بسبب زواجي المبكر والذي كان سريعا أصبحت أتحسر على حظي، فما الحل؟
2018-05-21 02:26:10 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم...
أنا أم لطفلين، عمري 26 سنة، أحب أن أربي أولادي بدقة في كل شيء، بالأكل الجيد، وبالألفاظ الحسنة، وعدم مشاهدة التلفاز لأنه مضر، وغير ذلك، ولكن أبنائي أصبحوا يكذبون كثيرا، وعنيدين، حتى كرهت وندمت بأني أنجبت مبكرا، فقد كان عمري 17 سنة، ولم أكن ناضجة تماما، وكان كل شيء سريعا، لم أفرح كأي عروس، لم أعمل حفلا، ولم أسافر، حملت سريعا وأنجبتهم، والآن أنظر لأي عروس فأتمنى أن أكون مكانها، واحيانا أفكر بالطلاق لأفعل ما بخاطري.
زوجي لا توجد فيه عيوب إلا القليل، كأي إنسان، فعندما أسمع ضجيج أولادي وتكسيرهم أضربهم، وتتعب نفسيتي، وأريد الهدوء، لأني كثيرا أحب الهدوء، فما الحل معهم؟ وهل من الطبيعي التكسير عند الطفل والتخريب؟ وهل يوجد حل حتى لا أنظر إلى أي عروس وأتعب؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول: واجب عليك أن تحمدي الله تعالى على هذه النعمة، وكونك تزوجت في سن السابعة عشرة، من رحمة الله بك، وأنت محظوظة؛ لأن بعض الفتيات تصاب بالقلق والكآبة كونها بلغت العشرين إلى الخمسة والعشرين ولم تتزوج، ومنهن من تبلغ الثلاثين دون أن تتزوج.
بعض الفتيات إذا بلغت العشرين ولم يتقدم لها أحد تذهب لتفتش عن علاقات في مواقع التواصل الاجتماعي، وربما بسبب سذاجة البعض تقع فيما يسخط الله، وأنت من رحمة الله بك لم تتعرضي لشيء من ذلك.
سعادة الزواج ليست في عمل الأفراح والاحتفالات والسفريات، فبعض ذلك فيه ما يسخط الله كالإسراف والتبذير، وقد يعود على حياة الزوجين بالنكد بسب ذلك.
من فضل الله تعالى عليك أن زوجك ليس فيه عيوب -كما ذكرت- إلا ما هو ملازم للبشر من النقص والعيوب وما منا إلا وله عيوبه.
السعادة الحقيقية في طاعة الله، والأنس بالقرب منه، والحياة الطيبة لا تستجلب إلا بذلك يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
يصعب كثيرا في هذا الزمان تربية الأبناء على ما يريده الأبوان؛ والسبب في ذلك أن المجتمع لا يساعد على ذلك، فالفصام الحاصل بين التربية في البيت وما يراه ويسمعه الأولاد في الشارع والمدرسة يجعلهم يعيشون في اضطراب نفسي، لا يدرون أين الحق، وربما رجحوا كفة ما يرونه ويشاهدونه؛ لأنه لا حواجز ولا محظورات في ذلك، بخلاف ما يراه ويسمعه في البيت من الحظر والمنع لبعض الأمور، فنفسية الطفل تريد قدوات حسنة توافق أقوالها أفعالها، مع مجتمع يساعد على ذلك، ولهذا فما على الأبوين في هذا الزمن إلا التسديد والمقاربة بحسب الإمكان.
لا شك أن التلفزيون وأكثر القنوات المفتوحة والمتخصصة بالأطفال تربي الأبناء على الانحراف في السلوكيات، مع حاجة الطفل أحيانا لبعض القنوات التي تساعد على التربية الحسنة، لكنها للأسف قنوات مقفلة، ولا يسمح باستقبال بثها إلا بمبلغ سنوي يدفع مسبقا، أو على دفعات، ومع هذا فأرى أن ذلك يلزم الآباء بتحمل تلك النفقات؛ لأن الطفل إن لم يشاهد في بيته فسيشاهد في بيت جيرانه، أو بعض أهله حين زيارتهم، وربما هرب الأبناء خفية عن آبائهم، ولعلك تدركين أن كل ممنوع مرغوب.
الألفاظ السيئة التي يتعلمها الأبناء يكتسبونها ممن حولهم، ولن نستطيع منع أبناءنا من مخالطة من هم في سنهم، ولذلك فينبغي أن تغرس فيهم القيم النبيلة، وأن يرغبوا في التخلق بها، ويرهبوا من السلوكيات السيئة بطرق مختلفة ومتنوعة.
من المفيد قراءة القصص الحقيقية على الأبناء، وما أكثرها، ففيها من المعاني والسلوكيات الشيء الكثير، فآباؤنا كانوا يستخدمون ذلك قبل أن يكتشف التلفزيون.
قراءة سير وتراجم العظماء بطريقة مبسطة تناسب الأطفال مهمة؛ لأنها تشحذ همم الأبناء لبلوغ القمم.
العناد يوجد في بعض الأبناء، وذلك أمر طبيعي، وقد يكتسب الأبناء ذلك بعضهم من بعض، فقد يكون العناد بسبب أنهم تعودوا على أنهم لا يحصلون على طلباتهم إلا إن عاندوا فتعودوا على ذلك.
اشكري نعمة الله عليك، ولا تنظري لبعض المظاهر الدنيوية الزائلة، فبعض من ترين أنهن سعيدات قد لا يكن ذلك في الواقع، ومن شكر الله على نعمائه زاده الله كما قال سبحانه: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
تكسير الأبناء لبعض الأشياء أمر طبيعي فلا تنزعجي، وعليكم أن تبعدوا الأشياء المهمة عن متناول أيديهم، وكوني على يقين أن للأشياء آجال وأعمار كأعمار الإنسان، وما ينكسر شيء إلا بأجل، فلا داع للتضجر.
من الخطأ ضرب الأبناء على كل شيء، وخاصة انكسار الأشياء من أيديهم، فالتوجيه أحيانا، والسكوت أحيانا، أخرى بل تهدئة روعهم مهم لأنه يصابون بالخوف والهلع جراء ذلك.
من أفضل ما تعالجين به حالتك حين ترين عروسا أن تنظري لمن هي أدنى منك، ممن عنست ولم تتزوج، أو متزوجة لكنها لم تنجب، أو متزوجة لكن حياتها جحيم من سوء تعامل زوجها، فهذا أجدر ألا تزدري نعمة الله عليك.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فذلك من أعظم أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
تربية الأبناء فيها مشقة، وهي مسئولية تحملها الآباء، وهكذا سنة الحياة، وسيأتي أبناؤك ويتحملون مسئوليتهم من بعدك، فعليك بالصبر، واستعيني بالله ولا تعجزي.
ومما يعين على ذلك: كثرة الذكر، وخاصة أذكار النوم، والتي فيها التسبيح ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين، والتكبير أربعا وثلاثين.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يعينك على تربية أبنائك، والقيام بحقوق أسرتك، وأن يصبرك على ذلك، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة في الدارين إنه سميع مجيب.