لا أستطيع ترك من أحببت رغم التوبة والندم فماذا أفعل؟
2020-07-19 03:09:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابة، عمري 21 عاما، محافظة على صلواتي -والحمد لله-، وأحب قراءة القرآن، وأشعر بالراحة عندما أكون قريبة من لله، أحب الله وأكره أن أعصيه جدا، أحيانا يلعب الشيطان بعقلي وأذنب وأستغفر ربي وأبكي على معصيتي، وأخاف أن أدخل النار بسبب معصية أنا لا أطيقها ولكن تقع بالرغم مني.
في بداية دخولي الجامعة تعرفت على شاب معي في نفس التخصص، في البداية تودد إلي ووعدني أن أكون شريكة حياته، وبفطرتي تعلقت به جدا، لكن للأسف مع مرور الوقت اكتشفت أن أخلاقه سيئة
ويطلب مني فعل أشياء لا أريدها، وكنت أصده وأعصم نفسي ولا أسمح له بالتقرب مني، لكن بسبب حبي له أسامحه دائما ولا أستطيع أن أبعده عني، في حين أني أعرف أنه لا يصلح كزوج ولا مستقبل لي معه.
أحيانا أتركه وأرجع إلى الله قرابة الثلاثة أشهر ويبعد عني كأنه شخص غريب، ثم يأتي لي مرة أخرى فأسامحه، ولا أستطيع التخلص منه، كنت أبكي لله دائما أن يبعده عني لأني أعلم أن لا خير فيه وأقمت الليل مرات كثيرة لأجل أن يسامحني ربي ويرزقني بالزوج الصالح، وأكرس الليل في رمضان بنية أن أصلح نفسي وما اقترفته من ذنوب مع ذلك الشخص، ولكن يأخذ زمنا ويأتي إلي مرة أخرى بحجة أنه يحبني ويقول لي الكلام الفاحش الذي لا أرتضيه، لا أستطيع التخلي عنه لا أدري ماذا أفعل؟!
أخاف دوما أن أدخل النار بسببه، وأن يعاقبني ربي في دنياي، في حين أني أتوب مرات عديدة وأعزم أن لا أعود إليه ولا أسمح له بأن يسمم أفكاري مرة أخرى، وأخاف أن لا يرزقني ربي زوجا صالحا بسبب معصيتي ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب عليك لتتوبي، وأن يُبعد عنك الشر وأهله، وأن ييسر لك الحلال، وأن يُحقق لك في طاعته السعادة والآمال.
أسعدنا جدًّا هذا الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، هذا التأثُّر بالمعاصي، وحقيقة الإنسان ما ينبغي أن ينظر إلى صغر الخطيئة ولكن ينظر إلى عظمة العظيم الذي يعصيه، وانتبهي لنفسك، واعلمي أن الفتاة كالثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، فلا تُجاملي في أمر هذه العلاقة، مع شاب أنت وصلتِ إلى قناعة أنه لا يصلح معك، وحتى لو كان يصلح فعليه أن يأتي البيوت من أبوابها، ويؤسِّس علاقة شرعية صحيحة.
وما يحصل من علاقات بين الشباب والفتيات هو خصمٌ على سعادتهم الأسرية المستقبلية في كل الأحوال، والأخطر من ذلك أنه معصية لربِّ البريّة.
جميلٌ أن تتوبي وتستغفري، ولكن الخوف من تكرار المعصية، الخوف من أن يُسدَّ هذا الباب ويغفل عنه الإنسان، لأن الإنسان ما ينبغي أن يتوب توبة الكذَّابين، وهي أن يتوب باللسان ويظلّ القلب متعلِّقٌ بالمعصية وتشوّقٌ لأيامها، ومحتفظٌ بذكرياتها. فلا بد من إيصاد هذا الباب فورًا، وإذا كان هذا الشاب فيه خير وفيه صدق فعليه أولاً أن يتوب أيضًا، ثم يُعدّل حاله، ثم يُقبل على الله تبارك وتعالى، ثم يأتي لدارك من الباب ويقابل أهلك الأحباب، ويطلبك بطريقة رسميّة، وبعد ذلك سيكون أيضًا القرار لك، إذا أردتِّ أن تُكملي معه المشوار على هدي الشريعة وأنوار هذا الدين العظيم؛ فبها ونعمت، وإلَّا فإن هذا الباب ينبغي أن يُؤصد الآن أولاً، وينبغي أن تقطعي العلاقة مع هذا الشاب ومع غيره، واعلمي أن هذا الذي يحدث فيه خطورة، لأن الاعتذارات المتكررة لا تُوصد الباب في وجه خطأ جديد، كما أن الذي يستغفر ويتوب ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود يكونُ على خطر، لأنه لا يدري متى يأتيه الأجل، ولأنه ربما يُسدّ عليه باب التوبة من وراء هذا الاستهتار والعودة لمعصية أنت أعلم أنها معصية.
نكرر لك الدعوة إلى التوبة النصوح، ونحيي روح الخير التي عندك، ونسأل الله أن يُعينك على قهر الشيطان، ولن تفعلي ولن تنجحي في ذلك إلَّا بطاعة الرحمن الذي أخبرنا أن الشيطان عدوٌّ لنا، {إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدوًّا}، وترك هذا الباب مفتوحًا وقبول الرجوع إليه حتى لو كانت هناك أشهر أو سنوات؛ كلُّ ذلك لا يُقبل من الناحية الشرعية، وكلُّ ذلك ليس في مصلحتك كفتاة تائبة إلى الله تبارك وتعالى.
فحكّمي دينك واحتكمي لعقلك لا إلى العاطفة، واعلمي أن مثل هذا الشاب الذي يُصِرُّ على المعصية ويقول هذا الكلام الذي لا يُرضي الله في مثل هذه المراحل لا يَصْلُح؛ حتى يتوب ويعود ثم يسلك السبل الصحيحة للوصول لأي فتاة شريفة مثلك، ونحن نتمنّى أيضًا أن تبتعدي عن أماكن وجوده، تتخلصي من كل ما يُذكّرك به، تجتهدي في أن تحافظي على سترك وحجابك ليكون حجابًا كاملاً، فإن طاعتك لله يُبعدك عنك أمثال هؤلاء، والله ما شرع الحجاب الكامل للمرأة إلَّا ليحفظ هيبتها، {ذلك أدنى أن يُعرفن}، لأنهنَّ العفيفات، ولأنهنَّ الطاهرات {فلا يُؤْذَين}. فأغلقي هذا الباب وإلى الأبد.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يتوب علينا وعليك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادر عليه.