أحب الانعزال عن الناس وأشعر بشعور غريب في رأسي.
2020-03-29 01:51:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
بدأت بالشعور وأنا في سن (13) عاما، شعور غريب وكأنني أتغير، تجاهلت الأمر في البداية، ومع مرور الوقت بدأ الشعور بالازدياد حتى سن (19).
الآن عمري (24) سنة، أشعر بشعور غريب في رأسي، ولا أستطيع التركيز، أشعر بأنني في حلم ولست في الواقع، أرى الأشياء بشكل غريب، ولا أستطيع الشعور بالسعادة أو بأي شعور آخر، فقط في الفراغ وأنني في طريقي إلى الجنون.
وفي بعض الأحيان أسرح في تفكيري وأنسى الواقع، وأشعر بأن هناك شيئا غريبا في رأسي ولكني لا أعرف ما هو، كأن هناك مادة تحيط بدماغي وتمنعه من العمل بشكل جيد، جربت تغيير روتيني فبدأت بممارسة الرياضة، والذهاب مع الأصدقاء، ولكن في اللحظة التي أخرح بها خارج المنزل أتمنى لو أرجع إليه.
الآن أنا منعزل، أحب البقاء لوحدي، ولا أحب الخروج، وأشعر أنني في طريقي للجنون.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مراحل الإنسان الحياتية متدرجة، وبعد فترة الطفولة المتأخرة وبداية سن اليفاعة – على وجه الخصوص – تبدأ تغيرات نفسية وفسيولوجية ووجدانية كثيرة جدًّا.
في هذه الفترة يكون الإنسان غير متأكد من ذاته، مشاكل متعلقة بالهوية، مشاكل متعلقة بالبناء النفسي، بقضية الانتماء، التردد ما بين الخطأ والصواب، كثير من الفكر الوسواسي، كثير من الفكر المتشتت المتداخل. هذه أمور تحدث في هذه المراحل الحياتية، لكن في بعض الناس تكون فترة قصيرة جدًّا وليست شديدة، في بعضهم قد تكون لفترة طويلة –أي تستمر هذه الظواهر – وتكون شديدة بعض الشيء، وأعتقد أن هذا هو الذي حدث لك.
هذا ليس دليلاً على اضطراب في عقلك، ولا خللا في شخصيتك، ولا حتى أنك مُصاب باكتئاب نفسي حقيقي، أعتقد أن هنالك شيء من عدم تأكد الذات، وشيء من اضطراب الأنية، وشيء من التغرُّب عن الذات، قلق، وتوترات، هذا هو الذي تعاني منه.
والإنسان يتكوّن أصلاً من أفكارٍ ومشاعر وسلوك – أي أفعال – ونحن نقول في مثل هذه الحالة: الإنسان يجب أن يتمسّك بالأفعال والإنجازات الجيدة. مهما كانت المشاعر ومهما كانت الأفكار أفكار سلبية التغيُّر يأتي من خلال الفعل.
فأنت الآن مطالب بأن تُرتِّب لنفسك برنامجًا يوميًّا تؤدي فيه كل واجباتك الاجتماعية، إن كنت في المرحلة الدراسية يجب أن تجتهد في ذلك، إذا كنت في العمل يجب أيضًا أن تنمّي طاقاتك ومقدراتك ومهاراتك، ودائمًا نحن نقول أن أفضل طريقة لإدراة الوقت هي أن يضع الإنسان برنامجًا يوميًّا يُحدِّد فيه الأشياء التي يجب أن يقوم بها، وليس من الضروري أن تكون كل المهام متعلِّقة بالعمل أو الأداء، لا، هنالك وقت للترفيه، ووقت للرياضة، ووقت للقراءة، ووقت للعبادة، ووقت للتواصل الاجتماعي، هذه كلها يجب أن تكون مضمَّنة في برنامج إدارة الوقت اليومي، فأرجو أن تتبع هذا المنهج، هذا منهج ممتاز.
إذا طبَّقت هذا المنهج بالصورة المعقولة والجيدة سوف يعود عليك بخير كثير، سوف تجد أن فكرك ابتدأ يكون أكثر إيجابية، مشاعرك أصبحت مُريحة، وإن شاء الله تنهض نحو المستقبل، هذه هي الطريقة الأساسية لأن تتغيّر، أن تبني فكرًا وشعورًا وأفعالاً جديدة.
وطبعًا الإنسان يجب أن يُحقّر ما هو سلبي وأن يُعزِّز ما هو إيجابي، هذا أيضًا على نطاق الفكر والشعور والفعل، هذا مبدأ سلوكي مهمٌّ جدًّا.
الرياضة، التواصل الاجتماعي، الحرص على العبادة في وقتها، وكذلك بر الوالدين، هذه كلها ترفع كثيرًا من شأن البناء النفسي.
هذا هو الذي أنصحك به، وأنا أيضًا أريد أن أنصح لك بدواء بسيط جدًّا، يُساعدك حقيقة في التركيز، ويزيل بإذن الله عنك القلق والتوتر، والدواء سليم، وسليم جدًّا، وإن شاء الله تعالى ليس له آثار سلبية.
الدواء يعرف علميًا باسم (فلوكستين) ويُسمى تجاريًا (بروزاك)، وربما تجده في فلسطين تحت مسمى تجاري آخر، ابدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك اجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله. الجرعة الكلية للدواء هي أربع كبسولات في اليوم، لكنك لست محتاجًا لهذه الجرعة أبدًا.
وهنالك أدوية أخرى مشابهة لهذا الدواء، لكن أعتقد أن هذا سيكون كافيًا، اصبر عليه وتناوله بانضباط، وطبِّق الإرشادات السلوكية والاجتماعية التي حدَّثتُك عنها، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بذلك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.