دائما أكون المبادرة في المصالحة مع زوجي.. فما الحل معه؟
2017-05-23 01:36:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم..
زوجي –الحمد لله- محترم ويراعي ربنا فيّ، لكن مشكلته أنه كلما حصلت أي مشكلة بيننا لا يبدأ بالمصالحة أو حتى يتكلم معي لنحل المشكلة، وبالأيام لا يكلمني إلا لو أنا التي أتأسف لنتصالح، وهذا الموضوع يضايقني صراحة.
أحيانا أقول لنفسي كوني أنت المبادرة، وأتذكر حديث الرسول: (لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) لكني أتضايق أنه لا يتذكر أحاديث الرسول عن حسن معاملة الزوجة.
السؤال: هل من حقي أن أنتظره ليبادر بالصلح أم أن عليّ إثماً في ترك الزوج غاضبا؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- الزواج –أختي العزيزة– رباط مقدّس بين الزوجين، وقد سماه الله تعالى: (ميثاقاً غليظاً) ومقصد الشرع منه (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة) وبناء الأسرة الصالحة, وهي النواة الأولى لصلاح المجتمع والأمة.
- وفي سبيل تحقيق الأمن لها والاستقرار فلابد من توفّر عاملي الدين والخلق في الزوجين: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، (فاظفر بذات الدين تربت يداك) وقال تعالى: (فالصالحات قانتات حافظات الغيب بما حفظ الله).
- وتشتد الحاجة لحسن الخلق عند انعدام أو ضعف الخلق في الجانب الآخر حيث يستدعي ضرورة الصبر والحلم والحكمة في الزوجين, لا سيما في الزوجة؛ حيث تغيب أو تضعف ثقافة الاعتذار في مجتمعاتنا الشرقية ولا يقدّرون قيمتها؛ وحيث غلبة مفهوم عقدة الرجولة في المبالغة بإثبات هيمنة سلطة الرجل بتوهم دخولها في مفهوم القوامة (الرجال قوامون على النساء) الأمر الذي يستلزم منك الآتي:
- اكسري حاجز الصمت والعزلة بإحياء ثقافة الحوار مع زوجك باقتناص أنسب الأوقات التي تكونان متهيئين فيهما نفسياً، ولا تتوقعي التفاعل منه كما ترغبين، ولا تستغربي إذا شعرتِ منه بنوع جفاء فتتوهمي أنه كراهية وقسوة, فمما ينبغي أن يُعلم أن الرجال ليسوا كلهم على درجة واحدة في الطباع -كالنساء أيضاً- فكثير منهم قد لا يؤمن بثقافة الاعتذار مطلقا؛ باعتقاد أنها علامة ضعف منافية للرجولة، ومنهم من لا يؤمن بها تجاه الزوجات والأولاد, وتوهم أن حقه في الخطأ مكتسب, وحق المرأة في الاعتذار واجب، ومنهم من يعبر عن أسفه واعتذاره بغير كلمة (آسف أو أعتذر) والاكتفاء بتقديم الهدية أو حسن المعاملة, وعليه فلا يلزم فهم زوجك على أنه متكبر, فحسب بعضهم لو لم يسخر من الاعتذار أو يبكّت – يؤنب – صاحبه على خطئه!
- وكثيراً ما يدخل الوهم على الأزواج من خلال سوء فهم طبيعة المرأة وأنها –كما في بعض الثقافات– تحمل قلباً حقوداً أسود لا يعرف التسامح ولا ينسى الإهانة؛ بدليل أنها تنسى جميل الزوج و تذكّره بخطئه دائماً, وفي الحديث : (إذا أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً, قالت: لم أر منك خيراً قط) كما أن بعض الأزواج يخشون تعوّد المرأة على الاعتذار مما يدفعه إلى فكرة تعويدها على الصمت والتحمّل لأخطائه.
- أنصحك –حفظك الله– بضرورة التعايش معه والتفهّم لطبيعته، واحذري أن تبالغي في الشعور بالإهانة والقهر تجاه خطئه في عدم اعتذاره، بل تحاشي الصدام معه ما أمكن ولا تبالغي في جعله محور حياتك, وعلقي قلبك بحب الله تعالى وجلاله وجماله وكماله, والحرص على ذكره سبحانه وشكره وحسن عبادته, مع حفظ حق المحبة والمودة والرحمة لزوجك باعتدال وتوازن.
- حسبكِ أن تكسبي قلب زوجك وعقله, وأن تقومي بواجبك الزوجي، واهتمي ببيتك وزوجك وأولادك ومظهرك طاعةً لله تعالى وقياماً بحق الزوج واحتساباً للأجر، كما النحلة العاملة المثابرة لا تعرف الحزن ولا تتوقع الشكر، وتجنّبي الأخطاء لاسيما التي تثير غضبه للتخفيف من وجود أو حدّة الخلافات والمشكلات الزوجية, ومنعاً من فقدان هيبتك بكثرة الاعتذار.
- احرصي على تقويمه تدريجياً بإشعاره بخطئه وضرورة اعتذاره بإبداء شيء من الاستياء من خطئه من دون إظهار الغضب أو رفع ولكن بالاكتفاء بمجرد الابتسامة دون العاطفة ليشعر بالقلق والرغبة في التغيير ولا تكرري لومه على أخطائه حتى لا يعتبرك امرأة نكديّة - كما يقال – إضافة إلى وسيلة الحوار الهادئ كما سبق.
- احذري أن تقارني نفسكِ بالأفضل منكِ في هذه المسألة, وفي الحديث: (انظر إلى من هو دونك؛ فإن ذلك جدير ألا تزدري نعمة الله عليك) وتذكّري إيجابيات زوجك الكثيرة والكبيرة في دينه وخلقه وكرمه وأبوته وعشرته, فالأفضل منه في ثقافة الاعتذار قد يكون أسوأ منه في ثقافة التعامل في الجوانب الأخرى.
- وأخيراً فاستحضري معي هذا الحديث الصحيح الجليل: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود, العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها, ثم تقول: والله لا أذوق غمضاً حتى ترضى).
وفي الصحيحين: (لا يحلّ لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث, يلتقيان فيعرض هذا, ويعرض هذا, وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
أسأل الله أن يرزقكِ التوفيق والسداد ويلهمك الهدى والخير والرشاد ويجمع شملكِ وزوجكِ على مودة ورحمة وخير، ويسعدكما في الدنيا والآخرة.