الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك - أخي الكريم - على كلماتك الطيبة وثقتك في الشبكة الإسلامية، وسؤالك سؤال جيد حقيقة ومفيد.
نصيحتي للناس بتجنب مضادات الاكتئاب بقدر المستطاع في حالة وجود اضطراب وجداني ثنائي القطبية سندها علمي، وكل المحافل العلمية المعتبرة والمحترمة نصحتْ وأقرَّتْ ذلك، حيث وُجد أن استعمال مضادات الاكتئاب قد يُحسِّن المزاج في لحظته، لكنه يُعجّل بنوباتٍ أخرى متكررة، حتى يصل الإنسان لما يُعرف بالباب الدوّار، بمعنى أنه يخرج من نوبة ويدخل في أخرى.
هذا لا يعني أن مضادات الاكتئاب لا تستعمل مطلقًا، في بعض الحالات التي يكون فيها القطب الاكتئابي هو القطب المهيمن والمُطبق هنا تستعمل مضادات الاكتئاب، لكن يجب أن يكون ذلك تحت الإشراف المباشر من الطبيب المختص.
وجد أن عقار (زيروكسات) على وجه الخصوص، أو عقار (ببربيون) هي الأنسب، لأنها غالبًا لا تدفع الإنسان نحو القطب الهوسي، وذلك لأن الببربيون يعمل من خلال السيروتونين والنورأدرينالين، وكذلك الدوبامين، وهذا أيضًا ينطبق على الزيروكسات -أخي الكريم-.
وجدنا أيضًا أن استعمال عقار مثل الـ (إرببرازول) أو الـ (رزبريادون) - وهي أدوية مضادة للذهان في الأصل، ولها أيضًا خواص تثبيت المزاج - وجد أنها تساعد كثيرًا في علاج الوسواس القهري، وكذلك نوبات القلق والهلع المصاحبة للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
وقطعًا الزيروكسات سيكون مفيدًا إذا كان الوسواس وسواسًا شديدًا ومُطبقًا، لكن يجب أن يستعمل بحذر، وأن تكون الجرعة في الحدِّ الأدنى، ويكون ذلك تحت إشراف الطبيب المختص.
أخي الكريم: الأفكار الانتحارية - أخي الكريم - يجب أن تُكثر من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى منه، وتذكر دائمًا قول الحق عز وجل: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا}، وقوله: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} وإحسانك لنفسك ألَّا تؤذيها وتودي بها إلى النار، لأن من يقتل نفسه خالدًا مخلدًا في النار، تصديقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا) [رواه مسلم، والترمذي وأحمد]، وفي رواية: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عَذَّبَهُ اللَّهُ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) [رواه الإمام أحمد، وعنون به مسلم في صحيحه].
تيقَّن أنك -إن شاء الله تعالى- ستعيش حياة طيبة، والحياة أصلاً جُبلت على كدر وكبد، وليست على وتيرة واحدة، فإنها دار امتحان واختبار وابتلاء، حتى يعلم الله الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، ويعلم الذين آمنوا ويعلم المنافقين، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}.
حاول دائمًا - أخي الكريم - أن تكون شخصًا فعّالاً، لأن الفعالية والتواصل الاجتماعي حقيقةً تصرف فكر الإنسان عن هذا الفكر اللعين (الانتحار)، وانظر تحريم الانتحار والتفكير فيه: (
262983 -
110695 -
262353 -
230518).
قطعًا -الحمد لله تعالى- الآن الدراسات أثبتت أن الليثوم طاردٌ للفكر الانتحاري، حتى للذين يُعانون من اضطراب الشخصية وليس المكتئبين فقط. الليثوم دواء رائع جدًّا، وأفاد كثيرًا من الذين يعانون من الفكر الانتحاري الذي غالبًا يكون جزءً من القطب الاكتئابي في حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
الآن أصبح عقار (كيتامين) يُوصى به في حالة القطب الاكتئابي المطبق، في حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، والكيتامين ليس بالدواء الجديد، وقد استعمل في التخدير سابقًا، لكن وُجد أنه مفيد لعلاج هذه الحالات الاكتئابية الحادّة والمصحوبة بأفكارٍ انتحارية، لكن قطعًا غير متوفر في جميع المراكز.
التحفيز المغناطيسي مفيد جدًّا في بعض الحالات التي يكون فيها الاكتئاب مُهيمنًا.
هرمون الثيروكسين لا أراه مفيدًا حقيقة، إلَّا إذا كان الاكتئاب آحادي القطب، هنا ربما يفيد هرمون الثيروكسين في بعض الحالات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.