كيف أحل مشكلتي مع زوجتي في ظل وقوف والدها معها؟
2024-02-10 23:37:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
متزوج من فتاة والدها ملتزم وصاحب دين، وهو صاحب منصب، ولكنه حينما يرى أخطاء ابنته يقف في صفها.
مشكلتنا أننا قبل الزواج كان بيننا اتفاق بأن تكمل زوجتي دراستها لو أرادت ذلك، وأنا وافقت على هذا الشرط، وفترة الدراسة في المساء (منازلًا)، لأنها من قبل لم تدرس لمدة ثلاث سنوات، وأنا شجعتها على الدراسة، وفي أحد الأيام قصرت في واجباتها، فمنعتها من الخروج والذهاب للمدرسة، ولكنها خرجت من البيت وذهبت إلى أهلها، وعند عودتي لم أجدها، واتصلت بأهلها ورد والدها، وعندما سألته كيف تخرج زوجتي دون إذني لم يرد على، وأخبرني أن زوجتي ستبقى عنده حتى تنتهي من دراستها، وقال: (تعال عند انتهاء الدراسة نتفاهم)، وعندما رفضت طلبه طلب مني تطليقها، لأني لا أصلح لها.
استفساري: هل يجوز لوالدها الوقوف بجانبها وتشجعيها وهي على خطأ؟ علمًا أنه لم يسمع مني أي حديث، ولم يفكر في الاستماع لي، فماذا يحق لي من ذلك؟
وشكرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في موقعك إسلام ويب، وردًا على استشارتك نقول:
بما أنه قد تم الاتفاق بينكم على أن تكمل دراستها، فينبغي أن يتم الشرط، فإن «أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ»، لذلك أنصحك أن توثق صلتك بوالد زوجتك، وتقوم بزيارته إلى بيته، فالحديث حين يكون وجها لوجه مع التقدير والاحترام يثمر بإذن الله.
احترامك لوالدها، واستشارته، ورفع الشكوى إليه إن أخطأت ابنته ولم تستطع أن تعدلها، وإشعارك له بأنك أحد أبنائه سيجعله يقف منكما موقف المصلح، لا ينحاز لابنته ولا لك، وهذا ما نريده، أن يكون مصلحًا، والمصلح إما أن يوفق بين الطرفين، أو أنه يقول للمخطئ أخطأت وللمصيب أصبت.
أخي الكريم: لا بد أن تدرك أن المرأة خلقت من ضلع أعوج، ولا يمكن أن تستقيم لك استقامة تامة، فإن أردت ذلك كسرتها، وكسرها طلاقها، فقارب وسدد، يقول (ﷺ): «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ».
وجود المشاكل والتقصير من المرأة وارد، خاصة في بداية الحياة لزوجية، والسبب في ذلك يرجع إلى اختلاف البيئات التي عاشها كل من الزوجين، والسلوكيات التي يحملها، وتعديل ذلك يحتاج إلى وقت وصبر.
المحاسبة الشديدة على كل تقصير مفسد للحياة، ولقد كان من أخلاق الأنبياء التغاضي عن كثير من الأخطاء والزلات والتقصير الذي يحصل، سواء من الزوجات أو من غيرهم، فهذا نبينا (ﷺ) يقول عنه ربه سبحانه:{وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3]، أي أنه حين أسر لها حديثًا وطلب منها ألا تخبر أحدًا به، فلما أفشته لم يحاسبها على كل ما بدر منها، وإنما عن بعضه، وأعرض عن البعض الآخر، وهذا يوسف -عليه السلام- حين قال إخوته: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} قال الله عنه: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} [يوسف: 77].
أنصحك أن تبادر بزيارة عمك، وأن تشرح له ما حدث، وتقول له هذا خطأ حدث مني ومنها و-إن شاء الله- لن يتكرر، والطلاق ليس حلًا، وبقاؤها عندك في البيت ليس حلًا كذلك، بل إنه يفوت المقصد من الزواج، ويلغي حقوق الزوجين.
كن حكيمًا في تعاملك مع زوجتك، وأسس لمبدأ الحوار البناء في أوقات الصفاء، وضعوا خارطة طريق لحياتكما، وتعرف على نقاط ضعفها التي يمكن أن تعالجها من خلال ذلك، وتجعلها دائمًا تحت سيطرتك.
آمل ألا تخرج مشاكلكما إلى خارج البيت؛ لأن المشاكل الزوجية إن خرجت كبرت وصعب حلها، وإن كان لا بد من خروجها؛ فليكن إلى من يريد الصلح ويحسنه، لا إلى من يصعدها ويعقدها.
وطن علاقتك كذلك مع أم البنت، فهي مفتاحها وصندوقها الأسود، وتستطيع -بإذن الله- أن تعدل من سلوكيات ابنتها، فلا تهمل بناء العلاقة معها والاستفادة من خبراتها وتقبل نصحها.
الهدية تمد جسور التواصل وتفتح القلوب، فلا تنس حين زيارتك لبيت أهل زوجتك أن تحمل معك ثلاث هدايا، واحدة لعمك، وأخرى لعمتك، وثالثة لزوجتك، يقول نبينا (ﷺ): «تهادوا تحابوا».
وثق صلتك وصلتها بالله تعالى، وأكثرا من العمل الصالح، فبذلك تستجلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
مخالفة المرأة لأمر زوجها ينبئ عن ضعف في إيمانها، وعدم معرفتها لحقوقها وواجباتها، وتبصيرها بذلك يقع على عاتقك مع الرفق واللين والتدرج، فمن طلب الشيء جملة فاته جملة.
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي (ﷺ)، فذلك من أسباب تفريج الهموم كما ورد في الحديث: «مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا»، وقال (ﷺ) لمن قال: (أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا): «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ».
أكثر من تلاوة القرآن الكريم واستماعه، وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، وأن يؤلف بين القلوب ويسعدك، إنه سميع مجيب.