كيف أتخلص من عدة النقص وأعيش حياة طبيعية؟

2020-04-22 03:35:35 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

أنا مولود بإعاقة، واستحقار بعض الناس على شكلي، فتربيت على عقدة النقص، وأن جميع الناس أحسن مني، وأذكى مني، فكيف أتخلص من ذلك وأرفع من مستوى الذكاء؟


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
إن خلق الله كله حسن، وما يحصل لبعض الناس من الولادة بشيء من الإعاقة أو التشوه الخِلْقِي إنما يكون لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه، وذلك وفق قضاء الله وقدره، وهنا يجب على أبوي ذلك المولود أن يرضيا بقضاء الله وقدره وأن يحمداه على ما وهب، ولا يحل لهما أن يتضجرا بحال من الأحوال؛ لأن ذلك اعتراض على قدر الله سبحانه، فالله سبحانه يبتلي من يشاء بما يشاء، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.

يجب على بقية الناس أن الذين لم يحصل لهم ما حصل لوالدي المعاق أن يحمدوا الله سبحانه وتعالى أن خلقهم وأبناءهم أسوياء، وألا يتشفوا أو يحتقروا تلك الأسرة التي ابتلاها الله، بل عليهم أن يصبروها ويؤنسوها ويهدئوا من روعها، كما يجب عليهم أن يتعاملوا مع ذلك المولود برحمة وألا يشعروه باحتقارهم أو بنظراتهم التي تدل على الانتقاص منه؛ لأن ذلك يؤلم ذلك المخلوق، وفيه نقد خفي للخالق سبحانه، كما قال بعضهم حين رأى شخصا يحتقر مخلوقا: (أتعيب المخلوق أم الخالق؟).

عليك أيها الأخ الكريم: أن تكون مؤمنا بقضاء الله وقدره وألا تحتقر نفسك، واعلم أن الله ما سلب عبدا شيئا إلا عوضه بغيره، فكم من أعمى العينين يبصر وقلبه حي، وكم من مشلول وعقله مبدع، وكم من أعرج ولكنه فاعل في مجتمعه وهكذا.

أنا على يقين أن عندك من الصفات ما ليست عند كثير من الأسوياء، فعليك ألا تنظر إليهم وألا تهتم بنظراتهم، وعليك أن تستنهض ما أودع الله فيك من الصفات الإيجابية فتبرزها وتعملها في الواقع كي تكون مؤثرا في مجتمعك، ولتسبق أولئك الذين ينظرون إليك بنظرة دونية.

لو نظرت -أيها الأخ الكريم- إلى بعض العمي كيف حولهم أولياؤهم إلى متسولين في الشوارع، بينما في الجانب المشرق من العمي رأينا المذيع، ومقدم البرامج التلفزيونية، ورأينا إمام الجامع الحافظ للقرآن صاحب الصوت الندي الشجي المؤثر، ورأينا المنشد المبدع ...إلخ فهل يا ترى عرفت الفرق بين هذين الصنفين؟

لا تجعل الإعاقة التي ابتليت بها تعيقك عن الإبداع في حياتك، وأنا على يقين أن إبداعك سيخرس تلك الألسن التي تتكلم فيك وسيجعل رؤوسهم تتنكس عند رؤيتك خجلا وحياء.

ما أنصحك به أيها المبارك ألا تعينهم على سخريتهم بتكاسلك عن العمل والإبداع والتأثير في مجتمعك، لتكن صاحب مبادرات مجتمعية تنفع نفسك وتنفع غيرك، فخير الناس أنفعهم للناس كما ورد في الحديث.

أنت لست ناقصا أبدا فدع هذه الرسالة السلبية جانبا؛ لأنها هي التي أعاقتك وجعلتك تشعر بالنقص، إن الرسائل السلبية التي يرسلها الإنسان لنفسه تذهب مباشرة إلى عقله وعقله يتفاعل معها ثم يرسل أوامره لبقية الأعضاء من أجل التفاعل معها، فلو أن الشخص يتمارض بشكل مستمر ويئن ويشكو من آلام وهي في الحقيقة ليست موجودة فيه ستجده بعد فترة علة فراش المرض والسبب هو تلك السائل السلبية التي كان يرسلها لنفسه، ولذلك ورد في الأثر: (لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا) وركز على كلمة تتمارضوا.

