أمي تفضل إخوتي علي مما يجعلني عصبية وشديدة الغضب
2019-01-30 05:15:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا دائمة الغضب والعصبية، رغم أني في الوضع الطبيعي أكون هادئة جدا، ومن لا يعرفني جيدا يظنني كذلك أيضا، فصوتي منخفض ومشيتي هادئة، لكني أستفز بسهولة وخاصة من أمي.
نحن أربعة إخوة، وأمي تفضل اثنين منا، نحن دائما في خصام، وكلما أتذكر المواقف التي تفضل أختي وأخي علي أبكي وقلبي يعتصر من الألم، وينعكس ذلك في أسلوبي معها، علما أني أندم، ولا أعرف ماذا أفعل؟
صارحتها عدة مرات بما أحس ولكنها لم تقتنع بصحه كلامي، وتقول إني أتوهم، أصبحت أكره حياتي وأحس أني بهذه الشخصية سأخسر حياتي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الغضب طبيعة بشرية تجاه الضغوط والمشكلات المختلفة، بل ربما كان أمراً صحياً -أحياناً- للتخفيف والتفريغ من حدة هذه الضغوط على النفس، شريطة أن يكون بتعبير منطقي بعيدا عن التفسير والسلوك العدواني، فليحسن صاحبه إدارة انفعاله والتحكم به، حتى لا يصبح مدمرا لصحته النفسية كالتأثير على ضغط الدم والقلب، ولعلاقته مع الآخرين كما في وضعك -أختي العزيزة- مع والدتك -حفظها الله- حيث أدى الغضب إلى إخلالك بواجب بر الوالدين وربما صلة الرحم مع الأهل والأقارب، فالغضب عدو العقل والأخلاق وطريق الظلم والمعاصي ومن أسباب العداوات.
طريق العلاج منه أولاً مع والدتك بتذكر مكانتها ووجوب البر بها وحسن صحبتها ولو كانت مخطئة (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فعلى افتراض صحة ظنك بميل والدتك لبعض إخوانك فلا يخفاك أن الأم لا تتعمد ذلك، فيلزمك مراعاة رقة مشاعرها غير الإرادية فكثير ما يميل الإنسان بطبعه إلى الأصغر أو الأضعف أو المريض والأحوج أو الأحسن به براً وتعاملاً وخدمة ومن لا يعكر عليه باللوم والتوبيخ وكثرة العتاب والنقد، فاحذري ذلك -رعاك الله ووفقك- يقول الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً *** صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
والمهم أنه لا يترتب على ميلها ظلم لكم، فالأمر سهل، وقدري والدتك وتحلي بالتسامح والسماحة والبعد عن الإفراط في الغضب والعتاب، بل كم هو جميل أن تسعدي لسعادتها، ويمكنك منافسة إخوانك في التقرب والتحبب والتودد لديها بهدوء وحكمة ومودة ولطف.
ومن المقيد لك الالتزام بهذه النصائح:
- ركزي على التميز والتفوق فيما يعود عليك بالفائدة في دينك ودنياك في ذكر الله وطلب العلم والعمل الصالح والدراسة وتطوير مهاراتك العلمية والعملية.
- مما يسهم في إدارة الغضب أن يستحضر الإنسان مفاسده وآثاره السيئة وتجاربه السيئة مع الغضب في الحال والمآل في العاجل والآجل.
- عليك بلزوم ذكر الله تعالى والاستعاذة عند الغضب (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله).
- استحضار مكانة الآخرين وحرماتهم لا سيما الوالدين وقدرهم وحقوقهم.
-
استحضار ثواب الصبر والحلم والأخلاق والبر (لا تغضب ولك الجنة).
- السكوت وترك الجدال والخصومة، فقد وصف الله تعالى أهل الجنة بقوله عنهم: (والكاظمين الغيظ)، وصح في الحديث: (إذا غضب أحدكم فليسكت)، (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
- التأني والتمهل والتفهم قبل الحكم على الناس، والأمور (فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، وبعد الحكم عليها سلباً أو إيجاباً.
- استماع الآخر وقبول النقد والنصيحة ومراعاة الضعف البشري وإدراك أن الغضب لا يساعد على حل الأمور بل زيادة تعقيدها.
- الحرص على تحصيل الراحة والسعادة ما أمكن بالبعد عن أسباب الغضب من أشخاص أو ظروف وأحوال.
- الحذر من أسباب الغضب السيئة كالحسد وسوء الظن والإعجاب بالنفس والرأي وكثرة الجدال والخصومة.
- الاسترخاء والراحة والقراءة والنزهة مع الصحبة الصالحة والمداعبة والمزاح والابتسامة الطيبة والرياضة والزيارة.
ولا أجمل وأفضل من الدعاء أن يوفقك الله بحب والدتك ومحبتها وحفظ حقوقها والبعد عن عقوقها والإساءة إليها (ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرا).
والله الموفق.