كيف أتعالج من التوتر النفسي والرهاب؟
2019-12-08 04:14:24 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شاب عمري 24 سنة، أعاني منذ فترة البلوغ من توتر نفسي ورهاب، وهو وراثي، مما يسبب لي ضعف الشهية ونقص الوزن وضيق النفس وألم القلب وتحدق العينين، أستطيع أن أتعامل معه بعض الأحيان، ومن ينظر إلي يعلم بمعاناتي، لا أستطيع المشي في الطرق المكتظة بالناس، أنظر في جوالي حتى لا أركز على الطريق، ولا أستطيع دخول قاعة الدراسة وحدي؛ خشية من النظرات، أريد علاجا آمنا وفعالا في مدة قصيرة، علما أني أستطيع معالجة نفسي سلوكيا.
وجزيتم خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
فترة البلوغ بالفعل هي فترة قد يحدث فيها تقلُّب مزاجي وقلق وتوتر وعدم استقرار نفسي، وعدم تأكد من الذات، (مشاكل هوية، مشاكل انتماء، استبصار خاطئ حول المستقبل في كثير من الأحيان).
أنت الآن تعاني من القلق العام، تعاني من بعض المخاوف التي جعلتك لا تُحبّ الأماكن المكتظة، وأعتقد أن نظرتك حول ذاتك أيضًا فيها شيء من السلبية؛ لذا تتوجَّس من نظرات الآخرين وتتجنَّب أن تكون في موقفٍ تكون فيه مُلاحَظًا من قِبل الناس.
أيها الفاضل الكريم: يجب أن تُقيِّم نفسك تقييمًا صحيحًا، ولا تجحف في حقّ نفسك، ولا تُقلِّل من ذاتك، الإنسان يحتاج أن يتعامل مع عواطفه بصورة إيجابية، لذا أصبح الآن هنالك اهتمام كبير جدًّا بعلم الذكاء العاطفي، لأن الذكاء العاطفي يُعلِّمنا كيف نُقيِّمُ أنفسنا بصورة صحيحة، كيف نعرف عواطفنا، وكيف نتعامل معها بصورة إيجابية، حتى القلق يمكن أن نحوّله إلى طاقة إيجابية، حتى الغضب يمكن أن نتعلَّم كيف نتعامل معه إيجابيًا، وكما أوصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بصورة تربوية رائعة جدًّا: إذا غضب الإنسان يجب أن يُغيّر وضعه، أو يُغيّر مكانه، أو يتفل على يساره ثلاثًا، يستغفر، يتوضأ، هذه كلها أمور تربوية سلوكية يتعامل مع الإنسان مع غضبه بصورة إيجابية جدًّا حتى يتغلب عليه، وبتطبيق ما وصى به الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إدارة الغضب يتمكن الإنسان من السيطرة على نفسه، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
عمومًا الذي أودُّ أن أخلص إليه أريدك أن تقرأ في علم الذكاء الوجداني أو العاطفي، وأصل هذا العلم تجده في الدين، في الالتزام بما سَنَّ وأوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والأمر الآخر: لا تُقلِّل من شأن نفسك.
والأمر الثالث: عليك بالإكثار من التواصل الاجتماعي والحرص على أن تُلبّي كل الواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن المناسبات، (واجب زيارة المرضى، واجب صلة الرحم، واجب تلبية الدعوات) هذه مطلوبة ومهمَّة وضرورية.
الآن هنالك دراسات كثيرة تُشير أن الأنشطة الاجتماعية – مثل: ممارسة كرة القدم أو أي رياضية جماعية أخرى مع مجموعة من الأصدقاء – تعود على الإنسان بإذابة القلق وتفتيته وبتحويله إلى طاقة إيجابية وإنتاجية، يأتيك الشعور بالراحة، فانخرط في هذه الأنشطة، والرياضة مهمّة جدًّا للرقيّ بالإنسان وتثبيت صحته النفسية.
نظِّم نومك، واحرص على الصلاة في جماعة؛ لأن المسجد هو مكان الأمان والاطمئنان، ولا أحد من المصلِّين يستهدف شخصًا آخر بسوء، ولا ينظر إليه باستهزاء، فصلِّ مع الجماعة، وأنا أؤكد لك أن خشيتك من نظرات الآخرين سوف تتغيّر تمامًا.
برَّ الوالدين مطلبٌ عظيمٌ ومهمٌّ، وهو مفتاح من مفاتيح النجاح في الدنيا والآخرة -إن شاء الله-.
اجعل لحياتك هدفا بعد أن تُكمل الدراسة، وأنت الآن عمرك أربع وعشرين عامًا، ادخل في ميدان العمل بقوة وبمثابرة، وطور نفسك في مجال عملك أو تخصصك.
تحتاج لدواء بسيط، ومن أفضل الأدوية عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت)، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) ليلاً لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عنه، هو دواء سليم وفاعل وغير إدماني وغير تعودي، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.