أود أن أنبهك إلى أن من أبرز علماء النحو والعربية والتفسير رجلا كان أعرج وكان بعضهم يتندر بعرجته أتدري من هو؟ إنه العلامة محمود بن جار الله الزمخشري وإن كان العلماء قد انتقدوا عقيدته، لكن الشاهد هو أنه لم يجعل الإعاقة تعيقه عن الإبداع، ولم يعر كلام الناس أي اهتمام.

يجب أن تمحو هذه الرسالة السلبية من ذهنك وتستبدلها برسالة إيجابية وستجد نفسك بعد أيام لا تشعر بتلك العقدة بإذن الله تعالى.

كن صاحب همة عالية وطموح غير متناه، فالإبداع يتولد من رحم المعاناة، ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة، ولو نظرت إلى أكثر المخترعين في العالم لوجدت أنهم عانوا وكابدوا في حياتهم لكنهم في الأخير نجحوا بسبب إصرارهم على تحقيق هدفهم.

عليك أن تنظر في الميول الذي تميل إليه فتكرس جهدك فيه، وبهذه الطريقة ستحقق هدفك: لأن كل إنسان ميسر لما خلق له.

أخي الكريم: نسعد بتواصلك، وأرجو الله أن ينفعك بهذه الموجهات، وأسأل الله تعالى أن يسمعنا عنك خيرا.
------------------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ عقيل المقطري................ مستشار العلاقات الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د/ محمد عبد العليم..............استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
---------------------------------------------------------------------------------------
أخي لديك استشارات سابقة كثيرة ونحن نرحب بك، وأنت في استشارة سابقة الاستشارة التي رقمها 2412594 ذكرت أنه لديك أعراض الفصام، وقمنا بالإجابة عليك، والفصام ليس بالمرض الهين، لا أدري فعلا إن كنت تعاني منه أم لا حسب ما ورد في تلك الاستشارة.

عموماً استشاراتك كثيرة وهي مقدرة حقيقة، نحن نرحب بك في الشبكة الإسلامية، والآن أنت تسأل سؤال تقول أنك مولود بإعاقة واستحقار بعض الناس، يا أخي من يستحقرك لا بد أن يكون لديه نقص في نفسه، الأفاضل والصالحون من الناس على العكس تماماً تجدهم يقدرون من ولدوا بأي شيء من الإعاقة أو النقص التكويني أو الذهني، فمن يستحقرونك لا أقول لك استحقرهم، لكن لا تعطيهم اعتبارا، وتأكد أن كثيرا من الناس يقدرونك جداً، ويقدرون أفعالك وأعمالك خاصة إذا كانت أعمال إيجابية، وأنا أعرف المجتمع السوداني تماماً يقدر الناس، يقدر أصحاب الإعاقات ويقدر أصحاب الاحتياجات الخاصة، بل بعض الناس يتفاءلون بهم.

فيا أخي الكريم: مفهومك هذا مع احترامي الشديد لك، يجب أن لا تجعله فكراً تتصرف من خلاله، لا أعتقد أن هذا الأمر صحيح، يجب أن تصحح مفاهيمك، يجب أن تكون أكثر ثقتك في نفسك، والذكاء يا أخي الكريم يتطور من خلال التواصل الاجتماعي، القيام بالواجبات الاجتماعية، الحرص على الصلوات في وقتها، تلاوة القرآن، القراءة، الاطلاع، أن تكون مفيداً للناس ولنفسك مهما كانت درجة إعاقتك، هذه هي الطرق التي ترفع مستوى الذكاء ومستوى المعرفة، فيا أخي الكريم غير مفاهيمك عن نفسك، ولا أريدك أبداً أن تضع في وجدانك هذه المسميات كعقدة النقص أو الشعور بالدونية لا أبداً، أنت قد يكون فيك كثير من المهارات التي يفتقدها الكثير من الناس، لا تقلل من شأنك، وأنا أؤكد لك أن المتوازنين من الناس والصالحين من الناس يقيمونك تقيماً ممتازاً، ولا تستمع، ولا تلتفت، ولا تهتم بتقييم الجهلاء من الناس، ولا تكن معهم أبداً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وأرحب بك في الشبكة الإسلامية.

www.islamweb.net