بسبب المعاصي الماضية جاءتني وساوس كثيرة، ما توجيهكم؟
2018-08-08 06:20:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ربنا يبعدنا عن المعاصي كلها، أنا لا أتفاخر ولكن عندي مشكلة، أنا بعمر ٣١عاماً، لك أن تتخيل أن كل الذنوب والمعاصي التي في الدنيا عملتها، كنت أتوب وأصوم وأصلي، ودائماً لا أنتظم في الصلاة، وأعود للمعاصي والذنوب مرة أخرى، وهكذا في دائرة منغلقة، ولكن منذ عشرة أيام توفي صديق شاب لي، وسألت نفسي ماذا لو كنت مكانه؟! وماذا أعددت للقاء ربي؟ فانتظمت بالصلاة والصدقة اليومية، وأقلعت عن جميع الذنوب والمعاصي كافة.
منذ لحظة وفاة صديقي بصورة مستمرة تنتابني آلام بالمعدة والرأس والقولون، وخفقان بالقلب، ودوخة، وضيق تنفس، وعرق غزير، وعدم راحة أثناء النوم، وأحس كأني سأموت، ويأتي هاتف في أذني ورأسي ستموت الآن، وأخشى وفاتي قبل أن يقبل الله توبتي، وتزيد هذه الوساوس أثناء النوم.
سؤالي: كيف يقبل الله توبتي وأثبت عليها؟ وكيف أقضي على هذه الوساوس؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنه ليسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يتوب عليك وأن يثبتك على الطاعة حتى تلقاه.
بخصوص ما تفضلت به فإننا نجيبك من خلال ما يلي:
أولاً: لماذا تشك في رحمة الله بك وقد أقبلت إليه؟ لماذا تظن أن الله لن يغفر لك؟ أنت عبد وهو رب، وطبيعة العبد الخطأ والعودة إلى الله مع الندم والعزم على عدم التوبة، وقد وعد الرب الرحيم بقبول توبة التائبين ومغفرة ذنوبهم متى حسنت توبتهم واستقام سلوكهم.
ثانياً: تأكد -أخي الحبيب- أن الله يقبل التوبة عن عباده، بل يفرح ربنا لتوبة عبده، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح).
هذا يثبت لك سعة رحمة الله بنا، فأمل في الله خيراً، واعلم أن الله كريم غفور رحيم، وهو القائل جل شأنه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) والتعبير بقوله جل شانه (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) يدل على سعة رحمة الله، وعدم يأس المؤمن من رحمة الله جل وعز، فبادر بالتوبة إلى الله، وأقبل على ربك، ولا تيأس من رحمة الله.
ثالثاً: اعلم أن الحل بيدك بعد توفيق الله، وليس بيد غيرك، إن كنت صادقاً مع الله حقاً فالتوبة أولاً، والاحتماء بالله ثانياً، وقطع كل وسيلة تؤدي إلى تلك المعصية التي وقعت فيها سابقاً.
رابعاً: احذر من اليأس، احذر أن يصور لك الشيطان أن الجرم الذي فعلته لا كفارة له ولا منجاة منه، احذر أن يعظم الشيطان الحرام الذي فعلته ليوهمك أنك قد ابتعدت عن الطريق المستقيم، ولن تصل مرة أخرى إليه، لا - أخي الحبيب - العودة قريبة إن شاء الله، ولعلك تأخذ مما مضى درساً لك في قابل حياتك تجنبك العثرات، وقد قال الشاعر:
ولرُبٌّ نازلةٍ يضيق بها الفتى * ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها * فُرجت وكان يظنها لا تُفرجُ
خامساً: تقضي على هذا الوسواس بعدة أمور:
- العلم الشرعي الذي به تعلم سعة رحمة الله تعالى، وتعلم كذلك خطوات الشيطان وطرق الوصول بها إلى العبد، والحمد الله قد يسر الفضاء الالكتروني الكتب والشروح، وهذا الموقع المبارك به عشرات الآلاف من المواد التي تفيدك.
- إهمال الوسواس هو الطريق الأسلم للمعالجة، احتقره أخي، لا تعره انتباهاً، وامض في طريقك ولا تلتفت إليه.
- الصحبة الصالحة معين لك على الطاعة، ومثبت لك على طريق الاستقامة.
- كثرة الدعاء لله عز وجل، فما خاب عبد احتمى بالله قط، ولا ندم عبد لجأ إلى الله عز وجل.
نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يثبتك على الحق المبين.