أبي لا يساعدني في الزواج، فما العمل؟
2020-09-08 03:04:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري 30 سنة، موظف حكومي، مشكلتي كبيرة، لكني سأختصر لكي تفهموني، وأتمنى أن تقرؤا كل كلامي، وسأتكلم بالمفيد فقط.
أمي متوفية منذ 14 سنة، وبعد وفاتها تركت البيت وذهبت لأعيش في بغداد، وأبي يعيش في محافظة أخرى أنا لا أطيق العيش فيها بسبب مجتمعها الفاسد والجاهل، وكثير من الأمور مثل المشاكل والنزاعات العشائرية والقتل لأبسط الأمور.
وبعد 12 سنة فكرت بأن أتزوج وأسكن عند أبي في البيت لأساعده فهو كبير السن، لكنه عصبي جدا، ولا يتفاهم بالحديث، كلما تحدثنا في موضوع يتعصب ويكسر الأشياء ويلومنا في مسألة بيع البيت القديم وشراء الجديد، ويشتكي أننا عبء عليه، علما أنه لم يفعل شيئا لنا، ويرفض زواجي ويهدد بحرق البيت.
الآن نقلت دوامي من بغداد إلى المدينة التي يعيش فيها، وأرغب في الزواج، وهو لديه المال، لكنه لا يساعدني، ويقول هناك من بلغ 40 سنة ولم يتزوج، ويريدني أن أصبر، فماذا أفعل؟ هل أتركه وأعود إلى بغدادا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سجاد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – أيها الابن الفاضل والأخ الكريم – في موقعك، ونسأل الله أن يرحم والدتك، وأن يُعينك على بر والدك، واعلم أن من البر الصبر على هذا الذي يحدث، ونسأل الله أن يهدي والدك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.
نحن سعداء بفكرة السؤال التي تدلُّ على حرصٍ على الخير، وحرصٍ على معرفة الحكم الشرعي في هذه المسألة، ولا يخفى على أمثالك من الفضلاء ما لبرِّ الوالدين من المنازل الرفيعة في هذه الشريعة، وبِرُّك للوالدة لم ينقطع بموتها، فأكثر لها من الدعاء، أمَّا الوالد فمن البر له أن تكون حريصًا على مصلحته، وحريصًا على رضاه.
ولستُ أدري ما هو رأيه: هل هو مُصِرٌّ على أن تكون معه؟ هل له أبناء آخرون – يعني هل لك إخوة وأخوات – يمكن أن يقوموا بخدمة الوالد أم أنت الابن الوحيد؟ وهل يحتاج إليك؟ وهو مسرور بوجودك معه؟ وهل وجودك معه فيه مصلحة؟ هي أمور كثيرة ينبغي أن تُقدّرها وتنظر إليها نظرة شاملة وكاملة.
وعصبية الوالد قطعًا من الأمور التي تحتاج معها إلى صبر، ولكنّك أعرف الناس بالأمور التي تجعله يغضب، فأرجو أن تتفادى الأمور التي تُغضبه.
وأيضًا إذا كنت بحاجة إلى الزواج فهذا مطلب شرعي، عليك أن تُحسن عرض الفكرة عليه، واطلب منه المساعدة في اختيار الفتاة المناسبة، أنت طبعًا صاحب القرار، لكن وجود فتاة يرضاها والدك، وهي من أسرة يقبل بها، وأنت أيضًا تجد فيه الشروط الشرعية؛ هذا ممَّا يُعينك ويُعينها على الصبر على هذا الوالد، فنحن لا نشجّع فكرة ترك الوالد في آخر عمره إذا كنت أنت الوحيد، وإذا كان هو بحاجة إليك.
لذلك أتمنّى أن تجتهد وأن تجد من الأعمام والفضلاء والعلماء من يستطيع أن يُقنع الوالد ليكون عونًا لك على الحلال. وإذا تيسّر الأمر بهذه الطريقة فهذا هو الأصل؛ من أجل أن تقوم بكافة الحقوق تجاه والدك وتجاه الزوجة التي ستأتي إلى البيت ولها حقوق، وهي أيضًا ينبغي أن تتهيأ لهذه الأدوار وتعلم ضرورة الصبر على الوالد والاحتمال منه.
أمَّا إذا سُدَّت في وجهك الأبواب ولم يكن عند الوالد من أن تعود إلى بغداد أو تعود إلى مكان آخر لتُؤسس أسرة، وتكمل نصف الدين؛ فأرجو ألَّا يكون حرجًا في ذلك، ولكن التفاهم مع الوالد حول هذه المسألة أمر أساسي، ونسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يعينك على الصبر على هذا الوالد، وأن يلهمه السداد والرشاد.
وأنت طبعًا أعرفُ بمصلحتك، فإذا كان الوالد يستطيع أن يعيش بدونك وهناك مَن يخدمه وأنت تتضرر بوجودك في هذا المكان؛ فأرجو أن تختار المكان الذي تُكمل فيه دينك، مع ضرورة الوفاء والتواصل والاهتمام والاستعداد للعودة إلى الوالد متى كان محتاجًا إليك، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.