طباعي وطباع زوجتي مختلفة فما نصيحتكم لي؟
2018-01-09 02:54:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
أنا شاب عمري 23 سنة، متزوج حديثاً منذ ثمانية شهور، أطباع زوجتي تختلف عني جداً، فهي حساسة ولا أعرف كيفية التعامل معها في بعض الأوقات، وزوجتي تحسب كل صغيرة وكبيرة بأنها خطأ، وأنا أسعى كثيراً حتى أفهمها بأنها أمور طبيعية، ولكن للأسف لا جدوى.
حتى عند المعاشرة الجنسية تحاول الابتعاد عني وتدفعني، أغضب عليها في بعض الأوقات، وأقول بأنها زوجتي، ويجب الصبر عليها، لكنني مرهق من هذه الطباع، فهي باردة بالمشاعر، وتقول لي لم أحبك، وتأخذه بطريقة غير جدية، ولكن أفعالها ومعاملتها تدل على ذلك، فأنا لم أقصد إهانتها بل على العكس أحبها كثيراً، وأكتب لها الشعر والكلمات الجميلة والمدح، ولكن لكل وقت وقته، حسب الأوقات يكون كلامي، خاصة عندما تبتعد عني أحياناً وتكون في بيت أهلها.
أفيدوني، وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد السلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك, وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلاً الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الصبر والثبات والقوة والحزم والعون والهدى والرشاد.
لا شك أن ما تعانيه مشكلة لدى كثير من الأزواج, ذلك أن من طبيعة البشر عامة, وفي العلاقات الزوجية خاصة توفر بعض الأزواج أو الزوجات ممن ابتلين وابتلي بهن ممن يتحلين بالبرود العاطفي، أو الحياء المفرط، والشعور بالحرج من مبادلة الزوجة لزوجها مشاعر المحبة والاهتمام, وربما توهم بعضهن بكون ذلك مما يتنافى مع الحياء لدى المرأة، أو كونه يخدش بالمروءة والالتزام أحياناً.
ولا يخفاك أن بعض الأزواج يشتكي من زوجته ابتلاءهُن بالعصبية والمزاجية وسوء المعاملة, وكل ذلك -أخي العزيز- نتيجة التربية الخاطئة، وعادة وطبيعة موروثة غير مقصودة، وكثيراً ما يكون عن حسن نية, وربما كانت سلوكياتها الخاطئة نتيجة ضغوط الدراسة والغربة والبعد عن الأهل وغيرها, وتذكر أن كثيراً من الزوجات يصلحن بعامل الصبر والزمن، وتكوين الأسرة والأولاد والخروج من أوضاع الحيض والحمل والولادة, ولا سيما أنك حديث عهد بالزواج نوعاً ما, ومما يستلزم منك التحلّي بكثير من الصبر والحكمة, ولا أجمل وأحكم من تذكيرك بهذا الحديث النبوي الشريف الصحيح: (استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضِلَع, وإن أعوج شيء في الضِلع أعلاه, فإن ذهبت تقيمه كسرته, وإن تركته استمتعت به وبه عِوَج)، [متفق عليه].
تذكّر أن زوجتك أمانة عندك, وقد اختارتك من بين الناس, ووضعت حياتها ومستقبلها في زورقك, وأنظر إلى الجوانب الإيجابية التي تعجبك في زوجتك، كتحليها بالدين والخلق والعفّة والحياء والأمانة والجمال والثقافة ونحوها، في مقابل توفر زوجات قد قل حظهن من هذه المزايا الطيبة والعظيمة, حيث وإن التركيز على الجوانب السلبية مما يسهم في معاناتك النفسية واتخاذ مواقف وقرارات خاطئة, فأذكرك بقوله تعالى: {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً}, وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك –أي يبغض– مؤمنٌ مؤمنة, إن كره منها خُلقاً رضي منها خُلقاً آخر)، [رواه مسلم].
