هل تكفي الأدوية النفسية لعلاج مرضي؟
2017-07-13 05:33:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب في الـ 19 من عمري، ابتليت بالفصام وأتعالج منه، والأدوية هي: abilify 25 m.g + statomin 100 m.g، لكن ما زال لدي عدة أمور أريد معالجتها، وهي أنه ليس لدي أصدقاء، وأعاني من اللامبالاة تجاه حياتي، فهل تنصحونني بأية أدوية أخرى، وهل شكواي لكم تعتبر من عدم كمال الصبر، أو كمال الرضى؟ أتمنى الإجابة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أخي: شكواك شكوى مشروعة جدًّا، فهذا مرض طبي، وله أعراض متعددة، وأنت تتناول العلاج، وقطعًا قد تحسَّنت في أشياء كثيرة، وبقيت بعض الأعراض التي عرضتها علينا كمختصين، فهذا الأمر لا يدل أبدًا على عدم الصبر من جانبك، كلا، فأنت -إن شاء الله- من الصابرين، ومن الراضين بهذا الابتلاء، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك أعلى مراتب الرضا وأعلى درجات الصابرين، فإن الصابرين أجرهم بغير حساب، ولا ينفي وجود صبرك طلبك للدواء والشفاء، فلا تتحسس هذا الموضوع، وفي ذات الوقت اطرق باب العلاج، وكن في تواصل مع مختصين، هذا أيضًا من باب الأخذ بالأسباب، وما أنزل الله من داء إلا أنزل الله له دواء، وأُمرنا بأن نتداوى، فقال صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله)، والتداوي مطلوب في حالتك، فلا تتحسس حول هذا الموضوع – أيها الفاضل الكريم – واسأل الله تعالى أن يكتب لك الشفاء والأجر التام.
بالنسبة لعلاج الحالة – أيها الفاضل الكريم -: الإبليفاي على وجه الخصوص يُعتبر دواءً ممتازًا، ودواءً فعّالاً جدًّا لعلاج مرض الفصام، خاصة ما يُعرف بالأعراض السلبية لهذا المرض، والأعراض السلبية تتمثل في الانعزال وقلة التواصل الاجتماعي ممَّا ينتج عنه عدم وجود أصدقاء - كما هو في حالتك – .
وموضوع اللامبالاة أيضًا هو عرض نشاهده كثيرًا لدى بعض مرضى الفصام، وهو ناتج من افتقاد الدافعية وافتقاد الفاعلية، والإنسان يكون ليس لديه المقدرة التامَّة بأن يكون مثابرًا وسبَّاقًا، ويأخذ المبادرات. هذه سمة من سمات الفصام.
أخي الكريم: هذه الأعراض لا تُعالج عن طريق الأدوية فقط، الأدوية تُساعد، الإبليفاي الذي تتناوله دواء كافٍ جدًّا، ولست محتاجًا لأي إضافة دوائية، لكن الذي تحتاجه هو أن تدفع نفسك، هناك علاج نفسي يُعرف بتحسين الدافعية وتعزيزها، وتحسين الدافعية يقوم على مبدأ: أن الإنسان إذا عرف علَّته فيجب أن يتداركها بنفسه، فنحن الآن أمام حالة نفسية معروفة، ومن سماتها وصفاتها هو الانعزال الاجتماعي، والتجمُّد العاطفي، وعدم أخذ المبادرات، فعلى ضوء ذلك تضع برامج يومية لعلاج هذه العلل.
أولاً: من أفضل طُرق بناء صداقات وعلاقات اجتماعية هو أن تُصلي مع الجماعة في المسجد، فاحرص على الصلاة مع الجماعة، وابدأ علاقاتك بإمام المسجد، وبعد ذلك سوف تجد أنك تعرَّفتَ على بعض المصلين، هذه وسيلة ممتازة لبناء علاقات اجتماعية وصداقات.
الأمر الثاني: لابد أن تمارس رياضة جماعية، ابحث مع بعض الزملاء - أو أبناء الحي الذي تعيش فيه - هم وسيلة تمارس معهم رياضة جماعية مثل كرة القدم، مرة أو مرتين في الأسبوع، سوف تجد نفسك أصبحت أكثر قابلية للتفاعل الاجتماعي.
أمر آخر مهم: أن تنضم لأحد الأندية أو المنظمات الطوعية أو الخيرية أو الاجتماعية، من خلال الأنشطة التي تقوم بها هذه الدُّور سوف تجد أنك أصبحت تتفاعل اجتماعيًا.
إذًا – أخي الكريم – هذه ثلاث وسائل مهمَّة وضرورية، سوف تجعلك تبني صداقات، وتُحسِّن نسيجك الاجتماعي، وفي نفس الوقت سوف تأخذ مبادرات، هذه مهمَّة جدًّا.
وشيء آخر لابد أن تتعلَّمه في أخذ المبادرات، هو أن تجعل جدولاً يوميًا لإدارة وقتك، لا تترك الأمور غير منسجمة أو مترابطة، لابد أن تضع نشاطات يومية تكتبها على ورقة وتقوم بتنفيذها.
تفاعلك أيضًا مع الآخرين يمثل علاجيًا هامًّا وضروريًا، المرض كثيرًا ما يكون مثبِّطًا ومُحبطًا، ويُقلل من دافعية الإنسان وإرادته وعزمه للإنجاز والأداء.
علماء السلوك وجدوا أن الإنسان حين يكون مُدركًا لنواقصه ونقاط ضعفه - خاصة فيما يتعلق بحالته العقلية أو النفسية أو المزاجية أو السلوكية - فهنا يمكن أن يتدارك هذه النواقص، بأن يقوم بفعل ما هو مضادٍ لما يُهيمن ويسيطر عليه.
فيا أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تجعل النص القرآني {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} وقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، اجعل هذين النصّين محرِّكًا لك، ضعهما دائمًا نصب عينيك، وخذ به. الله تعالى حباك بالإرادة وبالدافعية وبالمهارات، وبالقدرة، والإمكانات، وبالطاقات المخزونة في داخل جسدك ووجدانك وكيانك. من خلال إصرارك وحُسن إدارة وقتك، وأن تبحث دائمًا أن تكون يدًا عُليا تستطيع أن تُغيّر ما بك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.