سفر زوجي يربك حياتي، فهل ألتحق به أم أنفصل عنه؟
2020-06-22 03:51:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
كنت قد طرحت عليكم مشكلتي من قبل، تزوجت بفضل الله لكن لم يقدر الله لي السفر مع زوجي لعدم صدور الفيزا، وبقيت عند أهلي منذ زواجنا في يوليو الماضي، منذ ذلك الوقت وأنا أفقد الاستقرار ولا أشعر بأني متزوجة، وأهلي يلومونني من وقت لآخر بكلام يتعب نفسيتي جداً.
أعطيت مهلة لزوجي لآخر هذه السنة بالعودة، تكمن المشكلة عند عودته أننا سنسكن في بيته الذي لم أرضه، علماً بأنه غير مكتمل إلى الآن، لأني لا أريد العيش في تلك المنطقة، لسوء أقاربه وسوء عشرتهم، حيث أنهم يتحدثون بأعراض الناس ويؤلفون الأحاديث الكاذبة عنهم، وهم يسكنون بجوار بيته، تحدثت إليه بأن نستأجر في مكان آخر ونبيع البيت، تارة يوافق وتارة يقول لي: ليس بمقدرتي الآن أن أعيش في مكان آخر، مع أنه يعرف رأيي في هذاالموضوع منذ البداية، وأهلي أيضا لا يريدون لي السكن هناك، ولا يريدون زيارتي إن سكنت هناك.
تعبت كثيراً لدرجة التفكير بالانفصال، تارةً أفكر بأن يبقى في غربته ويحاول لعل الله ييسر لي أمور الفيزا، وتارةً أتعب جداً من بعده عني، أشعر بأني مشوشة جداً، لا أعرف ماذا أفعل، أريد حياة هادئة بعيدة عن المشاكل وبعيدة عن أقاربه ومشاكلهم وتصرفاتهم، انصحوني ماذا أفعل؟ وكيف أصبر علىى قلة رزق زوجي إلى أن يكمل بيته ونستطيع الاستقرار؟ أحياناً أشعر بالاكتئاب الشديد لدرجة أني لا أطيق محادثة أحد حتى زوجي، وتحدث بيننا مشاكل بسبب البعد والوضع الذي نعيشه وعدم الاستقرار والبيت.
أرجو منكم المشورة والنصح، وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يجمع بينك وبين زوجك على الخير، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم السعادة والآمال.
لا شك أن الأزمات التي اجتاحت الدنيا لها تأثير كبير على مسألة السفر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك وأن يُعين زوجك على الصبر، وأرجو أن تتذكري أن علاقتك الأصلية بزوجك وليس بأهلك، ومن المفيد ومن المهم لكما إبعاد رأي الأهل من الطرفين، والحرص على مصلحتك ومصلحة زوجك.
واعلمي أن الحياة الزوجية مشوارها طويل، وأنها تحتاج إلى تضحيات مشتركة، تضحيات من الزوج في بُعده وتعبه وسفره، وتضحيات منك بالصبر، وإذا كان الحب حاصلاً بين الزوجين فإن هذه التضحيات تسهل.
ولذلك أرجو أن تتجنبي التفكير في المفارقة، وتجنبي التفكير في إبداء الرأي في عدم الرغبة في السكنى بجوار أهله، ولكن اطرحي هذا بينك وبين زوجك على أنه من الخيارات، ونتمنَّى ألَّا يُخبر أهله بأنك لا ترغبين في أن تكوني إلى جوارهم، فإن هذا ممَّا يزيد النار اشتعالاً، ولا يخفى عليك أن الإنسان لا يقبل الإساءة لأهله حتى ولو كان أهل سوء، ومن أجل عين تُكرم ألف عين – كما يُقال في المثل المصري –.
فلذلك أرجو ألَّا تكون هذه النقطة محل ومسار خلاف، والحياة تحتاج إلى تضحيات، والإنسان يستطيع أن يعيش حتى ولو قصّر الآخرين، عليه أن يلتزم بقواعد وآداب هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وزوجك أعرف الناس بأهله، والصبر عليهم لون من حسن المعاملة المعاشرة بالنسبة له.
نحن نتمنّى لك الخيارات الأفضل، لكن نعتقد أن الأمور قد لا تكون بيد الزوج وحده، وقد تتكلم الأمور المادية ولها دخل في مثل هذه الأمور. وإذا كان صعبًا عليك أن تسكني مع أهله فإنه من الصعوبة عليه أيضًا أن يبتعد عن أهله، ولذلك أرجو أن تكون هذه الأمور تُناقش بمنتهى الهدوء، ليس على أنها أمور نهائية، لكن على أنها أمور قابلة للأخذ والرد.
والإنسان يستطيع أن يحمي نفسه مهما كانت حالة الناس، عندما يلتزم بآداب الدين؛ فيُمسك لسانه، ويحاول ألَّا يردَّ السوء بمثله، والناجحة مثلك تستطيع أن تنجح مع أهل زوجها مهما كانوا، لأنها تهتم أن تكسب زوجها، والزوج عليه أن يتفهم ظروف الزوجة ومعاناتها مع أهله، ثم يُوفر لها الدعم المعنوي والتشجيع، ويُقدّر صبرها، وبهذا تمضي الحياة.
فزوجك يحتاج منك إلى أن تتجلّدي وتصبري معه، وأنت بحاجة إلى أن تجدي منه الدعم المعنوي والاجتهاد بقدر المستطاع – أكرر: بقدر المستطاع – في تهيئة أفضل الأوضاع التي ينبغي أن تسعدي فيها، ونسأل الله تبارك وتعالى أولاً أن يرفع الغمّة عن الأُمّة، وأن يجمع بينك وبين زوجك على الخير، ولا شك أن خيار السفر إليه في هذه المرحلة هو أفضل الخيارات، لأن هذا يُتيح لكما الفرصة لتكونا مع بعض، ويتيح لكما الفرصة لأن تتأقلما، وتتيح لكما الفرصة لأن ترتّبا حياتكما المستقبلية وأنتما بعيدين عن أي مؤثرات من هنا أو هناك.
هذه وصيتنا لكم بتقوى الله تبارك وتعالى، ونوصيك بعدم إظهار المشاعر السالبة أو التفكير بطريقة سلبية، أو التفكير في الانفصال؛ لأن الأسباب المذكورة ليست كافية للانفصال، فهذه علاقة زوجية وما بينك وبين الزوج أقوى من كل علاقة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ييسّر أمركما، وأن يُلهمكما السداد والرشاد، ونكرر الترحيب بك في موقعك.