ولكن عن سوء تقدير فحسب, ومبنى حسن الظن بالوالدين ما نعلمه ما حباهم الله من غريزة حنان ودفء وعاطفة الأبوّة.
- يمكن تدارك الأمر –إذا أحببتِ– باستشارة طبيبة نفسية مختصة بالعظام والجراحة, لضرورة الاطمئنان والعلاج وتحقيق الأكمل والأفضل لكِ إذا أمكن سلمكِ الله وعافاكِ.
فإن نصحت بإجراء جراحة طبية، فلا تترددي في الخضوع لها إذا أمكنك مادياً, ولا داعي للقلق والخوف لما فيه مصلحتك النفسية والمستقبلية.
- هذا وأسأل الله أن يفرّج همك ويكشف ضرّك وييسر أمرك ويشرح صدرك، ويلهمك الخير، والسداد والهدى والصواب، والله الموفق والمعين.