أريد ارتداء النقاب ووالدي يمنعني منه، فماذا أفعل؟
2020-10-22 02:00:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة جامعية، وتخصصي علمي، مما يضطرني إلى الاختلاط بعدد كبير من الرجال، سواء في الجامعة أو مواصلاتي لها.
اعتدت ارتداء النقاب أو الحجاب الشرعي عندما كنت في إحدى دول الخليج، وعندما استقررت مع عائلتي في موطني رفض والدي أن أرتديه، رغم اقتناعي التام بأهميته ورغبتي الشديدة له ولستره.
والدي ما رفضه بسبب واقعي أو حقيقي، وإنما لأنه في نظره الدين وسطي، ولا حاجه لشيء كهذا!
علماً أن والدتي منتقبة، وكلما فتحت الموضوع تشاجر معي وأغلظ علي وعلى أمي القول، وهددها بخلعه إن أعادت تكرار الأمر.
طلبته بكل الوسائل الممكنة بكل ما أستطيع ولكنه رفض حتى أرهبني من فكرة أن أذكر الكلمة حتى أمامه. الآن والله قلبي يتقطع وينفطر كلما مرت أمامي من ترتديه، وأنا لا أستطيع أن أرتديه.
لا أريده فقط كطاعة بل أريده كحجب عن العودة بالحجاب للوراء، وخوفًا من نفسي الأمارة بالسوء في حجابي وفي ستري.
الآن تيقنت أني لن أرتديه وهو حي يرزق أبدًا، وأحترق كلما شعرت أن هناك من يقيد حريتي وتقربي إلى الله، فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ميمونة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق والخير، وأن يزيدك هدىً وصلاحًا، لقد سعدنا كثيرًا - ابنتنا العزيزة – بما قرأناه في استشارتك من حرصك على العفاف وارتداء الحجاب، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بك، وإن كنت تقصدين بالحجاب مجرد ارتداء النقاب وأن والدك يُريد منك نزع النقاب فقط مع ارتداء باقي الحجاب واللباس الساتر التي تتوفر فيه المواصفات الشرعية من كونه لا يلفت نظر الرجال إليك، ولا يُبدي مفاتنك، إن كنت تقصدين بهذا القدر من الخلاف بينك وبين أبيك؛ فهذا القدر مختلفٌ فيه بين العلماء، أعني: كشف الوجه للمرأة أمام الرجال الأجانب، فأكثر العلماء يُوجبون على المرأة أن تغطي وجهها أمام الرجال الأجانب، وبعضهم يضع لذلك قيودًا إذا خشيت الفتنة، أو خشيت نظر الأجنبي إليها، أو غير ذلك من القيود، وبعضهم يُرخص فيه.
هذا النوع من المسائل هل يجب على الولد أن يُطيع الوالد إذا أمره بما هو مختلف فيه بين العلماء؟ هذا محلُّ خلاف بين العلماء كما قال ذلك الإمام العز بن عبد السلام – رحمه الله تعالى -.
نصيحتُنا لك إذا كان الخلاف بهذا القدر الذي ذكرنا، نصيحتُنا لك أن تُحاولي الاستعانة على أبيك بمن له تأثيرٌ عليه وله كلمةٌ مسموعة عنده، ليُبيِّن له رغبتك في الحجاب، وأن هذا أطهر لك، وأن المخاوف التي قد يتخوّفها الأب عليك مجرد أوهام، وأن الله تعالى سيحفظك بهذه الطاعة، ونحو ذلك من الكلام الذي يُزيل عن الأب ما قد يكون في صدره من المخاوف، وأكثري من دعاء الله تعالى أن يشرح صدره لذلك.
إذا لم يُجبك إلى ذلك ورأيت أن مصلحتك في ارتداء النقاب وأنه لا ضرر عليك من قِبل الأب، فلك أن تُخالفيه، وليس عليك إن شاء الله إثمٌ لما نراه ونلمسه في الواقع من أوجه الفساد.
أمَّا إذا خشيت على نفسك ضررًا من أبيك فلك أن تأخذي بقول العلماء الذين يُجوزون لك في هذه الحالة طاعة الوالد، وأن تجعلي هذه الطاعة بالقدر الذي يرفع سخطه ومخالفته، بحيث ترتدين ما تشائين إذا غبت عن وجهه.
هذا كلُّه إذا كان الخلاف بينكما في هذه الحدود التي ذكرناها، أمَّا إذا كان يطلب منك كشف شيء زائد عن وجهك فهذه معصية لم يُجوزُها العلماء، فليس له عليك طاعة فيها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الطاعة في المعروف).
لا يخفى عليك – أيتها البنت الكريمة – ما يُحيط بالبنات والنساء من المفاسد الكبيرة بسبب اختلاط الرجال بالنساء، وعدم ارتداء النساء للحجاب المأمورات به شرعًا، ولهذا نصيحتُنا لك أن تُقدّري الأمر حق قدره، وتحفظي نفسك بما تقدرين عليه من الوسائل، وألَّا تُجاملي أحدًا فيما يقودك إلى الوقوع في معصية الله تعالى، وسيجعل الله تعالى لك فرجًا ومخرجًا، لأنه سبحانه يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
نسأل الله أن يثبتك على الخير.