ما علاج وسواس النجاسة؟
2020-03-15 03:54:45 | إسلام ويب
السؤال:
أنا أعاني من الوساوس، ووالله قد تعبت جدا، وأحس بعذاب نفسي أرهقني، وخوف عظيم من الله.
أصبحت أغير ثيابي كثيرا بسبب الوسواس، وأغسل نصف جسدي دائما كذلك عند الدخول للمرحاض.
آخر شيء أرهقني هو أني أحسست بخروج البول -الأمر صحيح- وعندما دخلت المرحاض لتغيير السروال الداخلي فقط رأيت أن قميصي الداخلي كان نوعا ما داخل السروال الداخلي، الجهة العلوية فقط -أي أنه بعيد نوعا ما عن الدبر- ولكن سروالي الداخلي لم يكن يمسك بجسدي جيداً، أي أنه يتحرك، وهذا ما جعلني أشك في طهارة قميصي الداخلي، وقلت أنه لو السروال الداخلي قد تحرك فإنه سيكون قميصي الداخلي نجسا.
بالأول أخذت قاعدة (أن الشك لا يقطع اليقين)، ولكن لم أستطع! وأحسست بعذاب نفسي، رغم أني قرأت الكثير، وقلت مادام كان هناك بول وسروالي الداخلي يتحرك، وقميصي دخل فقد يكون الأمر قد حدث فعلا.
لم أغير ثيابي؛ لأني قد تعبت فعلا، ولكني أحس بعذاب وخوف كبير، حتى أن شهيتي انغلقت!
كل مرة يحدث شيء يفسد سلامي الداخلي، ويفسد علي يومي ويجعلني أتعذب، كل مرة! فما حكمي؟ أرجوكم!
وأرجو ألا تعطوني فتوى أخرى، أعرف أن هذا متعب لكم، ولكني أريد إجابة شافية، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Imene حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك -أختي العزيزة-، وأهلاً وسهلا بك في الموقع، وأسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويشرح للطاعة والدعاء صدرك وقلبك، ويعافيك من كل سوء ومكروه.
أما بصدد ما ابتليت به من وسواس في النجاسة فلا يخفاك أن هذا نوع من الابتلاء الذي يحصل لكثير من الناس وأهل الورع والنساء خاصة؛ لما يكون فيهن من ضعف في العزيمة ومن الخوف أحيانا.
ولا شك أن الحل يتلخص في ما دلنا عليه الشرع الحنيف من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كلما اعترضتك هذي الوساوس الشيطانية، قال تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة الأعراف.
كما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك بقول: (آمنت بالله ورسوله).
كما أمر الشرع بالتجاهل وعدم الالتفات لهذه الوساوس؛ كونها مخالفة للشرع والحس والعقل والواقع، إذ مقتضى العلم والفقه عدم الاعتبار بها؛ كونها مجرد أوهام مخالفة للشرع والفقه والأحكام، وقد تقرر -كما تعلمين- في القواعد الفقهية أن (اليقين لا يزول بالشك)، قال تعالى: (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) سورة النجم، مما يستلزم عدم جواز اعتبار الشك الطارئ بعد الطهارة وعند كثرة الوساوس والبقاء على أصل الطهارة، فتكرار الطهارة وما ذكرت من فروع هذه الوساوس والتي لن تتوقف عند حد أبدا، بل ستتوسع حتى تنفرك من الصلاة ولذة الطاعة والإيمان بل وربما أكثر، فهي عندئذ طاعة للشيطان لا لله تعالى، فيلزمك شرعا وعقلا الإصرار والحزم والعزم والتصميم على التجاهل والتغافل والإعراض عن هذه الوساوس الشيطانية، وصدق الله القائل: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
كما أوصيك بتعميق الإيمان، وطلب العلم وسؤال أهل العلم، واستثمار الوقت والفراغ فيها يعود عليك بالفائدة، وذلك بالحرص على حضور واستماع الخُطب والدروس والمحاضرات والبرامج المفيدة والتركيز على حياتك بإيجابية.
ومن المهم أيضا التخفيف عن الضغوط النفسية بالترويح عن النفس بالنزهة والرياضة وزيارة الأهل والصديقات ونحو ذلك.
كما وأوصيك بضرورة لزوم الذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والصحبة الطيبة.
ومن المهم أيضا مراجعة الطبيبة النفسية المختصة لتعاطي العلاج الدوائي والسلوكي، وفي الحديث: (تداووا عباد الله؛ فإن الله ما أنزل داء إلا جعل له دواء).
احذري المبالغة والإفراط في الشعور بالقلق الزائد، واستعيني بالله تعالى وتوكلي عليه وثقي بسعة رحمته وعفوه وصفحه عن الخطأ والوساوس الشيطانية القهرية غير المتعمدة وغير المقصود، قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) سورة البقرة.
أؤكد عليك بضرورة اللجوء إلى الله بالدعاء، والعزم على التجاهل، وزيارة الطبيبة النفسية، وحسن الظن بالله تعالى، والثقة به وبعفوه عن الخطأ والمرض.
أسأل الله لك العفو والعافية والسعادة في الدنيا والآخرة.