ومع تفهّمي وتعاطفي لمشكلتك, إلا أن الواجب عدم أخذ المشكلة منك بمبالغة وحساسية ورومانسية مفرطة, وضرورة إنزال نفسك منزلة الطبيب لزوجتك المريضة, ومقارنة هذا العيب منها بإيجابياتها الكثيرة, وعيوب غيرها من النساء والتي قد تزيد سوءاً عنها, واستشعار الثواب والأجر في الصبر عليها، لقوله تعالى: {إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب}.
لا تيأس من الدخول معها في حوار متزن وهادئ متحلياً بالحكمة والحجّة والأسلوب المناسب بكل ما يضيق به صدرك، وضرورة إعطائك حقوقك وحاجاتك الزوجية والتي لا تنحصر في المادي فحسب، بل تشمل المعنوية والعاطفية بمبادلتك الكلمة الطيبة ومشاعر الحب والحنان والرحمة والاهتمام، ومطالبتها بتغيير عادتها وطبيعتها وسلوكها, مع ضرورة التحفيز والتشجيع لها, وضرورة إعطائها حقوقها من غير تقصير, والإصغاء إلى ملاحظتها وما قد تأخذه عليك من عيوب وتجاوزات في حقها, وقد قيل، "إذا عُرف السبب, بطل العجب" مدّة لأخذ وقتها في مراجعة نفسها, ولا مانع عند اللزوم من الاستعانة بمن تأنس إليه وتثق به من عقلاء أهلها في نصيحتها بالحكمة.
أوصيك بتوفير القدوة الحسنة فيك قدر الإمكان, وذلك بالمحافظة على الصبر والصلاة، ولزوم أذكار اليوم والليلة, ومحاولة التأثير الإيجابي على زوجتك فيما يسهم في زيادة رصيدها الإيماني والأخلاقي والعلمي، فاحرص على مشاركتها استماع المحاضرات والخُطب والدروس والبرامج والقراءة فيما يعود عليكم بالفائدة الإيمانية والوعظية والتربوية والأخلاقية.
احرص على أداء حقوقها الزوجية على أحسن صورة ممكنة, ومنها الاهتمام بحسن معاملتها، والكرم والجود معها، والاهتمام بالمظهر ونحو ذلك, والخروج معها في زيارة الأهل والمتنزهات وشراء الهدايا المناسبة وإكرامها في حدود الإمكان.
ضرورة التعامل مع زوجتك بمنطق الصبر والحِلم, لكن مع الكثير من الحكمة والحزم بالمعروف, فإن استطعت على السفر إليها والقرب منها فافعل, وفي ذلك مصالح كثيرة في تحصيل العفة والتربية الحسنة لها وسياستها وتقويمها عن طريق القدوة الحسنة منك، وحسن المعاملة بالكلام والكرم معها بمنطق الابتسامة والتلطف معها والإحسان إليها، {واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين}، والتحلي بسعة الصدر وعدم مجاراتها أو مبادلتها الجدال والغضب والعناد والإساءة.
تعوّد الاستمتاع بمحادثة زوجتك, واعتبارها الصديقة المحبوبة لديك, وخلق الجو والمناخ الطيب في الحوار, وترك الخصومة ورفع الصوت عند الغضب وقطع الحديث بهدوء, ثم تذكيرها في وقت آخر بإبداء انزعاجك بهدوء من سوء عباراتها، لقوله: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن...}.
عليك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء لزوجتك بالصلاح, ولنفسك بالصبر, وأكثر من الذكر والطاعة وقراءة القرآن والصحبة الصالحة والاستغفار لله تعالى، والصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
تحلَّ بحسن الظن لله تعالى والثقة بالنفس, وأبشر بقرب فرج الله تعالى, وفي الحديث: (فإن النصر مع الصبر, وإن الفرج مع الكرب, وإن مع العسر يسرا).
أسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك ويصلحك وزوجتك وأهل بيتك، ويرزقكم الصبر والحكمة والسداد والذرية الصالحة، وسعادة الدنيا والآخرة.