أريد أن أتزوج بفتاة كتابية، ما هي نصيحتكم لي؟

2020-07-08 03:31:54 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت قد استشرتكم عدة مرات قبل الآن، وكانت نصائحكم من أفضل النصائح، حيث أني استطعت -والحمد لله - أن أعيد حياتي إلى مجراها السابق، وها أنا ذا مجدداً أحتاج إلى نصيحتكم في أمر آخر فأود المشورة، وجزاكم الله خيراً.

أنا طالب أدرس في المستشفى الجامعي في إحدى المدن الألمانية، أنا بعمر ٢٣ عاماً، الحقيقة هي أنه ما يقارب 60% من طلاب المستشفى الجامعي فتيات، لذلك عزمت على الزواج كي أحصن نفسي من الوقوع في الخطأ.

يوجد معنا في الفصل فتاة أحببتها من كل قلبي، وأرجو من الله أن يجمعني وإياها بالحلال، حتى الآن لم أكلمها وحتى إنها أحياناً تظهر أمامي فجأة ولكن والله أغلب الأحيان أقوم بغض بصري وأدعو الله دائماً أن يغض لي بصري عن المحرمات.

الفتاة طبعاً كتابية وليست مسلمة، لكنني لا أستطيع إخراجها من عقلي أبداً، لذلك وددت أن أستشيركم فما خاب من استخار ولا ندم من استشار.

هل يجوز لي أن أدعو الله تعالى أن يجعلها زوجة لي؟ فكم أرجو من الله أن يجعلها زوجة لي وأن أقنعها بالدخول في الإسلام، وكيف أستطيع أن أقي نفسي فتنة النساء حتى أجد الزوجة المناسبة؟

الزواج من مسلمة حالياً صعب جداً في أوروبا، حيث أن معظم الآباء المسلمين يستغلون الشباب أثناء تزويج بناتهم بحيث أنهم يطلبون مبالغ طائلة من أجل مهر البنت، وقد حدث مراراً وتكراراً أن يتم الزواج وتبقى الزوجة مع الزوج شهرين أو أحياناً أقل فتقوم بعد ذلك برفع دعوى طلاق على الرجل، فتطلقه وتأخذ المهر المؤخر وتذهب، وكأن شيئاً لم يكن!

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الكريم- ورداً على استشارتك أقول:
قبل الدخول في الإجابة على استشارتك أود أن أذكرك بضرورة المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، فإن من ثمار أداء الصلاة أنها تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ).

أوصيك بتقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فإن قوة الإيمان توجد في النفس حاجزا تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي، كما أنه بالإيمان والعمل الصالح تستجلب الحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أفضل ما يقيك عن النساء والوقوع في الحرام بعد الإيمان ومراقبة الله تعالى غض البصر الذي أمر به الله بقوله: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ لِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) وأمر به نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك).

خطر إطلاق النظر عظيم فهو سهم من سهام إبليس يصل إلى قلب من أطلق العنان لنظره، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته).

من فوائد غض البصر أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي.

أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية في بلاد الغرب أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراض النفسية، كما أنه يفضي إلى مشاكل صحية عديدة، منها إصابة جهازه التناسلي بأمراض وخيمة، مثل: احتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي، والسبب في ذلك انعدام القيم التي تنظم عمل حاسة البصر.

لذلك أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته بغض أبصارنا تجنبا لهذه العواقب الوخيمة.

لا أنصح أن تقدم على الزواج من كتابية، لأن الزواج من الكتابيات إنما أباحته الشريعة لمن لم يستطع الزواج من المسلمة وما تعللت به (من أن الزواج من مسلمة فيه صعوبة لأن بعض الآباء يستغلون الشباب ويطلبون مبالغ كبيرة ثم بعد شهرين يرفعون قضية طلاق ثم تأخذ المهر والمؤخر وتمضي) فهذا لا يمكن أن يكون كل الآباء هكذا، لأنه ما من أب إلا ويريد لابنته الاستقرار، وأن تكون سعيدة مع زوجها وأبنائها.

غالباً ما تنفر غير المسلمة من زوجها لما بينهما من تفاوت القيم، وربما خلفت منه أبناء ثم إن تطلقت أخذت الأبناء، ولعلك تدرك أن القوانين الغربية تقف مع المرأة في كثير من الأمور التي نحن نعدها في شريعتنا مخالفة للدين، وكثير ممن تزوج بكتابيات ندم أشد الندم أنه تسرع في ذلك وتمنى لو أنه صبر عشر سنين ولم يتزوج بكتابية.

هذه الكتابية قد لا تتقبل الدخول في الإسلام فأنت ستكون مجازفاً إن تزوجت بها حالياً، فأنصحك أن تعرض عليها الإسلام لا لغرض الزواج بها وإنما لإنقاذها من النار، ثم إن أسلمت ورأيت استقامتها على الدين وحبها وحرصها على تطبيق تعاليم الدين فلا بأس أن تتزوج بها.

الزواج مشروع العمر، وليس مشروعاً مؤقتاً، لذلك أنصحك أن تفكر بالعقل لا بالعاطفة، كما أنصحك أن تتأنى ولا تتعجل، فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان، كما صح في الحديث الشريف.

صل صلاة الاستخارة وادع بالدعاء المأثور قبل أن تقدم على الخطبة، فإنك إن أوكلت أمرك لله يختار لك ما يشاء فإنه لن يخيب ظنك، لأن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

الزواج لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك، ومن كانت من نصيبك ورزقك فلن تفوتك أبداً، بل سيهيئ الله لك سبل الزواج بها.

أكثر من صوم النوافل فإنه من أفضل ما يضعف الشهوة، كما ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَن استطاعَ مِنكُمُ الباءةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ).

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد لله، وسل ربك أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك في هذه الحياة وأن يعينك ويوفقك لغض بصرك، وأكثر من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

www.islamweb.net